أكملت زعيمة بورما المدنية أونغ سان سو تشي التي أطاح بها الجيش، شهرها الثالث قيد الإقامة الجبرية السبت، بينما تواجه سلسلة اتهامات جنائية في وقت يبدو أنها في عزلة تامة عن أحداث الفوضى التي تعصف بالبلاد.
وغرقت بورما في العنف منذ أطاح الجيش بالزعيمة الحائزة جائزة نوبل للسلام في انقلاب في الأول من شباط/فبراير، أسدل الستار على تجربة ديموقراطية وجيزة عايشها البلد الآسيوي.
وأشعلت عودة المجلس العسكري إلى الحكم موجة من الاحتجاجات وحملة أمنية قاسية ضد الحركة الداعمة للديموقراطية، قتلت قوات الأمن خلالها أكثر من 750 شخصا، بحسب مرصد محلي.
ومُنعت سو تشي التي تم توجيه ست اتهامات لها تشمل إثارة الفتن بموجب قانون أسرار الدولة البورمي، من عقد لقاءات خاصة مع محاميها.
وأفاد فريق الدفاع عنها فرانس برس أنه سُمح لها بعقد عدة اجتماعات عبر الفيديو فحسب مع محاميها بحضور عناصر أمن على طرفي الاتصالات.
وقال محاميها جين ماونغ زاو لفرانس برس “لم نحظ بفرصة حتى الآن للاجتماع وتلقي أوامر من موكلتنا. كيف يمكننا الدفاع عن المتهمة من دون الحصول على أوامر منها؟”.
وتابع “لدينا قلق بالغ حيال حق المتهمة في الحصول على العدالة”.
وصرّح عضو آخر في فريق الدفاع هو مين مين سو الاثنين أن سو تشي معتقلة داخل منزل في العاصمة نايبيداو حيث قطعت عنها جميع المعلومات المتعلّقة بالاضطرابات التي تشهدها البلاد.
وأضاف “أعتقد أنه لا يمكنها متابعة الأخبار والتلفزيون. لا أعتقد أنها على دراية بالوضع الحالي”.
– رمز الديموقراطية –
قضت سو تشي أكثر من 15 عاما قيد الإقامة الجبرية خلال الحكم العسكري السابق قبل إطلاق سراحها سنة 2010 ووصولها إلى السلطة في انتخابات جرت بعد خمس سنوات من ذلك.
وتراجعت مكانتها دوليا بعد موجة أعمال عنف استهدَفَ خلالها الجيش ذو الغالبية البوذية أفراد أقلية الروهينغا المسلمة المهمّشة وأدت إلى نزوح أكثر من مليون شخص، لكن الانقلاب أعاد لسو تشي دورها كرمز للديموقراطية.
ويقول مو ثوزار من “معهد إسياس-يوسف إسحق” للأبحاث الأمنية والسياسية في سنغافورة “لا بديل عنها، على اعتبار أنها شخصية كان لديها تأثير على الحراك الديموقراطي في بورما على مدى كل هذه السنوات”.
ويشير إلى أنه “حتى وإن لم يتفق الناس مع سياسات الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية (حزبها)، فهناك تأثير للطريقة التي ينظرون إلى أونغ سان سو تشي من خلالها كشخصية قادت المعارضة ورفعت صوتها من أجل الديموقراطية في الماضي، إلى جانب كونها ابنة بطل استقلال البلاد”.
وأقام حزب سو تشي علاقات مع المؤسسة العسكرية النافذة خلال سنوات الديموقراطية العشر التي نعمت بها بورما، لكن العلاقة تدهورت بعد انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر.
فقد حقق حزب الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية فوزا ساحقا في تلك الانتخابات لكن الجيش اتّهمه بالتلاعب بالنتائج وانتزع السلطة بعدما فشلت تحقيقات لجنة الانتخابات في تأكيد اتهامات الجنرالات بالتزوير.
ومنذ توقيف سو تشي قبل 12 أسبوعا، استخدم الجيش القوة القاتلة في الشوارع في مسعى لإخماد الاحتجاجات واعتقل أكثر من 4500 شخص.
وعمل الجيش على ضمان بقاء سو تشي خارج الصورة، بينما كال لها اتهامات بالفساد وغير ذلك.
لكن حتى في حال انقطاعها عن الحراك على الأرض، إلا أن صورها ترفع في كل تظاهرة تقريبا، بينما يطالب المحتجون بإطلاق سراحها.
وقال ناشط يبلغ من العمر 33 عاما لفرانس برس “الأم سو باتت مسنّة الآن وستموت في أي لحظة، لذا علينا تحمّل مسؤولياتنا من دونها”.
وتابع “نؤمن بالأم سو تماما كما تؤمن هي بنا وسنواصل الكفاح إلى حين انتصار انتفاضتنا”.