كما هو معلوم أنّ الفترة الانتقالية هي فترة زمنية يتم تحديد وقتها وطولها حسب الحاجة عند الإنتقال من نظام إلى آخر بشكل غير ديمقراطي ، وهذا يحدث عند وفاة رئيس أو سقوط نظام بثورة مدنية، مثل حالتنا،
تتميز الفترة الإنتقالية بالتركيز على وضع دستور جديد وإصلاح قانوني ومؤسساتي للدولة والتجهيز لانتخابات ديمقراطية ، وبعدها تتوقف هذه الفترة وندخل في الإنتخابات وفي مرحلة البناء الجديدة .
إنّ الفترة الإنتقالية في السودان أوشك زمنها على الإنتهاء ، ومازالت متطلبات الوثيقة الدستورية لم يُنفّذ منها 1٪ بسبب الخلاف الحاد .
أمّا الأحزاب والتي يُفترض جاهزيتها لاستلام السلطة عبر انتخابات في نهاية الفترة الإنتقالية ، فحالها يُغني عن السؤال ! ، فهي مسميّات فقط ، وبالتالي رؤساؤها وزعماؤها لايسند رئاستهم وزعامتهم أي سند ، والحزب كما هو معلوم هو تجمُّع مواطنين يتقاسمون نفس الأفكار ويجتمعون لغرض مشروع سياسي مشترك للوصول بوسائل ديمقراطية وسلمية إلى ممارسة السلطات.
الناظر لحال أحزابنا السودانية أنّه ومنذ زمن بعيد لم يتكرّم معظمها بإقامة أي مؤتمرات تأسيسية تُقنِّن شرعيتها في الحياة السياسية، وبالتالي عدم شرعية وقانونية رؤسائها، إذ كل الذين يعتلون المنابر السياسية من الذين يُسمّون أنفسهم رؤساء أحزاب اليوم ، لم تأت بهم قواعد تلك الأحزاب بالإنتخاب!. ، ورغم ذلك تملأ تصريحاتهم القنوات المحلية والإقليمية ويُطالبون بالشرعية ! ، وهم أنفسهم لم يدخلوا الساحة السياسية عبر تلك الشرعية المُفترَي عليها ! .. وفاقد الشيئ لا يعطيه !… إذ كيف لمن سمّى نفسه ، بل نصّب نفسه رئيس أو زعيم حزب وهو لم يتم إنتخابه من داخل مؤتمر تأسيسي أو جمعية عمومية لذلك الحزب !!.. راجعوا أسماء كل من يدّعون قيادة الأحزاب السودانية اليوم ، القديمة والحديثة … من الذي انتخبته جماهير الحزب ليتكلّم بإسم ذلك الحزب ؟ !!!.
لذلك كتبنا أنّ هذه الفترة الإنتقالية، عندما سمّوها إنتقالية ،لأنها تُدار بالحد الأدنى المتفق عليه … هي ليست لمشاركة الأحزاب في الحكومة ، وليس لها حق وجوبي أن تشارك فيها ، هي فترة مؤقتة لترتيب البيت السوداني ، والإعداد للإنتخابات ..والإنتخابات هي مثل الإمتحانات… طلّابها الممتحنون هم الأحزاب!…. فهل يجوز مشاركة أولئك الطلاب في إعداد أوراق الإمتحانات؟! . لذلك فإنّ دور الأحزاب في الفترة الإنتقالية هو إعداد نفسها ، والمذاكرة الجيدة للإمتحان ، بحصر عضويتها وحشدها، وعكس برامجها، وقيام مؤتمراتها وجمعياتها وانتخاب لجانها التنفيذية واعتماد دساتيرها ولوائحها من داخل تلك المؤتمرات، واستخراج شهادات تسجيلها وتجهيز دُورِها وتهيئتها لممارسة نشاطها السياسي .
وفي ظل هذا الوضع الغير قانوي لمعظم تلك الأحزاب ومن يدّعي رئاستها… تقع اللائمة الكبرى على المراقبين للشرعية الدولية.. مثل الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي ، من خلال ما يُطلقونها بالمبادرة الأممية التي” تقعد وتقوم” مع زعامات ” عُمَد بلا أطيان”.. ولا أرضية، دون التأكد من مصدر تلك الشرعية ! وذات الحال ينطبق على الإعلام، وخاصةً القنوات العربية .. إذ كيف تسمح لكل من هبّ ودبّ أن يتحدث في شأن الأحزاب ، وهو لم يكن له أي وضع شرعي يسمح له بذلك؟!.. كان حريٌّ على المبادرين والأجهزة الحسّاسة أن تتحرّي من هويّة أولئك ووضعهم الشرعي ، وطلب شهادة تسجيل الحزب المنتمين إليه أولاً ، والتفويض المكتوب من المكتب التنفيذي لذلك الحزب الشرعي ، كيف لا وإذا كان أحد من يدّعي أنّه قائد لحزب يُوقِّع على اتفاق… ولم يجف مداد توقيعه ، إذ يظهر الحزب المعنى بأنه لم يُفوِّض ذلك القائد !!
على الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي ، إن كانا جادين في إصلاح الحال السوداني وقلوبهم على السودان ، أن ينصحا الأحزاب السودانية بتوفيق أوضاعها بإنشاء مؤتمراتها التأسيسية التي تأتي للمشهد السياسي بزعماء حقيقيين…… لا صوريّين…. يخجل المشاهد ويشمئز لمجرّد ظهورهم على الشاشات الفضائية، وهم لا يطيقون طلّتهم … دعك من سماع حديثهم !.
نقول لعُشّّاق القيادة والريادة وحب شهوة السلطة :
أتْقَلوا شويّة.. وانتظروا الإنتخاب… ثم تعالوا بالباب… حينها “نُبشِّر فوقكم”….. وإلّا….
و الإختشوا ماتوا
اللواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب