الخرطوم – قرر المعتصمون أمام القصر الجمهوري بوسط العاصمة السودانية الخرطوم البقاء حتى رحيل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وحكومته، فيما دعا مناصرو الحكم المدني إلى مسيرات الخميس المقبل في كل مدن السودان.
وقطع أحمد جمعة حوالي ألف كيلومتر للمطالبة “بحكومة عسكرية” وهو يعتصم منذ ثلاثة أيام مع مئات آخرين أمام القصر الجمهوري. وجاء جمعة، وهو مزارع في الخامسة والستين، السبت من إقليم دارفور الذي مزقته الحرب لسنوات طويلة، ليجلس مثل المئات من المعتصمين تحت خيام أو في ظل شجرة للضغط على الحكومة التي تواجه أزمة اقتصادية متردية وتعرضت قبل وقت قصير لمحاولة انقلابية.
ونظم أنصار الحكم العسكري الاعتصام بشكل جيد استعدادا لاستمراره في العاصمة، التي باتت ساحة اختبار قوة بينهم وبين مؤيدي الحكم المدني.
ويتولى رجال يعملون مع شركة نظافة خاصة ويرتدون زيا موحدا كنس الشارع الذي يؤدي إلى القصر الرئاسي، ويقع الشارع وسط منطقة الاعتصام وأقيمت على جانبيه خيام بيضاء.
وعلى بعد مسافة صغيرة، يتم العمل في مطبخ كبير في الهواء الطلق، تحت أعين أحمد آدم أحد المشرفين على إعداد الطعام للمعتصمين.
عبدالله حمدوك: الأزمة السياسية الحالية هي “الأسوأ” منذ إسقاط البشير
وبين زجاجات الزيت وأكياس الخضروات والأرز وعبوات المياه المعدنية، تحدث آدم إلى فرانس برس شارحا أن مطبخه “يستقبل تبرعات بمواد إعداد الطعام من أفراد وجهات وكذلك من اللجنة المنظمة للاعتصام”.
وفي وجبة الفطور صباح الاثنين، كان هناك لحم وفول وفلافل وعدس ضمن قائمة الطعام التي تعدّ ثرية في بلد مثل السودان يعاني من آثار النزاعات ويعدّ من أفقر بلاد العالم، حسب الأمم المتحدة.
وفيما تنطلق أغنيات وطنية من مكبر صوت وسط الاعتصام، يقول محمد عيسى ذو السبعة والخمسين عاما والذي جاء من القضارف بشرق البلاد “كل شيء منظم جدا، يقدمون لنا الطعام ومياه الشرب”.
ومن وقت إلى آخر يتقافز شباب صغار إما لتوزيع وجبات على المحتجين وإما لإنزال خيام جديدة وصلت لتوها.
وأكد عثمان ميرغني المحلل السياسي لفرانس برس أن هذا الاعتصام الذي بات يطالب اليوم بإسقاط حمدوك لا علاقة له “بالثورة” التي أطاحت بنظام عمر حسن البشير الدكتاتوري في أبريل 2019. وقال “الانتفاضة التي أطاحت الدكتاتورية كان تمويلها تمويلا ذاتيا، لكن هذا الاعتصام صنيعة جهة رسمية ولذا هناك شبهة بأن تمويله من هذه الجهة الرسمية”.
وكان أغلب المشاركين في احتجاجات 2019 من النساء والشباب. ووسط المعتصمين تجلس بائعات الشاي والقهوة بأثوابهن السودانية التقليدية التي تغطي كل أجسادهن كما اعتدن العمل في شوارع الخرطوم.
وكانت مريم إحدى البائعات، تهم بمغادرة مكانها قرب القصر الجمهوري قبل حلول الليل مساء السبت، لكن كل شيء تغير مع بدء الاعتصام. وقالت “صرت أنتظر لوقت أطول في الليل وأحصل على دخل أكثر من ذي قبل”.
ومنذ السبت، يطالب المعتصمون المؤيدون للجيش بإسقاط عبدالله حمدوك الذي عقد اجتماعا طارئا لحكومته، وقال إن الأزمة السياسية الحالية هي “الأسوأ” منذ إسقاط البشير.
ويقول مؤيدو تشكيل حكومة مدنية الذين قادوا الثورة الشعبية، إن الاعتصام هو بمثابة “انقلاب” يتم تحضيره في بلد عرف الكثير من الانقلابات.
ويفترض أن تقوم السلطة الانتقالية المؤلفة من مدنيين وعسكريين بإدارة البلاد إلى حين تنظيم انتخابات عامة في العام 2023.