اكتشفت بعثة بولندية سرقة تمثال أثري في منطقة بالخرطوم. وشرعت مفتشة آثار مرافقة للبعثة فورا في الاجراءات القانونية وفتح بلاغ في قسم شرطة سوبا بالخرطوم، بعد اكتشاف سرقة التمثال الاثري الذي عثرت عليه البعثة البولندية في منطقة سوبا.
وفي التفاصيل ان بعثة متخصصة في البحث والتنقيب عن الآثار ظلت تعمل في مجالها بمنطقة سوبا منذ فترة طويلة، وعثرت قبل يومين على عدد من الآثار الصغيرة ومعها قطعة كبيرة أشبه بـ (التمثال) واستمر عمل البعثة امس حتى وقت متأخر من الليل، وقرر أفراد البعثة الإبقاء على الآثار التي عثروا عليها في مكانها بشكل خفي حيث تم دفنها على ان يعودوا صباح اليوم التالي لترتيب نقلها بعد شروق الشمس، ولكن كانت المفاجأة عند حضورهم في الصباح، لم يعثروا على الآثار التي تم دفنها بعناية.
وقامت مفتشة الآثار المرافقة للبعثة البولندية على الفور باتخاذ الإجراءات القانونية ابتداءً بفتح بلاغ لدى قسم شرطة سوبا للعثور على هذه الآثار والقبض على الجناة.
وقال مسؤول الكشف الاثري بهيئة الاثار والمتاحف يحيى الساوي لمونتي كاروو، ان مسؤولية حماية المواقع الاثرية تقع على عاتق شرطة تأمين السياحة والآثار.
وتتميز منطقة سوبا جنوب الخرطوم، بكونها من المناطق الأثرية التي تعود حضارتها القديمة لمملكة علوة المسيحية وتقود الهيئة القومية للآثار والمتاحف السودانية حملة لإنقاذ ما تبقى من آثار العاصمة الأثرية لمملكة علوة المسيحية، التي تقع على الضفة اليمنى للنيل الأزرق، الذي يمثل الأثر الوحيد المتبقي من تلك المملكة، بعد تعرضه للدمار بسبب التعديات والتغول والتمدد العمراني، ما تسبب بضياع 70 في المئة من أراضيها وتهدف الحملة إلى الحفاظ على بقية آثار المدينة التاريخية الأثرية،
ووقعت أبرز التعديات الحديثة وفق مفتش الاثار الذي تحدث لموقع اندبندت عربية، عندما تم شق ورصف طريق العيلفون الذي شطر الموقع إلى نصفين، ودمر تماماً النصف الشرقي منه، عدا عن منطقة صغيرة تضم إحدى الكنائس الأثرية، ما جعلها معزولة وسط منطقة سكنية. كما خصصت 98 من الأفدنة بواسطة السلطات لمستثمر زراعي، تمدد بأكثر من اللازم وقام بعمل حفريات وآبار للري داخل الموقع.
ويضم الموقع الأخير المتبقي من العاصمة الأثرية، بقايا كنائس وكاتدرائيات قائمة ومخططة وديراً للرهبان، بينما لا يزال الموقع تحت الاستكشاف والتنقيب، إلا أنه تعرض للتغول والتخريب بواسطة مستثمرين ومواطنين عن طريق حيازة الأراضي، بطرق مشروعة وغير مشروعة.
ويرجع تاريخ مملكة علوة المسيحية، إلى العصور الوسطى (500– 1504)، بعد سقوط مملكة كوش، كآخر الممالك النوبية الثلاث، التي اعتنقت المسيحية بعد مملكتي نوباتيا ومقرة، ويرجح أنها وصلت إلى ذروة مجدها في القرن التاسع.
كما عرفت المملكة المسيحية، بكونها دولة قوية متعددة الثقافات، استمرت لما يقارب الألف سنة، أدارها من العاصمة سوبا، ملوك أقوياء وحكام محليون يعينهم الملك. وتميزت العاصمة سوبا بالمساكن الواسعة والكنائس المزدانة بالخضرة والحدائق، وكمركز تجاري مزدهر، تصل إليه البضائع من مناطق الشرق الأوسط، والغرب الأفريقي، والهند والصين، وعرفت القراءة والكتابة باللغتين النوبية واليونانية.
وزار منطقة سوبا الأثرية، العديد من الرحالة الأجانب مثل الفرنسي كايو، وعمل بها عالم الآثار المعروف بيتر شيني في الفترة الممتدة بين 1950 و1952، آخر مدير بريطاني للآثار في السودان الذي قام بالعديد من الحفريات وتوثيقها، وبنى سوراً من الأعمدة، حدد به المنطقة