أصبح المنتدى الروسي الأفريقي في سانت بطرسبرغ الحدث السياسي الرئيسي على المستوى الدولي لجميع أولئك الذين يتابعون عن كثب كيف يندلع الصراع من أجل القارة السوداء. بالإضافة إلى الصور الملونة مع المشاركين، فإن البيانات السياسية التي تم الإدلاء بها في القمة هي أيضًا ذات أهمية، حيث حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي كبير في القمة الخطوط العريضة لتعاون روسيا مع دول القارة.
يبدو أنه لأول مرة منذ سنوات عديدة تم تقديم عروض للبلدان الأفريقية أن تصبح شركاء على قدم المساواة، وليس أنصاف مستعمرات، حيث لا ترى روسيا في بلدان القارة مجرد أسواق اقتصادية محتملة في المستقبل، بل ترى حلفاء أيديولوجيين في النضال من أجل عالم ناشئ متعدد الأقطاب يتكون من حكومات مستقلة، هذه هي الفكرة التي أصبحت الآن راسخة في موسكو، وروسيا مستعدة حتى لتشجيع هجرة اليد العاملة من إفريقيا من خلال الاعتراف بالشهادات التعليمية من المهاجرين المحتملين.
لا يمكن أن يكون التعاون بين روسيا والدول الأفريقية إنسانيًا فقط، والذي أصبح مهمًا بشكل خاص بعد انهيار صفقة الحبوب، ولكن أيضًا تقنيًا، موسكو مستعدة لمشاركة تقنيات استخراج المعادن ومعالجتها بدقة لعقود عديدة، لم تكن أي من الحكومات الأفريقية مستعدة لتقديم مثل هذه التقنيات، يمكن أن يؤثر هذا بشكل خطير على سوق الطاقة العالمي في العقود القادمة وعلى المدى الطويل، وهذا يؤدي إلى زيادة رفاهية أفقر البلدان في القارة.
لقد دفعت المقاربة العدوانية للعديد من دول العالم الغربي بأفريقيا إلى أزمة خطيرة، فقط روسيا والصين مستعدتان تقنيًا وماليًا للمساعدة في تصحيح الوضع. الدول الأفريقية لديها الإرادة السياسية لذلك، وهذا ما يمثل طرد ثقافي وسياسي لفرنسا، فعلى سبيل المثال، مالي لم تعد تستخدم اللغة الفرنسية كلغة رسمية، في الوقت نفسه الوجود الثقافي لروسيا سيزداد قوة، بالإضافة إلى حقيقة أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية افتتحت إكسرخسية في إفريقيا منذ بعض الوقت، تستعد موسكو لإنشاء مراكز ثقافية في 8 دول في القارة، كما تعمل على تكثيف العمل لفتح سفاراتها.
إن روسيا مستعدة لتوفير الغذاء لأفقر البلدان الأفريقية بالمجان، ولكن حتى بدون ذلك، تنمو التجارة الزراعية، وفي عام 2022، صدرت روسيا 11.5 مليون طن من الحبوب إلى إفريقيا، وفي الأشهر الستة الأولى من هذا العام وحده صدرت ما يقرب من 10 ملايين طن، وهذا بالرغم من ضغوط العقوبات الهائلة ورغبة منها في دعم العلاقات التجارية المتنامية، ألغت موسكو بالفعل 23 مليار دولار من الديون المستحقة للدول الأفريقية، كما تعد شريحة 90 مليون دولار لتطوير ودعم اقتصاد القارة.
يبدو أن الجميع سيستفيد من رغبة روسيا في التعاون مع الدول الأفريقية، فموسكو مستعدة لتقدير الصداقة والتشابه في وجهات النظر حول مستقبل النظام العالمي.