تصاعدت المخاوف من مخاطر استخدام الزئبق في التنقيب عن التعدين على صحة السودانيين، وسط مطالبات بالبحث عن بدائل للحد من التداعيات السلبية والأضرار الصحية الناجمة عن هذه الظاهرة. ورغم التحذيرات المتكررة ما زال مئات آلاف المواطنين في السودان يندفعون لاستخدام هذه الطريقة للتكسب من ورائها في ظل تدهور الاقتصاد وتفاقم الأوضاع المعيشية.ونبه رئيس اتحاد التعدين التقليدي، مبارك عباس، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى خطورة التنقيب العشوائي عن الذهب باستخدام الزئبق، كما كشف عن وجود معدنيين يستخدمون الزئبق في استخلاص الذهب داخل مياه نهر النيل.
وأقر عباس بانتشار كميات كبيرة من الزئبق دون رقابة مؤهلة علميا، كما أن الشركات التي تعمل في المخلفات “الكرتة” تفرز نفايات وأتربة ملوثة تجرفها السيول إلى داخل مياه نهر النيل.
وطالب بتشكيل لجان مشتركة تكون مسؤولة عن تصديقات التعدين في القطاع الأهلي تحدد من خلالها مساحات الحفر وضوابطه، وقال إن هناك مربعات ممنوحة للشركات لفترة تجاوزت الثماني سنوات وهي غير منتجة مضيفاً، يجب ألا تتعامل الحكومة مع التعدين الأهلي على أنه مورد لها فقط.
ورغم تلك التحذيرات يتدفق السودانيون على التنقيب غير مبالين بما يحدث، وحسب تقارير وزارة المعادن السودانية يعمل نحو مليون شخص إلى جانب 5 ملايين آخرين في مهن مصاحبة للتعدين في أكثر من 266 موقعا.
واستطاع التعدين التقليدي تقليل حدة الفقر لدى بعض المناطق، وأيضا حد من هجرة الريف إلى المدينة وساهم في زيادة الصادرات رغم أنها بصورة غير رسمية.
وفي هذا السياق، أكد عضو اتحاد التعدين الأهلي، بابكر عبد الوهاب، لـ”العربي الجديد” أن حياة الناس تغيرت من الناحية المادية، كما أن مجال التعدين ساهم في التقليل من نسبة العاطلين عن العمل.
وتشير المتابعات إلى أن هنالك ملايين المواطنين يتعاملون مباشرة مع الزئبق في المناجم لتنقية الذهب. وشهدت الفترة الأخيرة تزايد الشكاوى من قبل مواطني بعض الولايات التي يوجد بها تعدين تقليدي “الولاية الشمالية وشمال كردفان” من استخدام مادة الزئبق، وتفيد المتابعات بأن المعدنيين التقليديين يتعاملون بطريقة عشوائية مع الزئبق دون وجود رقابة وضوابط من جانب الجهات المختصة. وتسعى وزارة المعادن إلى إيقاف استخدام الزئبق بعد أن صادقت على اتفاقية “ميا ماتا” الخاصة بوقف استخدام الزئبق في التعدين التقليدي.
وحذر خبراء ومختصون في البيئة من الاستخدام العشوائي لمادة الزئبق في التعدين التقليدي، مشيرين إلى وجود مخاطر مؤكدة لهذه المادة على صحة الإنسان والبيئة معا. وكانت وزارة المعادن أعلنت استكمال عمل لجنة مختصة بحثت المخاطر الصحية والبيئية بمناطق التعدين التقليدي للذهب بولايات السودان.
وحسب دراسات وتقارير رسمية، فإن استخدام مادة الزئبق تهدد حياة الآلاف من عمال المعادن ويعرضهم للخطر عبر التأثيرات السلبية على الصحة العامة والتسبب في أمراض خطيرة.