نحن الآن أمام حالتين من الإصرار الأولى / إصرار الشباب على الخروج للتظاهر في الشوارع والثانية إصرار السلطة على مكافحة هذا الخروج بالوسائل الأمنية خلال التظاهرات بالمطاردات والاعتقالات وإغلاق الطرق والكباري وإغلاق حتى الإنترنت قبلها وكلها طرائق تثبت الأيام المستمرة عدم جدواها مع تزايد درجات خسائرها يوماً بعد الآخر، سواء في الأرواح والأبدان أو الممتلكات ولابد – بالتالي- من التفكير في طريقة جديدة والبحث حل عن آخر لهذا الوضع الذي يزداد تعقيدا مع الأيام.
إن الحل الوحيد الذي أرى أنه يمكن أن يقود للتهدئة وحفظ البلاد والعباد هو التواصل مع ممثلي هؤلاء الشباب والحوار المباشر معهم، وبما أن هناك جهات تقف وراء الدعوات لهذه التظاهرات وتنجح في إخراج الشباب كل حين وبهذه المستويات المقدرة، فلابد من الجلوس إليها والتفاوض معها حول مطالب الشباب.
هناك لجان للمقاومة تدعو صراحة للتظاهرات وتحدد مسارات الحركة ومواقيت الانطلاق وتتم الاستجابة لها بشكل تام وهي بهذا التأثير (جهة اعتبارية) يمكن أن تمثل الشباب ويجب التواصل معها للوصول معها إلى حلول.
إن لم يبدأ التفاوض والحوار اليوم مع من لهم تأثير على الشارع وعلى الشباب فإنه يصبح صعبا في غد وكلما تعسرت الحالة وزادت الخسائر في الأرواح والأبدان والممتلكات تعذر الوصول إلى حلول والى اتفاق من بعد.
إن الحالة الراهنة نفسها تزيد من الفجوة والمسافة بين الشباب من جهة وبين القوات النظامية من جهة أخرى وتهز كل يوم الثقة في السلطة القائمة وهي حالة خطيرة وفي طريقها إلى أن تصبح حالة من العداء المستديم بين الطرفين ولابد من تطويق هذه المشاعر السالبة قبل أن تستفحل وتخرج عن السيطرة
صحيح، بالنظر والاستماع إلى الشباب المتواجدين في الشوارع اليوم نجد أن سقوفات المطالب عالية ومنها تسليم السلطة بالكامل للمدنيين وانسحاب المكون العسكري بالكامل من المشهد ولكنها مطالب يمكن التفاوض حولها والوصول إلى توافق معقول فيها والإجابة على أسئلة مهمة مثل متى يسلم العسكريين السلطة ؟وكيف ؟ولمن من المدنيين يتم تسليم السلطة ولماذا ؟!
إن السلطة القائمة (عسكرية وبعض مدنية)هي نتاج ثورة هؤلاء الشباب وهذه البلاد بلادهم، ولا أحد يزايد عليهم لا في الأولى ولا في الثانية، لذا هم أولى بالجلوس إليهم والتحاور والتفاوض معهم حول راهن ومستقبل البلد.
افتحوا القاعة الكبرى بقاعة الصداقة بالخرطوم ولتأت المنسيقات وممثلي لجان المقاومة من الكلاكلات وحتى الكدرو، ومن شرق النيل إلى أمبدات بأم درمان، وتدخل في تفاوض مباشر مع قادة المكون العسكري حول مسار الفترة الانتقالية ومستقبلها.
يجب أن يكون للجان المقاومة وشباب الثورة رؤية واضحة وتصور تام للحل ويجب أن يكون لدى المكون العسكري الاستعداد الكامل للتفاوض حول مطالب الشباب والجاهزية القصوى لتتفيذ ما يتم الاتفاق حوله.
إن الأكثر أولية الآن من السلطة، إيقاف أي ضرر يمكن أن يلحق بالبلد في الممتلكات العامة والخاصة والأولى، أيضا الحفاظ على الناس في كل جانب – في الأبدان وفي الأرواح وأي خسارة وبأي درجة من الدرجات هي خسارة للجميع – أي إتلاف أو إصابة أو شهادة يجب أن تتوقف الآن ويذهب الجميع للحوار المباشر
تسلم السلطة للمدنيين -؟ لم لا -؟! لا احد منتخبا أصلا في السلطة في القائمة لكن التسليم نفسه لابد له من ترتيب لأن الأمر تترتب عليه مسؤولية بلد كاملة، من قرورة للجنينة ومن حلفا حتى جودة، فالسودان ليس الخرطوم وحدها، وهذا التعقيد في المشهد والتركيب للبلد في حاجة إلى حوار وإلى حلول.
في تقديري إن الحوار مع لجان المقاومة وهم ممثلي الشباب على أرض الواقع هو التصحيح الحقيقي لمسار الثورة والعودة المثلى لمنصة التأسيس الحقيقية، وهو حوار مباشر بين العسكر وشباب الثورة وما دونه اليوم من حوار بين بعض الأحزاب السياسية والدكتور عبد الله حمدوك لن يوصلنا إلى حلول ولا إلى شيء وإن أتفق مع الأحزاب كلها وأكمل تكوين حكومته!.