تشهد التظاهرات في محيط القصر الرئاسي في العاصمة السودانية، الخرطوم، اشتباكات وكر وفر بين قوات الأمن والمحتجين المطالبين بإسقاط الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش منذ عام.
وبحسب شهود عيان تحدثوا مع موقع “الحرة”، فإن الجيش أطلق القنابل الصوتية في الهواء والغاز المسيل للدموع بكثافة بالإضافة إلى رش المياه على المتظاهرين في محاولة لتفريق الاحتجاجات.
وقال المتظاهر عمر هنري، من أمام القصر الرئاسي، مقر الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد “انقلاب” 25 أكتوبر 2021: “نحن الآن في الشارع المؤدي للقصر الرئاسي، قوات الشرطة والجيش متواجدة بكثافة واستقبلتنا بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية”، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الإصابات بالاختناقات.
وأشار هنري، وهو أحد شباب مقاومة جنوب الخرطوم، إلى أن معظم المصابين يعالجون ميدانيا وبعضهم يتم نقلهم إلى المستشفيات.
وأضاف:”تحركنا بمطالبنا الواضحة وهي إسقاط الانقلاب كليا وتسليم السلطة للمدنيين، ونحن مصرون في الوصول إلى القصر الرئاسي وسوف نكسر الطوق الأمني”.
وأكد أن الإنترنت لا يزال مقطوعا، “لكننا نتواصل مع بعضنا من خلال المكالمات الهاتفية التي لا تزال تعمل”.
وقالت “إيمان”، 24 عاما، المتواجدة في التظاهرات: “مطالبنا هي الحرية والعدالة والديمقراطية، وحق الشهداء ووطن كريم معافى من كل الجروح وكل المشاكل القبلية والتخلص من نظام دام ثلاثة عقود من العنف والقتل والاضطهاد”، مشيرة إلى أن متوسط أعمار المتظاهرين من 18 إلى 35 عاما.
وأضافت “إيمان”، التي طالبت بذكر اسمها الأول فقط، خلال حديثها مع موقع “الحرة”: “أعلم أن وجودي في التظاهرات مغامرة، لكنني مستعدة للموت من أجل هذه المبادئ، وسنتحمل كل شيء لتحقيقها”.
وقال توفيق إبراهيم: “نحن على بعد 20 م فقط من القصر الرئاسي، تم رشنا بمياه مخلوطة بمواد كيماوية، والعربات المدرعة وسيارات الشرطة متواجدة بكثافة.
وأشار إبراهيم لموقع “الحرة”، إلى أن هناك حالة من الكر والفر والاشتباكات بين قوات الأمن والجيش من جانب والمتظاهرين من جانب آخر، وهناك اعتقالات في صفوف المحتجين.
أما الشاب يوسف كاردتنو، فقال لموقع “الحرة”: “نحن في موكب 25 أكتوبر لإسقاط هذا الانقلاب الفاشل، ونعمل على وثيقة مشتركة نستفتي فيها كل الشعب السوداني وتعديل الدستور، وإجراء انتخابات عامة وتسليم السلطة للشعب، والوصول إلى دولة مدنية تحت قيادة مدنية، وإصلاح المؤسسات العدلية والعسكرية”.
ولم تؤكد لجنة أطباء السودان وقوع إصابات حتى اللحظة، لكنها حثت، الثلاثاء، “جميع أطباء بلادنا للمرابطة غداً بالمستشفيات”، وحذرت “قوات الانقلاب من استعمال العنف في مواجهة الثوار السلميين، ونؤكد بأننا سنرصد أية انتهاكات تحدث ليمثل ذلك شهادة تدين هذه القوات”.
في مثل هذا اليوم من العام الماضي، تراجع البرهان عن كل التعهدات التي كان اتخذها قبل عامين بتقاسم السلطة مع المدنيين تمهيدا لانتخابات حرة في السودان.
وأمر حينها في ساعات الفجر الأولى، باعتقال كل القادة السياسيين والوزراء المدنيين في الحكومة، واستأثر الجيش بالسلطة.
ومنذ ذلك الحين، ينقطع الاتصال بالإنترنت في الوقت الذي يُنظّم فيه أيّ تحرك ضدّ الانقلاب، كما هو الحال الثلاثاء.
واستقبلت السلطات الأمنية بولاية الخرطوم التظاهرات، بإغلاق كافة الجسور التي تربط مدن العاصمة الثلاث بالإضافة إلى إغلاقها طرقاً رئيسية مؤدية إلى القيادة العامة للجيش.
وغرد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قائلا: “حان الوقت الآن لإنهاء الحكم العسكري”.
ودعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، السلطات السودانية إلى ضمان ممارسة الناس حقوقهم في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير، والتأكدّ من امتناع القوات الأمنية عن استخدام القوة التي شابت الاحتجاجات سابقا.
وحثت المفوضية السلطات العسكرية على ضمان التعجيل بالتحقيقات الجارية في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في أعقاب الانقلاب وإجرائها في إطار الامتثال الكامل للقواعد والمعايير الدولية، ومحاسبة جميع من تثبت مسؤوليتهم عنها.