الخلاف واضح والانقسام أوضح داخل الحرية والتغيير


رحم الله الامام الصادق المهدى
اقتباس ( تواصلت معي الصديقة رباح الصادق المهدي بشكل مباشر ورسمي للمشاركة في ورشة تنظمها صحيفة الديمقراطي وبالتعاون مع الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، بخصوص تقييم اداء الحرية والتغيير، وكان مقررا لها في الفترة من ٢ الى ٦ يوليو، وكنت خارج البلاد، واخبرتها بذلك، ولم تكن هذه المرة الاولى التي اسمع بها بالطبع عن نية الحرية والتغيير، مجموعة المجلس المركزي؛ في اقامة ورشة لتقييم تجربتها، في اطار نقد ذاتي أوسع مما ظل يتردد على لسان كثير من قادتها مؤخرا لما يسمونه (بعض) الاخطاء التي صاحبت اداءهم،
فبأكثر من طريقة قد استمعت لهذه الدعوة ومشاركة اسماء كنت انا من ضمنها من قبل كثيرين،
لكن ما يهمني فعلا أنني عرفت بالدعوة من “المقاتل” شهاب الطيب الذى يشغل الان الموقع الذى استقلت عنه فى حزب التحالف الوطني السوداني (كمسؤول سياسي)، واستقالتي كانت بسبب التباين داخل المكتب التنفيذي للحزب، حول الموقف من الحرية والتغيير، وهو خلاف قديم عن مشاركة الحزب في السلطة وفق مشاركة الاخرين (كأمر واقع) كما تم الترويج له، وليس كموقف سياسي مبدئي، ولكن وفق دعاوي تداخل فيها الطموح الفردي مع الرغبة في انقاذ الوضع في تشريح السياسة كفن للممكن، وهو في رأيي لا ينطبق على الثورة كفن لصناعة ممكن جديد، لا القبول بما هو ممكن موجود ،
قصدت من خلال هذا السرد توضيح طبيعة الاختلاف داخل كل قوانا السياسية وتباين وجهات النظر حول مسائل وان بدت واضحة ومبدئية الا ان التحايل عليها ظل ممكنا ومشروعا، ولم يكن التحالف الوطني استثناءاً، رغم وضوح مواقفه التي ظلت متمسكة بضرورة الاصلاح المؤسسي للحرية والتغيير، والتي كان التعبير الاوضح لها طرحه لمصفوفة اولويات الثورة في يونيو ٢٠٢٠م ، وخطه كتجربة سياسية جديدة، ويمكن ايضا الاشارة هنا لكون الصراع بين تيارين داخل الحركة السياسية اتجاه ادارة الانتقال من خلال الموقف من مشاركة عضويتها في السلطة الرسمية (المناصب التنفيذية الدستورية)، والالتزام بنص وروح الوثيقة الدستورية حول تشكيل حكومة كفاءات مستقلة قد طال حتى الاحزاب الاربعة التي اختطفت الحرية والتغيير (الامة، التجمع الاتحادي ، المؤتمر السودانى والبعث الاصل) ، ولعلّ الاوضح هنا موقف الامام الصادق المهدي الصارم ومطالبته كرئيس لحزب الامة للولاة من حزبه المعينين في قائمة المحاصصة تلك، بعدم قبول التكليف او الاستقالة من الحزب، وهو استمرار لمواقف الامام السابقة، وفي مقدمتها اعتراضه المبدئي سابقا داخل مداولات نداء السودان حول المحاصصة ورفض المحاصصة (الخفية) كما اسماها، ولا زلت اتذكر رده لمريم المنصورة في ذلك الاجتماع عندما اعترضت قائلة؛ هل هذه مكافاة اعضاء الاحزاب أن يتم عزلهم وهم مناضلين وبينهم اكفاء؟ اذ قال وبصوت حاسم (الحزبي يكافأ بالانتخاب)، وهي اجابة حسمت رغبة الدقير في تبني نداء السودان لترشيحه كرئيس للوزراء، وفق ما راج وقتها ،
اذا كان هناك قيمة لاي تقييم ونقد لاداء القيادات والافراد الذين تصدروا المشهد في الفترة السابقة فأولى بكل هذه القوى اطلاق الاصوات التي تم قمعها لغياب المؤسسية داخل مكونات الحرية والتغيير منفردة، وليست اكبر من صوت الامام حكمة وتجربة كانت لتوقينا عثرات الانتقال، واقول هذا وانا في الجانب الاخر منه فكريا، ولكن صوته لم يسمع حتى داخل حزب ظل الاتهام الدايم له بانه حزب طاعة! وياليتنا استمعنا اليه فقط: منذ ان دعى بعد الحادي عشر من ابريل لضرورة تكوين مجلس قيادي للحرية والتغيير بدلا من حالة السيولة التي دفعت بالافراد امام مؤسساتهم، وبالطموح امام الرؤى والسياسات. ويمكننا ان نتخيل كم من الاصوات داخل كل الاحزاب والمكونات المدنية قد غلبها تيار السلطة هذا، الآفة التي هددت الانتقال ونالت منه قبل ان يتناوله طموح العسكر او مخاوفهم من التغيير
لا اعتقد ان هذه الطريقة السليمة لتقييم التجربة، فلا الحرية والتغيير المختطفة استمعت للنصح عندما كان سيفيد، ولا اظنها تريد بهذا الان ان تحاكم تجربتها، واعتقد جازما انها قفز على استحقاقات للمراجعة كانت احزابنا ومؤسساتنا السياسية اولى بها منفردة، فلسنا الان امام ترجيح تقديرات لما يمكن ان يحدث، ولكنا امام حكم على ما حدث، وان كان الاختلاف حول التقديرات مشروع في اطار مسؤولية الافراد والمؤسسات حول خياراتها، فالمغالطة حول النتائج شروع في اسقاط المحاسبة وتحمل المسؤولية، ولما كان نقدي مبذول لما تم من قبل رفاق واصدقاء اغلب انكرهم اي حق لي في التقدير، ولا اظن ان بامكانهم الان انكار حق الجميع في الحكم عليهم
اما صديقي شهاب ورفيق نضالي، وكغيره من رفقاء هذا الدرب، فكان اولى به الاستماع لي داخل حزبنا بدلا عن النضال لاسماع صوتي خارجه، كما كان اولى بهؤلاء الرفاق الاستماع لنصحي وانا معهم داخل الحرية والتغيير، قبل انزعاجهم مني وانا خارجها، وان كان صوتي في الشان العام مبذول بين الناس بما اعرفه وبما اعتقده، لا تحيطه اي من جدر ممارسة سياسية لم أومن بها طول انشغالي بالشان العام؛ وان تبقى من العمر ساعة ساعمل على محاربة الجهل والخرافة في ثوبها الجديد وزيها الحديث )، انتهى الاقتباس ، وارجو الا يكون مخلآ ،
المقاعد محدودة .. و المشاركة للمدعويين فقط ، مع الاسف اضاعت مجموعة المركزى فرصة قيمة اتاحتها صحيفة الديمقراطى ، و كان يمكن من خلال هذه الورشة تجسير و ترميم ما تكسر بين قوى رئيسية من قوى الثورة ، بالطبع لم تقدم لها دعوة جادة ، لان تقييم اداء الحرية و التغيير و الحكومة التنفيذية لا يمكن ان يتم فى غياب فاعلين رئيسيين كانوا جزءآ من الاداء ، و على الاقل كان يمكن دعوة قيادات جهرت برأيها منذ وقت مبكر ( قبل ان تقع الفاس فى الرأس ) ، ولولا العزة بالاثم كان يمكن الاستماع اليها ، و اجدنى اتفق مع الاستاذ محمد فاروق فيما كتب ( لزوم .. ما لا يلزم ) ، لكن مجموعة المركزى ( اربعة طويلة ) لا تحتمل اى رأى آخر حول اداءها ، المصداقية كانت تقتضى ان تقدم مجموعة المركزى تقرير اداءها و تترك للآخرين مناقشته وابداء الراى حوله ،
مجموعة المركزى تعمل على شرعنة اخطاءها ، و محاولة اخفاءها ، بممارسة تغيب عنها المسؤلية و الشفافية و الخوف من انكشاف خبايا يعتبرونها اسرار وهى ليست كما يتمنون ، هذه محاولة فاشلة لتكريس وضع لم يعد فاعلآ ، الحرية و التغيير الان اضحت مراكز متعددة ، و ليست مركزآ واحدآ ، هذه ملهاة دعائية من مسرح الرجل الواحد لن تنطلى على احد.