إلى الذين يفكرون بالدولار واليورو.. هل فهمتم؟!
يقول الفيلسوف والمفكر الروسى “الكسندر دوجين” مؤلف كتاب “بوتين ضد بوتين” أن الرؤساء أنواع.. بينهم الساذج.. وهناك الفاسد.. وبعض الرؤساء أغبياء يعتزون بغبائهم.. ويرى أن “الاتحاد السوفيتى” إنتهى على يد ساذج اسمه “جورباتشوف” وخسر كل شئ بما فعله “يلتسين” الفاسد حتى جاء “بوتين”!! وهو يرى فى “بوتين” أنه يمثل روسيا الحضارة والتاريخ والقوة والوعى.. ثم يعلن أن ما يفعله الرئيس الروسى حاليا, يمثل إعادة التاريخ إلى مساره الطبيعى.. بعد سنوات عاشها العالم مذهولا مما تفعله به الولايات المتحدة الأمريكية!!
ترى مطابخ السياسة والذين يفكرون للغرب أن “الكسندر دوجين” هو أخطر رجل فى العالم.. ربما لأنه جمع الماضى بين أطراف أصابعه.. إضافة إلى أنه الأكثر فهما للحاضر.. والخطير أنه يقدم المستقبل كما رسمه الغرب بدقة.. وأنه كان مبشرا بأن “روسيا” قادرة على إعادة ضبط “بوصلة التاريخ” فى الوقت المناسب!!
ما يجرى فى العالم.. هو بالضبط ما قاله المفكر والفيلسوف الروسى, الذى تجتهد أمريكا والذين معها للتعتيم عليه.. لكنه فرض نفسه على الدنيا, بما يفعله “بوتين” عندما بعثر كل أوراق المؤامرات.. خاصة وأنه جعل العالم يعيش “الحرب العالمية الثالثة” بقانون الحاضر.. مع الاعتذرا للذين يرونها حربا محدودة.. لأنهم يمثلون “السلفيين السياسيين” ولأنهم “مفكرين سلفيين” لم يشغلهم من الحاضر سوى الدولار واليورو!! وظنى أننا فى مصر وعالمنا العربى أصبحنا نعرفهم جيدا.. لأن هؤلاء خدموا فى بلاط رؤساء سذج وفاسدين وأغبياء!!
المتابع للأحداث – وغير المتابع – يحفظ شكل “الرئيس اليوتيوبر” واسمه “زلينيسكى” الذى ينفذ دون وعى, دوره فى أخطر وأغلى حملة علاقات عامة فى التاريخ.. وتستخدمه أمريكا والذين معها فى تنفيذ أحدث طبعة من طبعات “البروبجندا” المرتبطة باسم “جوبلز” كما يعرفها دارسو الإعلام.. فهذا رجل من نوعية الرؤساء السذج الذين تحدث عنهم “الكسندر دوجين” وشاءت أقداره أن يتصدر الواجهة.. لأن هذه النوعية من الرؤساء تكاثرت فى العصر الحديث!! والمثير للشفقة.. عند أصحاب العقول.. أن تجد قادة وأعضاء برلمانات فى بريطانيا وكندا وأمريكا.. وآخرين.. يتحدثون عن صموده وقيادته لشعبه, وهم يعلمون أن شعبه يغادر وطنه بالملايين.. ويعيش ملايين آخرين فى الخنادق خوفا ورعبا وحزنا مع دهشة من أنفسهم.. لأنهم تركوا أقدارهم بيد هذا الساذج لكى يأخذهم إلى الجحيم!! ليس شعبه فقط الذى تأخذه الدهشة.. بل كل شعوب الكرة الأرضية, التى فوجئت بأن ما يحدث فى “اوكرانيا” يرفع أسعار الخبز والزيت والسكر فى الدنيا.. يهدد الفقراء أن يزدادوا فقرا.. فما فعله رئيس ساذج تعتبره أمريكا والذين معها أيقونة, رفع سعر البترول والغاز والسيارات والذهب.. وجعل الدنيا تقف على أطراف أصابعها!!
الرؤساء الفاسدون ينخرون فى عظام شعوبهم.. والرؤساء الأغبياء يخنقون شعوبهم.. لكن الرؤساء السذج يمكن أن يدمروا العالم, كما فعل “الرئيس اليوتيوبر” بمباركة أمريكا والذين معها.. وهم الذين استثمروا فى الرؤساء الفاسدين وكذلك الرؤساء الأغبياء.. لأنها بضاعتهم التى يروجونها باسم “الديمقراطية” و”الحرية” و”حقوق الإنسان”!! فإذا كان الرئيس فاسد.. أو ساذج.. أو غبى.. يسهل ابتزازه والتلاعب به.. أما رؤساء من عينة “بوتين” فهم يمثلون “الديكتاتورية” ولا مانع من القول أنهم يخشون “الحرية” ويدوسون على “حقوق الإنسان” وأشياء أخرى.. أما محاولة اغتياله معنويا وقتل شعبه وتاريخ بلاده, فهى الصواب بعينه.. حتى لو كان الثمن أن تشقى شعوبهم أنفسهم.. فقد ذهبت أمريكا والذين معها إلى “العقوبات” على روسيا وشعبها.. إرتد السلاح إلى صدورهم.. عاقبوا شعوبهم.. بل عاقبوا شعوب الدنيا.. المهم أن تصدقهم الدنيا وتعتقد أن “الرئيس اليوتيوبر” بدرجة “ساذج” هو بطل آخر الزمان!!
الذين يفكرون بالدولار واليورو.. أصابتهم لوثة!!
هؤلاء باعوا كلماتهم.. لأن ضمائرهم ماتت.. يمضغون فضيحة “بريطانيا” التى دفعت ثمن تحرير اثنين من مواطنيها فى طهران – مقدما – مبلغ وقدره 530 مليون دولار.. لم يخجل رئيس وزراء “بريطانيا” من الاعتراف أن المبلغ حق لإيران كانت دفعته فى “زمن الشاه” نظير صفقة دبابات لم تتم.. وابتلعته “لندن” معتقدة أنها هضمته!! الفضيحة شاهدناها صوتا وصورة, وعبرتها وسائل الإعلام بسرعة.. ويمضغون انتهازية أمريكا التى حركت وفدا رفيعا إلى “فنزويلا” للاتفاق على صفقة بترول, بعد 17 عاما من حصار وتجويع شعبها.. والذين يفكرون بالدولار واليورو.. لم يسمعوا عن فشل مهمة رئيس وزراء بريطانيا فى “أبو ظبى” و”الرياض”.. ولم يشغلهم أن العاصمتين رفضتا التحدث مع “بايدن” سيد البيت الأبيض الأمريكى.. تجاوزوا عن قول رئيس وزراء باكستان “لسنا عبيد أمريكا” واعتقدوا فى أن حملات الترهيب للصين يمكن أن تؤدى إلى نتيجة.. تأخذهم صدمة “بكين” وحكمة قادتها.. يذهلهم موقف “الهند” الذى لا يختلف عن موقفها عندما أعلن “جمال عبد الناصر” تأميم قناة السويس.. والصدمة جعلتهم يعيشون “حالة رعب” لأن ثمن ما فعلوه سيكون فادحا وفوريا.. إذا ما وقعت الواقعة!!
الذين يفكرون بالدولار واليورو.. مذهولين!!
هم يرون بأعينهم أن الدولار واليورو أصبحا فى أزمة.. يخشون أن تنتهى هذه الأسطورة.. الخوف جعلهم يفقدون صوتهم.. وبعضهم تنفلت أعصابه لنراه ونسمعه صارخا.. وهاذيا.. ويختفى من على المسرح الذين كانوا يمارسون الكذب على أنه هواية يملأون بها أوقات الفراغ!!
ما يحدث فى “اوكرانيا” خطا فاصلا بين ما كان.. وما سيكون.. وعلى الذين يحاولون فهمه أو فهموه, الاستعداد لشرحه وتقديم قراءته لأجيال قادمة.. لأن أمريكا والذين معها فى القصور.. لا علاقة لهم بأمريكا والذين معها فى الشوارع.. ظهر ذلك واضحا فى صمت وترقب الشوارع الغربية.. كلهم يراجعون ما فعلته أمريكا بشعب فلسطين.. وشعوب أفغانستان والعراق وليبيا واليمن وسوريا.. وغيرها من شعوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية.. وما كانوا يخططون لفعله فى “حروب بيولوجية” بشعوب العالم من الذين يعتبرونهم ليسوا أحرارا!!
إحترق الذين يفكرون بالدولار واليورو.. أخذت الرجفة الرؤساء السذج.. والفاسدين.. والأغبياء.. وكلهم أمل فى أن تنهزم “روسيا” كما يحلمون.. لكن المفكر والفيلسوف “الكسندر دوجين” يقول أن الدول التى قامت على الحضارة… مستحيل أن تنهزم.. لأن هزيمة الحضارة.. تعنى نهاية الدنيا.. وتلك حقيقة وليست تهديدا.. والحقيقة يعترف بها أصحاب العقول.. ويرفضها الذين لا يعرفون غير سلوك “المرابى” ولا يحترفون غير منهج “اللصوص” من “خدم الملكية والالستعمار”!!
نصر القفاص