أطلقت السلطات المصرية في القاهرة سراح الصحافي المصري محمود حسين الذي يعمل في قناة الجزيرة القطرية والمحبوس احتياطيا منذ أربع سنوات بتهمة “نشر أخبار كاذبة”، وفق ما أفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس.
ولم يعط المصدر مزيدا من التفاصيل. ولم تؤكد قناة الجزيرة بعد الإفراج عن حسين الذي طالبت مرارا بإطلاق سراحه، مشيرة الى أنه لم توجه إليه اتهامات رسمية ولم يقدم الى المحاكمة خلال فترة احتجازه كلّها.
وقال رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان جمال عيد لفرانس برس صباح الجمعة “صدر قرار إطلاق سراحه بالفعل، ولكنه لم يصل بيته بعد وما زال مع أجهزة الأمن”.
وتلي عادة إجراءات أمنية عدّة قرارات إطلاق سراح السجناء، تشمل نقل السجين الى إحدى مديريات الأمن أو مراكز الشرطة قبل أن يتم الإفراج فعليا عنه.
بدوره، أوضح المرصد المصري للصحافة والإعلام غير الحكومي، على صفحته في “فيسبوك”، أنّ محكمة جنايات القاهرة قررت إخلاء سبيل الصحافي ومدير مراسلي قناة الجزيرة “بتدابير احترازية” التي تتضمن عادة “مراقبة شرطية” للشخص المفرج عنه.
ويأتي إطلاق سراح حسين في أعقاب إعادة العلاقات بين مصر وقطر في إطار المصالحة الخليجية التي جرى التوصل إليها بداية الشهر الماضي.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر أعلنت في حزيران/يونيو 2017 قطع العلاقات مع قطر، متهمة إياها بالتقرب من إيران ودعم مجموعات إسلامية متطرفة، الأمر الذي نفته الدوحة.
إزالة العوائق
وألقي القبض على محمود حسين في كانون الأول/ديسمبر 2016 في مطار القاهرة لدى عودته الى مصر في إجازة، آتياً من الدوحة حيث يعمل في قناة الجزيرة.
ويرى المحلل السياسي المصري عمرو الشبكي أن اطلاق سراح حسين “ليس بعيدا عن المصالحة بين مصر وقطر”.
وكانت القاهرة شهدت في بداية العام افتتاح فندق سانت ريجيس الذي بلغت استثماراته نحو مليار دولار، حسب تقارير إعلامية، وهو مملوك لمجموعة قطرية. وجرى الافتتاح بحضور وزير المال القطري علي شريف العمادي.
ويقول الأستاذ المساعد في معهد كينغز كولدج في لندن ديفيد روبرتس، إنّه “لن يكون مفاجئا إذا سعت الحكومة المصرية إلى طرق لإزالة العوائق
أمام زيادة الاستثمار القطري”. ولكنّه أضاف أنّ إنهاء الحبس الاحتياطي لحسين “قد يكون حصل طبقاً لتوقيت عشوائي بحت”.
ووفق القانون المصري، يبلغ الحد الأقصى لفترة الحبس الاحتياطي سنتين. ولكن على غرار كثر من سجناء الرأي والسجناء السياسيين، تمت “إعادة تدوير”
الاتهامات الموجهة الى محمود حسين بعدما أنهى أول سنتين، ووجهت اليه اتهامات في قضية جديدة نهاية 2018 وانتهت المدة القصوى لحبسه احتياطيا على ذمة القضية الثانية مطلع العام الجاري.
ومنذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة في مصر إثر الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في ظل انتفاضة شعبية صيف 2013، تشن السلطات حملة قمع شملت إعلاميين وناشطين وسياسيين معارضين.
كما تمّ حجب مئات المواقع الإخبارية على الإنترنت منذ العام 2017.
مصدر ازعاج
وكانت منظمات حقوقية عدة طالبت في السنوات الماضية بالإفراج عن حسين، لا سيما منظمة العفو الدولية.
وشكّلت قناة الجزيرة القطرية مصدر إزعاج كبير للسلطات المصرية منذ 2013. وكان نشاط القناة من البنود الخلافية بين قطر وخصومها قبل المصالحة.
ويقول الأستاذ المساعد في معهد “كينغز كولدج” اندرياس كريغ “تظل الجزيرة بالنسبة إلى مصر أهم مصدر إزعاج على صعيد العلاقة مع قطر”
مضيفاً أنّ الإفراج عن حسين قد يدلّ على “بادرة حسن نية من القاهرة (…) تفيد بأنها تريد إذابة الجليد” مع الجزيرة.
ويبدي عمرو الشبكي اعتقاده أنّ الافراج قد يكون مرتبطا أيضاً ب”حديث يدور في الأوساط السياسية والإعلامية المصرية هذه الأيام عن توجه جديد نحو الانفتاح
خصوصا في ما يتعلق بملف المحبوسين على ذمة قضايا تخص حرية الرأي والتعبير والذين لا علاقة لهم بالعنف أو التحريض على العنف”.
ويضيف “هذه التفاعلات تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الدولية وخصوصا وجود ادارة أميركية جديدة”.
ويقول كريغ بدوره “بشكل عام، يتعلق الأمر بتبييض سجلها الرهيب في مجال حقوق الإنسان قليلاً في ظل إدارة بايدن”.
ويرى أنّ “اللهجة والأولويات الجديدة في واشنطن أثارت فعلاً مخاوف في مصر” من إمكانية تراجع العلاقات مع الولايات المتحدة برئاسة بايدن بعدما لقيت القاهرة دعماً واسع النطاق في عهد دونالد ترامب.