الزعيم يقطن في أرياف جنوب أم درمان ومن أخطر تجار البشر
المقبوضون ضمن أخطر شخصيات مطلوبة لدى أجهزة مخابرات العالم
(الخلايا العنقودية) كانت بصدد تنفيذ مخطط تخريبي عنيف ومغادرة البلاد
تحديد (45) شخصية إرهابية من جنسيات مختلفة تنتشر في الخرطوم
مقتل أحد أفراد الخلية وأبشع طريقة قتل لفرد أمن عُثر على جثته في العربة
المدير السابق لمكافحة الإرهاب: الحرب الآن بدأت مع (داعش) ونتوقع أعمالاً تخريبية
(…) هذه تفاصيل ما حدث في شمبات وشارع المزارع
الخرطوم: هاجر سليمان
ظل جهاز المخابرات الوطنى يعمل لسنوات للقضاء على الارهاب والخلايا الارهابية بالبلاد، ولعب جهاز المخابرات دوراً بارزاً في القبض على عدد من الخلايا الارهابية بالسودان ابرزها خلية الدندر وخلية سوبا بجانب ضبط خلية بالدروشاب وخلايا اخرى، الا ان جهاز المخابرات كان هذه المرة مع موعد آخر مع خلايا ارهابية متعددة تنتمى لما يعرف بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، فكان ان قدم جهاز الامن (5) شهداء بينهم ضباط واصيب ضابط آخر اصابات خطيرة وهو يتلقى العلاج بالمستشفى وتم ضبط عناصر الخلايا.
تفاصيل العملية
العملية الفدائية التى نفذها جهاز الامن امس الاول هى امتداد لسلسلة عمليات سابقة بدأ جهاز الامن فى تنفيذها منذ عام 2014م، واستهدفت عملياته الامنية تلك خلايا عنقودية ارهابية تنتشر في مناطق مختلفة بالعاصمة الخرطوم.
وحسب المعلومات فإن تلك الخلايا تعمل فى شكل مجموعات ثنائية، حيث يصعب الوصول الى الرأس المدبر وقائدها الرئيس، وتكون عادة فى مناطق مختلفة، وعلى الرغم من ان ادارة كل تلك المجموعات تقع تحت سيطرة رجل واحد الا ان عناصر المجموعات الثنائية لا صلة مباشرة لهم به، وتعيش كل مجموعة ثنائية مع بعضها البعض برفقة زوجاتهم، وفى الغالب زوجاتهم نساء حرب تلقين تدريبات قتالية على اعلى المستويات ويجدن استخدام كافة انواع الاسلحة، كما انهن قادرات على ادارة معارك يدوية بطرق رياضية وقادرات على المقاومة.
وكان جهاز الامن قد توصل الى معلومات تشير الى ان زعيم جميع الخلايا بالسودان شخص مصرى الجنسية يقيم باحد ارياف منطقة الجموعية جنوب ام درمان، ويتخذ من منطقة المقداب مقراً لاقامته، حيث يقطن في منزل هنالك ويعيش كأنه رجل بسيط، ولكن حقيقته كانت انه القائد العام لكل المجموعة، ويربط بين الخلايا بالسودان ورئاسة التنظيم، وهو مطلوب دولياً، ويعتبر احدى الشخصيات المحظورة والمتورطة فى قضايا ارهابية.
الرأس المدبر
وتشير المعلومات الواردة الى ان المتهم المكنى بـ (أ. أ) من اخطر عناصر داعش ويمتهن تجارة وتهريب البشر، ويقوم بالاتجار بمركبات بوكو حرام وادخالها الى السودان، ومطلوب دولياً منذ عام 2016م، وهو الرابط الرئيس بين جميع الارهابيين بالبلاد، ويعمل على توفير التمويل اللازم لانفاذ العمليات الارهابية.
وتوفرت معلومات لدى جهاز المخابرات بان الزعيم المطلوب دولياً (أ. أ) موجود باحد ارياف جنوب ام درمان، لتتمكن قوات جهاز الامن من جمع المعلومات وتحديد مقر اقامته بمنطقة المقداب الواقعة قرب خزان جبل اولياء غرب النيل قرب المثلث، وتم تحديد موقعه وموقع عشر خلايا اخرى، وتم تشكيل قوات من المخابرات بقيادة ضباط وضباط صف وجنود، وتم تحديد ساعة الصفر للتنفيذ، وحسب ما هو مخطط له فانه من المفترض ان يذهب كل فريق لانفاذ مهامه على ان تلتقى جميع الفرق لمداهمة مقر جبرة، حيث مسرح الحادث الذي وقع امس الاول، لانه بحسب المعلومات من اخطر المواقع، واشارت المعلومات الى ان الخلية بالمبنى المذكور مسلحة.
خلايا إرهابية
وانطلقت الفرق كل فريق الى مقره، فرق بمناطق المجاهدين واخرى بالازهرى وثالثة بقلب الخرطوم وفريق خاص للقبض على المتهم الزعيم جنوب ام درمان، وبدأ العمل صباح الثلاثاء، ورابطت المجموعة حول منزل الزعيم منذ وقت مبكر، وتم تحديد ساعة الصفر، وفور خروج الزعيم من منزله أطبقت عليه قوات الامن والقت القبض عليه، ليعتبر القبض عليه من اقوى الانتصارات، وفى الجانب الآخر أنجز عدد من الفرق مهامها وضبطت الخلايا المطلوبة، بينما كان بعضها فى طريقه لتوفير الاسناد لرفاقهم بحى جبرة.
وقبل نحو شهرين توافرت المعلومات لدى جهاز المخابرات بان خلايا ارهابية تسعى لانفاذ مخططات تخريبية، لتقوم الادارة المعنية بجهاز المخابرات باعداد فرق لجمع المعلومات الميدانية واعداد الاكمنة والرصد والمتابعة وتحديد الاهداف الرئيسة، حيث حدد جهاز المخابرات (11) شخصية رئيسة مطلوبة عالمياً وعناصرها هاربون من جرائم ارهاب ارتكبوها بعدد من دول العالم. وتشير المعلومات الواردة الى ان جميع اجهزة المخابرات العالمية كانت تبحث عن اولئك الاحد عشر شخصاً ومطلوبون لديها وعليهم (نشرات حمراء) تؤكد انهم ارهابيون من الطراز الاول.
وعلى الرغم من انه كانت هنالك اهداف فرعية وعددهم نحو (45) ارهابياً الا انهم لم يكونوا هدفاً رئيساً بل كانوا هدفاً ثانوياً، وكان بينهم سودانيون ومصريون وعناصر من دول افريقية وعربية ومختلف الجنسيات الذين وحدهم تنظيم داعش.
مخطط وشيك
وكانت قوات جهاز المخابرات قد قررت اتمام عمليات الدهم صبيحة الثلاثاء، وذلك بعد ان توافرت لديها معلومات تفيد بأن الخلايا بالسودان شرعت فى بيع ممتلكاتها وبعضها شرع فى ارسال زوجاتهم وابنائهم الى خارج البلاد، مما يشير الى قرب اتمام عملية ارهابية خططوا لها وحددوا لها موعداً لانفاذها، ومن ثم مغادرة البلاد فوراً قبل ان يفيق الشعب من صدمته، لذلك استبق الجهاز الاحداث وقرر الانفاذ قبل وقوع الكارثة.
وفى اليوم المحدد تم توزيع الفرق والقى القبض على الزعيم، وكانت كل الاتيام منشغلة بتنفيذ ما اسند اليها من مهام قبض واحضار، وكانت التعليمات الواضحة لكل تيم عقب انهاء مهمته ان يوفر السند والحماية لتيم جبرة باعتباره الموقع الاخطر والقابل للاشتعال، وكانت قوات الامن تتحسب لاشتباكات قد تقع فى اية لحظة بجبرة، وكان الهدف من الخطة اتمام عملية المداهمة والخروج باقل خسائر، ولكن ما حدث لم يكن فى الحسبان.
وفى حوالى الثانية عشرة ليلاً صبيحة الاحد الماضى ألقت قوات جهاز المخابرات القبض على ارهابي من الجنسية الصومالية بالقرب من الميناء البرى، بينما كان فى طريقه الى مقر اقامته باحد احياء السوق المحلى، وهو احد المطلوبين دولياً واسمه بقائمة الارهابيين.
مطلوب دولياً
وفى صبيحة يوم الثلاثاء توزعت الفرق والقى القبض على الزعيم بالسودان، والقى القبض على (9) خلايا اخرى، وكان فريق جبرة ينتظر ويترقب عن كثب فى انتظار وصول بقية الاتيام لانفاذ عملية الدهم، ولكن حدث ما لم يكن فى الحسبان، ففى حوالى الواحدة والنصف ظهراً حضرت عربة ملاكى ماركة (النترا)، وكانت المفاجأة لعناصر الفريق ان سائق العربة الالنترا هو احد عناصر خلية الدندر، وهو من الشخصيات المطلوبة دولياً وسودانى الجنسية، وقد حضر بسيارته بغرض اخلاء افراد خلية جبرة، وهم من الجنسية المصرية وعددهم (4) رجال وامرأتان وطفلة، ويقيمون فى شقتين متجاورتين بمبنى مكون من طابقين، ولاحقاً قتل احدهم اثناء الاشتباكات واصيب احدهم والقى القبض عليه، الا ان اثنين منهما فرا الى جهة غير معلومة ويجرى البحث عنهما.
وشاهد افراد الفريق عملية انزال الحقائب من اعلى المبنى للاسفل، فقرر افراد الفريق انفاذ مداهمة سريعة قبل حضور رفاقهم، وسارع الضابط النقيب علاء الدين الى الرجل وقام بايقافه، وتمكن من السيطرة عليه وقبضه وسحبه الى عربة جهاز المخابرات وادخاله فيها، وعين عليه حارساً وهو ضابط صف كان معه. وفى تلك الاثناء سارع الشهيد النقيب انس محمد العبيد للشقة لضبط المتهمين قبل ان يهربوا رغم ان بعض رفاقه اخطروه بانهم اقتربوا كثيراً منه.
وصعد النقيب انس يرافقه من ضباط الصف كل من (شهريار) و (متوكل) وداهموا الشقة، وقام المتهمان بالاستئذان لاخلاء نسائهم منها الى الشقة الاخرى بحجة السماح لهم بالتفتيش، ولكنهم كانوا يخفون امراً حيث قاموا باحضار اسلحتهم من داخل الشقة الاخرى وغدروا بافراد التيم واطلقوا عليهم النار، فاصيب النقيب انس بطلق كلاشنكوف وكذلك اصيب الآخرون برصاص متعدد، وكان اطلاق النار ينم عن خوف من قبل المتهمين وعنف بالغ، ووقتها كان النقيب علاء الدين بالاسفل، وحينما سمع اصوات الرصاص سارع الى رفاقه بالاعلى لنجدتهم، واثناء صعوده بالسلم صادفه المتهمون المصريون وكانوا فى طريقهم الى الاسفل فاطلقوا عليه النار واطلق النار صوبهم فأصاب احدهم برصاصة واصابوه بثلاث رصاصات احداها اصابته بالكتف الايسر اعلى القلب بعدة سنتيمترات وطلقتين بالبطن.
اشتباكات وهروب
وسارع فرد الامن لنجدة النقيب علاء تاركاً متهم خلية الدندر وحده بالعربة، وعند وصوله المبنى عاد المصريون للصعود للاعلى والاختفاء، فقام هو بسحب النقيب علاء الى العربة وقال له عبارة واحدة (أنا اتصبت) فرفعه للعربة، وفى تلك الاثناء انضم اليهم النقيب احمد عبد الله بعد ان انهى مهمته بشارع المطار، وعند وصوله كان متهم خلية الدندر صاحب الالنترا يقوم بانزال المصريين وعائلاتهم لاخلائهم من المبنى، وكان لديهم قناص قام باطلاق عيارين احدهما اصاب النقيب احمد بطلق على الرأس مباشرة وطلق آخر على الصدر، وعندما سقط سارعوا اليه واطلقوا عليه (3) رصاصات اخرى، وعندها اشتبك بعض افراد الجهاز الذين حضروا للتو مع المتهمين وقتلوا احدهم، بينما سارع جزء منهم الى النقيب احمد لاسعافه الى مستشفى بيست كير.
وهبط المتهمون واستغلوا عربة (شريحة) تتبع لجهاز الامن مهمتها المراقبة، وكان يجلس بداخلها الشهيد (العم هوارى) وكان يحمل مسبحته يسبح بحمد ربه، فباغته الجناة وامتطوا الشريحة، وقام متهم خلية الدندر بترك سيارته الالنترا وقاد الشريحة، وتم تهديد الشهيد وغادروا الموقع، ولم تمض دقائق حتى اغلق هاتف العم هوارى فى منطقة السوق المحلى حسب الاحداثيات، حيث عثر عليه لاحقاً هنالك مقتولاً وملقى بالهايس، حيث تم قتله بطريقة بشعة حيث يبدو انه قاومهم، كما عثر على اثر طلقتين بجسم الهايس، وكان على جثته آثار خمس طلقات واحدة بالرأس والباقى بالصدر والعنق.
أقوال الإرهابيات
وعقب القبض على المرأتين افادتا بانه عقب اخلائهم وامتطاء الشريحة قام المتهمون بانزالهم بعد شارعين من مسرح الحادث وامروهما بامتطاء ترحال الى بحرى، وكشفت السيدات اللائى اكدن تلقيهن تدريبات قتالية عالية انه عقب انزالهن امتطين ترحالاً وغادرن الى بحرى، وتلقين اتصالاً هاتفياً من احد عناصر التنظيم للقائهن قرب ابو الفاضل بلازا، وبالفعل انتشرت قوات الامن بالمنطقة، ولم تمض دقائق حتى أتت النسوة وحضر شاب مصرى فى الثلاثينيات، وامتطوا جميعاً ترحالاً وغادروا المنطقة، وظلت قوات الامن ترصدهم الى ان وصلوا الى شمبات شمال البراحة، وتم نشر قوات مراقبة بالمنطقة.
واغلق المتهمون هواتفهم نهائياً وانقطع الاتصال وظلت قوات الامن ترابط في المنطقة، وخرج الشاب المصرى قرب المغيب وكان يحمل حقيبة صغيرة على ظهره وتوجه بها الى سوبر ماركت الشريف بشارع المعونة وامضى وقتاً طويلاً فيه، حيث كان يقوم بشراء معينات وأغذية، وخرج بعدها حاملاً اكياساً ضخمة بداخلها اغذية ومشروبات تكفى لاسابيع، وقام بايجار اطفال لحمل الاكياس، وبعد خروجه بدقائق احاطت به قوات الامن والقت القبض عليه، وحاول مقاومة القوة واخراج سلاحه وهو مسدس كان يحمله، الا ان القوة سيطرت عليه وضبطته، وعقب القبض عليه توجهت القوة الى الشقة والقت القبض على السيدتين واحيلوا للتحقيق.
كمين (الدالي)
وتوفرت معلومات بأن عربة بوكس سنقل موديل 2018م تحمل نساء هن زوجات بعض افراد الخلية وعددهم خمس نساء، وان العربة تجاوزت كبرى المنشية، وكانوا فى طريقهم صوب الحاج يوسف المايقوما، وفى شارع المزارع ومع لفة الدالى نصبت قوات الامن كميناً محكماً قرب ارتكاز الشرطة، وهنالك حاول سائق البوكس وهو سودانى الجنسية الهروب، فاطلقت قوات الامن النار على البوكس وعطلته واصابت اطارين بالجانب الايسر فتوقف البوكس، والقى القبض على السوداني عنصر الخلية، واحالت الشرطة النساء الى قسم حلة كوكو، ووضعت العربة البوكس معروضات وقيدت بلاغات بشأنها فى شرق النيل.
متفجرات
وبحسب المعلومات الاولية فإن جملة الذين القى القبض عليهم (22) ارهابياً بينهم (7) نساء بينهن خمس في قبضة الشرطة واثنتان في قبضة جهاز المخابرات و (15) رجلاً في قبضة الجهاز، وتم ضبط متفجرات جاهزة وموصلة، مما يعنى انها كانت بصدد الاستعمال لمخطط ارهابي وشيك، وقتل احد افراد الخلية واصيب آخر، بينما استشهد من قوات الامن النقيب انس العبيد والنقيب احمد عبد الله والافراد شهريار ومتوكل وهوارى، واصيب النقيب علاء الدين اصابة بالغة.
حرب مفتوحة
المدير السابق لمكافحة الارهاب الخبير الامنى والاستراتيجي اللواء امن (م) ازهرى كمال قال لـ (الانتباهة): (الآن اصبحت هنالك حرب مفتوحة مع الارهابيين، ونخشى ان نقول ان السودان سيصبح مثل ليبيا وسوريا وغيرها من الدول التى عانت من التنظيمات الارهابية، وهذه الخلية من الواضح انهم دخلوا باعداد كبيرة، بدليل ان لديهم ثلاثة مقرات، وكل يوم يتم اكتشاف مكان جديد لهم، مما يعنى انهم دخلوا باعداد كبيرة فى فترة الفوضى الماضية، وطيلة العامين الماضيين كان الجهاز مجرداً وليست لديه صلاحيات قبض، اضف الى ذلك ان ذراعه العسكرية هيئة العمليات المتدربة على مكافحة الارهاب وقادرة على التعامل معهم قد بترت واصبحت غير موجودة، وسيجد الارهابيون مساحتهم لفعل ما يريدون، واعتقد ان السيناريو المتوقع انهم سيقومون بتنفيذ عمليات ارهابية ضد الاجهزة النظامية والحكومة كرد فعل وانتقام لما حدث، وأحسب أنه من خلال جاهزية قنابلهم وأسلحتهم كانوا يخططون لفعل ارهابي ولكن احبطته قوات الامن).