ما زالت مدينة غوما، الواقعة عند سفح بركان نيراغونغو الذي انفجر السبت في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، تتعرض الاثنين لهزات أرضية أثارت هلع السكان فيما أدى تصاعد الأبخرة السامة من الحمم إلى مصرع خمسة أشخاص.
قال أحد سكان المدينة لوكالة فرانس برس “إنها تتزايد وقد تحدث في أي وقت … هذا مقلق للغاية”. وأضاف “مرت علينا ليلة بدت طويلة … كنا نرتعد من الخوف”.
قالت ديبورا، وهي تعمل في منظمة دولية، عبر الهاتف “لقد حدثت للتو هزة عنيفة، حتى أنني أخشى البقاء في المكتب … لا أدري إن كان علي البقاء أو العودة إلى المنزل، لقد أدى ذلك إلى قطع التيار الكهربائي”.
تواصلت هذه الهزات التي كانت بالفعل كثيرة جداً الأحد طوال الليل وصباح الإثنين بمعدل ثابت وكانت أحياناً شديدة للغاية.
وفي رواندا المجاورة، سجلت الهيئة العامة المسؤولة عن مراقبة الزلازل في الاثنين عند الساعة 10,37 بالتوقيت المحلي (08,37 ت غ) وقوع “زلزال قوته 5,1 درجات، يقع مركزه تحت بحيرة كيفو في منطقة روبافو” الرواندية المجاورة لمنطقة غوما وبركان نيراغونغو.
كما تم رصد آخر زلزال كبير الاثنين في الساعة 13,53 (11,53 ت غ)، وبلغت شدته 4,5 درجات، وفق ما ذكرت الهيئة في تغريدة.
وسُجلت حوالي عشرة زلازل من هذا القبيل في رواندا الاثنين بعد ثوران بركان نيراغونغو، بحسب الهيئة التي أشارت إلى أنها “زلازل تكتونية بركانية” و”ناجمة عن الاهتزازات التي تولدها الحمم تحت البركان”.
عاد قسم من سكان مدينة غوما بعد فرارهم بأعداد كبيرة عقب ثوران بركان نيراغونغو مساء السبت لكنهم بدوا قلقين جداً من هذه الهزات، حتى أنهم اضطروا أحياناً للخروج إلى العراء مع كل هزة.
ولم تفتح المدارس أبوابها ودُعي الطلاب للبقاء في منازلهم بناء على أوامر من سلطات المقاطعة خوفاً من الزلازل.
ثار البركان الذي تطل منحدراته المهيبة على غوما وبحيرة كيفو السبت في حوالي السادسة والنصف مساء (16,30 ت غ) على نحو مفاجئ مسببًا حالة من الهلع دفعت السكان إلى الفرار.
وتدفقت الحمم من جانبين ووصل سيل إحداها إلى أطراف غوما لكنه توقف صباح الأحد.
طُمرت العديد من المنازل بسبب هذه الحمم البركانية الممتدة لمئات الأمتار والتي قطعت أيضًا على امتداد مئات الأمتار الطريق الرابط بين غوما وبوتيمبو المدينة الرئيسية في شمال كيفو والتي تعد مركزًا مهمًا للتجارة الإقليمية.
حدث آخر ثوران كبير لبركان نيراغونغو في 17 كانون الثاني/يناير 2002. وقد تسبب حينذاك بمقتل أكثر من مئة شخص وفي سيناريو مشابه تدفقت الحمم بعد ذلك ببطء نحو المدينة التي قسمتها لتكمل مسارها إلى بحيرة كيفو.
– أبخرة سامة –
الاثنين، كانت الحمم الصخرية السوداء لا تزال ساخنة والدخان يتصاعد من بعض الأماكن. وتوجه العشرات من الفضوليين إلى المكان، رغم مخاطر الأبخرة السامة، ما أدى إلى مصرع ما لا يقل عن خمسة أشخاص.
وقال مامبو كاوايا رئيس المجتمع المدني في نيراغونغو لوكالة فرانس برس “عثرنا للتو على خمس جثث” في منطقة كيباتي.
واشار كاوايا إلى وجود شخص آخر “في حالة حرجة ويعاني من صعوبة في التنفس وتم نقله الى المستشفى”.
هؤلاء الأشخاص، ومعظمهم من الشباب “اختنقوا بأبخرة الحمم” التي كانت تبرد وحاولوا عبورها على بعد حوالي 13 كلم شمال غوما.
وبلغت حصيلة القتلى، علاوة على الذين توفوا نتيجة الاختناق، 15 شخصا كانوا يحاولون الفرار: تسعة في حادث سير وأربعة سجناء قتلوا وهم يحاولون الفرار فيما عثر على جثتين متفحمتين، بحسب السلطات.
حدث ثوران البركان من دون ساق إنذار ما اضطر السلطات إلى إصدار الأوامر باخلاء المدينة. وهرب عشرات آلاف الأشخاص باتجاه المعبر الحدودي مع رواند جنوب غوما أو باتجاه الجنوب الغربي نحو منطقة ماسيسي.
ومع عودة قسم كبير من السكان الأحد، عادت المدينة صباح الاثنين إلى نشاطها المعتاد. أعادت المتاجر ومحطات الوقود فتح أبوابها واستؤنفت حركة المرور بشكل طبيعي.
ووصل وفد حكومي مكون من سبعة وزراء من كينشاسا صباح الاثنين إلى مطار غوما.
قال وزير الصحة جان جاك مبونغاني عند وصوله إن هذه البعثة ستتفقد الوضع وتقدم الدعم من أجل “مساعدة السكان” النازحين والمتضررين.
امضى مئات المتضررين الذين دمرت الحمم البركانية منازلهم الليل في الشارع.
وقال المتحدث باسم الحكومة باتريك مويايا الأحد إن توقف حركة المرور على طريق غوما – بوتيمبو سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الاولية في غوما.