أصدرت مكونات المجتمع المدني في غرب دارفور بيانا تحصل المراسل على نسخة منه للشعب السوداني موضحين وكاشفين حقائق الاحداث الدموية في الجنينة
ولا زالت الأوضاع في تطور مستمر واعداد الضحايا ترتفع نتيجة الى الهجوم المسلح على المعسكر ووصلت الى الاعتداءات الى منزل والي غرب دارفور والذي نجا من محاولة اغتيال
البيان
ولاية غرب دارفور
١٨ يناير ٢٠٢١م
يقول المولى عز وجل ” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة” كما قال أيضاً ” يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم
ويقول جل وعَلا “وإن حكمتُم بين الناس أن تحكموا بالعدل” ويقول “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيبٌ عتيد”.
في البدء نترحم على أرواح الشهداء الذين فاق عددهم الـ١٠٠
ونسأل الله الشفاء العاجل لمئات الجرحى وأن يعيننا في مساعدة المنكوبين الذين فقدوا نفراً عزيزاً من عائلاتهم ونزحوا تاركين مأواهم وممتلكاتهم.
من هنا نطلق نداءً عاجلاً لجميع السودانيين وكل أصحاب الضمير بضرورة مد يد العون للذين نزحوا من معسكر كريندنق والمناطق الأخرى بولاية غرب دارفور مثل قوكَر، هشابة، انجيمي، اسونقا تاركين وراءهم كل ممتلكاتهم التي إما حرقت أو نهبت.
جماهير شعبنا الكريم بعد مرور أكثر من عام على ثورتنا المجيدة التى تلاها توقيع اتفاقية سلام جوبا رغم الضائقة المعيشية توقعنا حدوث تغيير
أو انفراج في النواحي الأمنية لينعم الناس بشيءٌ من الأمن والطمأنينة إلّا أننا ظللنا نتفاجأ بين الحين والآخر بحدوث تفلتات أمنية تهدد
حياة الناس بسبب أحداث طفيفة يتخذها البعض ذريعة لتنفيذ أجندة الغير ولسوء الحظ تتعامل الأجهزة الأمنية مع هذه التصرفات ببرود شديد يجعل المواطن يعيش في خطر شديد.
اقتتال
شعبنا الكريم تابعتم ما حدث وما زال يحدث في كل دارفور من اقتتال وإزهاق أرواح عدد من أبناء هذا السودان الذي نحتاج لبنائه جمعياً للوصول الى مرافئ الدول المتطورة.
في هذا البيان لا نريد الخوض في الأحداث الماضية ولكن بعيداً عن السياسة والنفاق نريد تمليك الرأي العام حقيقة الأمر
ونطلب منكم المساهمة في الاستجابة لهذه المِحنة والعمل معنا من أجل إيقاف تكرار هذه الحوادث التي أصبحت جزءاً من ثقافتنا.
ما حدث في مدينة الجنينة كان مجرد حادث جنائي وقع في أمسية يوم ١٥ يناير ٢٠٢١م بين اثنين طعن فيه أحدهما الآخر (المطعون من العرب والطاعن من المساليت) وقد تعاملت الشرطة مع الوضع بكل مهنية
وقبضت على المتهم ولكن تفاجأنا في اليوم التالي بحجم العنف الذي بدر من أهل المطعون الذي فارق الحياة بالمستشفى وقد شمل هذا العنف غير المبرر المنطقة حول المستشفى وسوق الجنينة
والطريق المؤدي الى أردمتا ولاحقاً تفاجأ سكان معسكر كريندنق بهجوم مكثف من كل الجهات على سكان المعسكر من قبل عدد كبير من القوات
على ظهر العربات ذات الدفع الرباعي، والمواتر، والدواب مستخدمين كل أنواع الأسلحة التي يصعُب امتلاكها من قبل المواطن العادي.
معسكر
المؤسف رغم أن معسكر كريندنق هو جزء من أحياء مدينة الجنينة لوحظ تباطؤ شديد للقوات النظامية في التعامل مع الوضع حتى بعد توجيه الوالي كتابةً لكافة القوات النظامية باستخدام القوة لردع المتفلتين مع إعلان حظر التجوال
وقد شجّع عدم تدخل القوات الأمنية انتشار المتفلتين ودعوة آخرين من الولايات والمناطق الأخرى للحاق بهم وبذلك استمرت أعمال القتل والنهب بكريندنق حتى اليوم التالي
وقد توسعّت لتشمل مربعات حي الجبل المتمثلة ف ٢ و٦ و٧ و١٢ و١٥ ومعسكر أبوذر الذي يبعُد بحوالي ١٠٠ متر من منزل الوالي ومناطق أخرى بكل أجزاء الولاية على سبيل المثال لا الحصر قوكر وما حولها وأديكونق
أو أسونقا وقيلو وتندلتي وأنجيمي وجكجكي وأبو نعيمة وكندبي وسلامي وبان جديد ومعسكر سيسي وتُلس إضافة الى مناطق أخرى تجري فيها الأحداث حتى اللحظة وهذا ما يؤكد أن هذه الجماعات تنادت من كل الجهات ونسقّت للأمر
لإحداث هذه الفوضى، والدليل على ذلك التسجيلات المسرّبة في وسائل التواصل الاجتماعي. الجدير بالذكر أن عملية رفع ونقل الموتى من كريندنق
لم تكتمل حتى لحظة كتابة هذا البيان نسبةً لوجود المتفلتين بالمنطقة مع استمرار نهب ما تبقى بكريندنق مع صمت تام للقوات النظامية.
في رأينا ما حدث وما زال يحدث ليس اقتتالاً قبلياً كما تزعم الحكومة وتزعم وسائل الإعلام بل هو عمل إجرامي منظم تمارسه المليشيات المتفلتة ضد أبناء شعبنا بالولاية لجعل السودان يعيش في فوضى والدليل على ما نقوله أننا
لاحظنا نحن في المجتمع المدني هجوماً من طرف واحد فقط على هذه المناطق والدليل الآخر أن المناطق التي هوجمت تقطنها عدة قبائل، على سبيل المثال معسكر كريندنق تقطنه عدّة قبائل وقد تضررت كل هذه القبائل وكذا الحال تقطن مربعات الجبل عدة قبائل.
والأمر المؤسف والغريب أن موكب ولاة بعض ولايات دارفور الذين أرسلوا قوة لحمايتنا وحضروا بأنفسهم الى حاضرة الولاية للمساهمة في وضع نهاية لهذا الانفلات تعرّض لاعتداء في حي النسيم الذي هو على بُعد أمتار من قيادة الفرقة ولم يتدخل الجيش.
مطالب
ما نرجوه في المجتمع المدني من الحكومة المركزية:
١- تقوى الله. اتقوا الله في رعاياكم “كل نفس ذائقة الموت” والله ستسألون عنّا يوماً حيث لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
٢- تأييد قرارات الوالي وإسناده لإنجاز مهامه الأمنية. للأمانة والتاريخ كان الوالي شجاعاً وصادقاً في كل ما قاله وتعامل بكل مهنية رغم تخاذل الجهات الأمنية الذي تَمَثل في عدم الانصياع لأوامره وقرارات لجنة الأمن والتعامل السيئ مع الواقع.
٣- محاسبة قادة الأجهزة الأمنية على القصور الواضح الذي كلّف المواطنين من إزهاق في الأرواح وشلل في الحركة وغير ذلك مع علمهم التام بما حدث بكريندنق في نهاية العام ٢٠١٩م أي قبل عام فقط.
٤- تأمين المعسكرات والأحياء وذلك لإعادة النازحين فوراً الى أماكنهم وتقديم العون اللازم وتعويضهم ما فقدوه لاحقاً .
٥- القبض على المتفلتين والمتسببين في هذه الفوضى بما في ذلك الذين قاموا بالتحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
٦- علاج الجرحى فوراً على نفقة الدولة وحماية الكادر الطبي الذي لم يكِل ولم يمل حتى اللحظة وكذلك مدّه بكوادر إضافية.
٧- عدم الانجرار وراء البيانات والأقاويل الكاذبة التي تضلل الرأي العام وتكلف المواطنين خسائر في النفس والمال.
٨- القرارات وحدها لا تكفي وبالتالي لابد من أفعال تقضي على هذه الظواهر السالبة.
على سبيل المثال: عدم اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتسببين في أحداث كريندنق الماضية شجّع المتفلتين لتكرار الحادث.
من هنا نحن في المجتمع المدني نشيد بدور الأطباء ومعاونيهم على مهنيتهم العالية في التعامل مع الأحداث. كما نشيد بأصحاب الضمائر من بعض القوات النظامية
التي عملت في حماية الكوادر الطبية وإعانتهم في جمع رفات بعض الموتى.
اللهم ارفع عنّا البلاء والغلاء وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن