يسعى الرئيس إدريس ديبي إتنو الذي يحكم تشاد بدون منازع منذ 30 عاما، لولاية سادسة في انتخابات الأحد التي من المؤكد أنه سيفوز فيها في مواجهة ستة مرشحين غير بارزين وبعد أن أقصى، أحيانا بعنف، قادة معارضة شديدة الانقسام كان يمكن أن يؤثروا عليه.
لتأكيد ذلك، يكفي السير في شوارع نجامينا حيث يبدو أن الغالبية العظمى من السكان غير مهتمين باقتراع “معروفة نتيجته مسبقا” ويحاولون بصعوبة تأمين معيشتهم بين انقطاع الكهرباء والماء في بعض الأحيان لأيام متتالية، فيما تنتشر في العاصمة ملصقات تمجد حزبه والحركات التابعة له.
في المقابل، يتعين السير لدقائق طويلة قبل رؤية بعض الملصقات لمنافسيه.
منذ عدة أشهر، يحظر النظام بشكل منهجي “المسيرات السلمية من أجل التناوب” التي تحاول أحزاب المعارضة تنظيمها كل سبت. وتقوم شرطة مكافحة الشغب بتفريقها بعنف عند بدئها، ولم تعد تجتذب سوى عشرات الأشخاص.
واتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الخميس قوات الأمن بالقيام ب”حملة قمع لا هوادة فيها”. وفي مطلع آذار/مارس عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه “لاستخدام العنف” ضد المعارضة.
لكن لم يتم القيام بشي، فالمارشال ديبي يقوم بحملة ترتكز بشكل أساسي على “السلام والأمن” اللذين يقول إنه أرساهما في بلاده ولكن أيضا في منطقة مضطربة حيث تقع تشاد بين ليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى من بين دول أخرى وهي مساهم رئيسي في الحرب ضد الجهاديين في منطقة الساحل من خلال إرسال قوات إلى مالي وأحيانا إلى نيجيريا.
إبطال ترشيحات –
في عاصمة ثالث أقل البلدان نموا في العالم بحسب مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية لكنها مصدر للنفط منذ 2003، يتسول العديد من الأطفال في الشوارع.
لكن لا يبدو أن الاقتراب من موعد الانتخابات أو ارتفاع الحرارة الى 43 درجة مئوية تؤثر على حركة العديد من الدراجات النارية المستخدمة كوسيلة نقل بالاجرة أو عربات الباعة المتجولين على الطرق الرئيسية.
في سوق صغير في حي غاسي الفقير، وسط ضجيج آلات طحن الذرة لاستخراج الدقيق المستخدم في صنع طبق وطني، لا تعرف الناس حتى من هم المرشحون الآخرون. أو يعتقدون، على غرار المعارضة المتشددة، أنهم مجرد شخصيات غير مؤثرة تتغاضى عنها السلطة او حتى تقوم بتحريكها.
قبل شهرين، تجمع 15 حزبا من المعارضة ضمن تحالف نجح في الدفع بمرشح واحد في مواجهة ديبي قبل أن يتفكك. واخيرا تقدم 16 مرشحا في منافسة المارشال ديبي.
وأبطلت المحكمة العليا سبعة ترشيحات. ثم انسحب ثلاثة مرشحين بينهم المنافس التاريخي صالح كبزابو احتجاجا على العنف ودعوا الى مقاطعة الانتخابات لكن المحكمة أبقت أسماءهم على بطاقات الاقتراع التي تظهر بالتالي عشرة مرشحين.
لكن ستة فقط سيواجهون الرئيس وهم فيليكس نيالبي رومادومنغار وألبرت باهيمي باداكيه وتيوفيل يومبومبي مادجيتولوم وبالتازار ألادوم جرما وبريس مبايمون جيدمباي ، وأول امرأة مرشحة في تاريخ تشاد هي ليدي بيسيمدا.
واثق من الفوز –
يقول شاب (34 عاما) في محله الصغير لقطع غيار الدراجات النارية في سوق غاسي “لا أعرف أحدا سوى بهيمي وديبي. إذا كان ديبي سيفوز، فلا بأس إذا كانت لديه الإرادة لإعادة إعمار البلد لكن إذا كان الأمر على حاله فان الذهاب للتصويت لا يستحق العناء”.
وقالت ممرضة شابة في غاسي “لا أعرفهم لكن لا يمكنني التصويت لديبي وكل الاخرين في معسكره”.
وقالت الخبيرة السياسية ايفاريت نغارليم تولد من جامعة نجامينا إن ديبي “عرف كيف يضلل الجميع، لقد أغرق هؤلاء الاشخاص معه في انحرافاته وفي إدارة الحياة السياسية، هو الذي يتحكم بهم”.
وتساءل الناطق باسم الحركة الوطنية للانقاذ النافذة بزعامة ديبي، جان برنار باداريه “من الذي يمنعهم من الترشح؟ لا أحد”، مستهجنا هؤلاء الذين انسحبوا مثل كبزابو ودعوا إلى المقاطعة. ويؤكد أن “اللعبة مفتوحة لكنهم قادة أحزاب بدون قاعدة”.
من جهته قال كلما ماناتوما الباحث التشادي في العلوم السياسية في جامعة باريس-نانتير “في غياب المرشحين التاريخيين ومع إمكانات كبرى حشدها ديبي، من المؤكد أنه سيفوز”.
وقال دبلوماسي رافضا الكشف عن اسمه “الشيء الوحيد المهم في نظر ديبي هو الفوز من الدورة الأولى بمشاركة كبيرة، حتى لا يُثار جدل حول انتخابه”.