تقرير: عزيزة أحمد موسى
على نحو غير مفاجئ قامت الحكومة بمنع دخول كبير مستشاري رئيس البعثة الأممية فولكر روزليندا مارسون من دخول البلاد. سفيرة بريطانيا السابقة في السودان سبق وأن تم طردها في عهد البشير وبعد سقوط الإنقاذ عادت للعمل مجدداً ضمن بعثة الأمم المتحدة وهي صاحبة قصة(البركاوي) التي سبق وأن أطلقها الرئيس السابق البشير عقب تدخلها السافر في شؤون البلاد وبحسب مصادر فإن روزليندا كانت بصدد كتابة مسودة تقارير عن الأوضاع السياسية في السودان تقارير تعد لتجريم وجر الخرطوم الى البند السابع المعني بفرض الوصاية الدولية وظلت روزليندا تلتقي مع القوى والأحزاب السياسية واليسارية خلال منظمتها الحوار الإنساني وسعت لتجنيد قادة وشباب أحزاب قحت لصالح المشروع الغربي البريطاني الذي يسعى لتفكيك البلاد.
تجئ حادثة طرد روزليندا اتساقاً مع الحملة الشعبية المطالبة بإنهاء تفويض بعثة يونتامس المقررة في الثالث من يونيو المقبل وطرد رئيسها فولكر غير أن وزير الخارجية المكلف أكد في مؤتمر صحفي بإن طرد فولكر غير وارد الآن قبل أن يعود ويقول هو أمر متروك لتقديرات القيادة العليا بالبلاد.
وليس ببعيد فقد قامت الحكومة العام الماضي بطرد المسؤول عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان.
وفي ديسمبر من العام الماضي اتهم رئيس مجلس السيادة سفراء دبلوماسية لم يسمهم بالقيام بتحركات مشبوهة وبتحريض السودانين على توتر الأوضاع كما هدد البرهان رئيس البعثة الأممية بالطرد حال تماديه في تجاوز تفويض عمله الممنوح له.
حوادث مماثلة لدبلوماسين ومنظمات تم طردها لتجاوزها الأعراف الدبلوماسية وتدخلها السافر في شؤون البلاد وقد تم في عهد النظام السابق طرد العديد من الشخصيات والمنظمات العاملة في المجال الإنساني سيما في دارفور فقد قامت الحكومة في عهد البشير بطرد بان برونك ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك طرد ممثل المفوضية الأوربية بالخرطوم كينت ديفرفيلت والقائمة بالأعمال الكندية والسفير البريطاني والقائم بالأعمال الأمريكية الى جانب منظمة فرنسية والعديد من المنظمات لمخالفتها لوائح العمل الإنساني بتنفيذ أجندة خاصة تحت غطاء العمل الإنساني وسبق أن حذر البرهان من اتخاذ إجراءات في مواجهة البعثات الدبلوماسية واتهمها بإثارة الفتن والتحريض ضد الجيش قائلاً(نرى البعثات الدبلوماسية تتجول بكل حرية في الخرطوم وبعضها تعمل على بث الفتن ونحن لا نتركهم ونحذرهم وسنتخذ إجراءات ضدها ووجه سيادته انتقادات مباشرة لسفارات أجنبية لمخالفتها للأعراف الدبلوماسية لهذه العلاقات سيادة البلاد في خطوة تأتي حفاظاً على سيادة السودان.
ويعد التمثيل الدبلوماسي مظهراً من مظاهر السيادة الخارجية للدولة وعلى ذلك فالدولة كاملة السيادة لها الحق في ايقاف وقبول المبعوثين الدبلوماسين ولا يتوفر ذلك الإمتياز لدولة ناقصة السيادة كدول المحمية أو التابعة المشمولة بالوصاية أو المدارة من جانب دول أخرى فهي عادة لا تملك إرسال مبعوثين دبلوماسين من طرفها.
وتطورت القواعد العرفية المنظمة لهذه العلاقات بين الدول ذات السيادة لتصبح من أكثر قواعد القانون الدول ثبوتاً وغير متنازع عليها وتم تقنينها في عدد من المعاهدات الدولية أبرزها اتفاقية فينا 1961م وتتعلق المادة 32 من اتفاقية فينا بالتنازل عن الحضانة القضائية كما تتعلق المادة 41 بضرورة إلتزام المبعوث الدبلوماسي بمراعاة واحترام القوانين وأنظمة الدولة المضيفة
وتؤكد الممارسة الدولية بأن مسألة تحديد ما إذا كان المبعوث الدبلوماسي أصبح شخصاً غير مرغوب فيه ترجع الى السلطة التقديرية لحكومة الدولة المضيفة التي تعتبر وحدها القاضي في هذا الصدد وهي غير ملزمة بإبداء أسباب رفض قبول الشخص المزمع اعتماده من قبل الدولة الموفدة.
المحلل السياسي والكاتب الصحفي خالد الفكي بين بأن موقف الخرطوم الرافض لتجاوزات البعثات وبعض الشخصيات الأجنبية يأتي في إطار المساعي الرامية للحفاظ على سيادة السودان وأمنه القومي وفقاً لما تنص عليه مواثيق عمل السفارات والمنظمات الدولية ومبادئ الميثاق العالمي للأمم المتحدة التي تمنع أي دولة أو بعثة دبلوماسية من التدخل في شؤون الدول الأخرى ويشير الفكي بأن تحركات القيادة الرافضة للتجاوزات تحظى بتأيد شريحة كبيرة ترفض التدخلات الأجنبية بوجه عام مبيناً بأن الكثير من الدبلوماسين استغلوا حالة الهشاشة السياسية وإندلاع الاحتجاجات ضد نظام البشير للتدخل بشكل واضح في شؤون البلاد ومنذ ذلك شوهد الدبلوماسين الأجانب وهم يقدمون الدعم ويقفون في خانة الدعوة الى اسقاط النظام وهو أمر غير مقبول ومتجاوز لجميع أطر اللياقة الدبلوماسية مشيراً بدور وزارة الخارجية بإستدعاءها لعدد من سفراء بعض الدول سبق وأن قاموا بالمشاركة في التظاهرات وابلغتهم احتجاجها على هذا التصرف.