على الرغم من الانتقادات والإدانات الدولية المتكررة لانتهاكات مجموعاتٍ سورية مسلّحة موالية لتركيا في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا وغربها، إلا أن أنقرة التي تدعمها عسكرياً ولوجستياً لم تعمل على محاسبتهم بعد رغم أن مؤسسات دولية كمنظّمة “هيومن رايتس وتش” طالبتها بذلك صراحة مطلع شهر فبراير الجاري.
وقال آيكان إردمير، النائب السابق في البرلمان التركي وكبير باحثي برنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD التي تتخذ من العاصمة الأميركية واشنطن مقرّاً لها، إن “المدن السورية الشمالية التي تسيطر عليها تركيا وميليشياتها المسلّحة، تتطلب مساعدات مالية مستمرة من أنقرة لمواصلة تقديم الخدمات الأساسية لسكانها”.
وأضاف في مقابلة مع “العربية.نت” أن “تقديم الخدمات لسكان المناطق السورية الخاضعة لنفوذ أنقرة، بالنسبة للحكومة التركية هو أفضل من استضافة اللاجئين السوريين داخل أراضيها، ولذلك ترفض استقبال المزيد منهم، خاصة أنها على ما يبدو تتجنب غضب أنصارها الرافضين للوجود السوري في تركيا“.
وتابع: “على الصعيد الاقتصادي، فإن تقديم الخدمات الأساسية في شمال سوريا أقل تكلفة بالنسبة لأنقرة بدلاً من استقبال المزيد من اللاجئين، بالإضافة إلى أن أنقرة تفرض عملتها في تلك المدن السورية وتوفر فيها سوقاً جديدة لشركاتها ومنتجاتها وخدماتها، وهو ما يعد سبباً إضافياً لرفضها لاستقبال مزيد من اللاجئين“.
كما كشف أن “المناطق الخاضعة لسيطرة أنقرة في شمال شرقي سوريا وغربها، تمثّل بشكلٍ عام مصدر استنزافٍ للاقتصاد التركي باعتبار أن أنقرة تدفع رواتب وكلائها المسلحين المحليين”، في إشارة منه إلى ما يسمى “الجيش الوطني السوري” الذي يتلقى عناصره رواتب شهرية من السلطات التركية.
فشل وقف الانتهاكات
وأشار إلى أن “المسلّحين الموالين لأنقرة في هذه المناطق يحصلون على أموالٍ إضافية غير التي يتلقونها من السلطات التركية عبر الاستفزاز كخطف المدنيين وطلب فدية لاحقاً، أو ارتكاب عمليات السطو والسلب والنهب”، معتبراً أن “الحكومة التركية فشلت في إيقاف هذه الممارسات التي يرتكبها وكلاؤها على الأرض“.
ولفت أيضاً إلى أن “المجتمع الدولي انتقد هذه الانتهاكات مراراً، لكن مع ذلك لم تعمل أنقرة على محاسبة ميليشياتها المسلّحة التي ارتكبت جرائم بحق أقلياتٍ لا تتمتع بالحماية في المناطق الخاضعة لسيطرتها”، موضحاً أن “السلطات التركية تتساهل مع هذه الانتهاكات ويبدو أنها تجد فيها مصدراً مالياً إضافياً لوكلائها الذين تقدم لهم مبالغ بسيطة“.
وتسيطر أنقرة منذ سنوات على أجزاءٍ من سوريا، حيث أقامت فيها قواعد عسكرية كالتي تنتشر في إدلب وأريافها، إضافة لمدن أخرى كالباب وعفرين وجرابلس والراعي وتل أبيض ورأس العين، وهي مدن سوريّة تقع كلها على الحدود مع تركيا.
وتمكنت أنقرة من فرض سيطرتها على هذه المناطق بالتعاون مع جماعات المعارضة السورية المسلّحة التي قاتلت تحت رايتها ضد قوات “سوريا الديمقراطية”، وشنت من أجل ذلك ثلاث عملياتٍ عسكرية داخل الأراضي السورية.