برهان يحرق حمدوك باتفاق باطل…

✍🏾بشير اربجي

ربما لا يزال وسيظل الكثير من الثوار وأفراد الشعب السوداني في صدمة من توقيع إتفاق سياسي بين قائد الانقلاب ورئيس مجلس الوزراء المقال بأمره، وهو بالتأكيد إتفاق صادم للشعب السوداني وثواره الاماجد الذين دعموا حمدوك ولم يستبقوا شيئا، وجادوا بأرواحهم دون تردد لدعم الحكومة المدنية الانتقالية التي كان يقودها حمدوك وتخلي عنها الآن بتوقيعه على هذا الإتفاق الذي رفضه رفاق الشهداء قبل أن يطلعوا على بنوده المخزية، والتي لخزيها لم تتحدث وصمتت عن بقاء البرهان وعسكرييه كقادة للبلاد طوال الفترة المقبلة، لذلك تحول حمدوك بنظر الثوار الى خائن للثورة بمجرد توقيعه الإتفاق ورغم تبريره بحقن الدماء الذي قالت به سابقا قوى إعلان الحرية والتغيير يوم وقعت على الوثيقة الدستورية الحاكمة إلا أن ذلك لن يحدث بوجود هذا الشريك، وهو لم يحدث فعليا الآن فبينما كان حمدوك يبصم على إتفاق الخيانة ويصافح قائد الانقلاب كانت قوات الانقلابيين ترمي الثوار على مقربة من القصر الرئاسي مكان التوقيع بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع، وتسحق وتسحل آخرين منهم في أماكن أخرى من العاصمة الخرطوم والولايات، بالنسبة لي فإن موقف حمدوك كان متوقعاً كما توقعه الكثيرون أيضاً لأنه ابن المنظمات الدولية ولا يعول على الشارع الذي دعمه، وهو للغرابة لا يمثل في هذا التوقيع إلا نفسه وداعميه الخارجيين فقط فالشريك الأساسي قوى إعلان الحرية والتغيير التي أتت به لتنفيذ برنامجها للفترة الانتقالية مبعدة بأمر شركائه الجدد قادة الانقلاب والشارع نفسه نزع دعمه عنه بمجرد جلوسه للتوقيع، لذلك سيجلس على كرسي الوزارة بصفته الشخصية فقط لأنها مقبولة لدى المجتمع الدولي حتى يوفر الإتصال والقبول للعسكر والانقلابيين بالخارج، وكما قال أحد الثوار في مقابلة متلفزة فإن حمدوك كان رئيساً لوزراء السودان وأصبح بعد توقيع الإتفاق سكرتيراً شخصياً للبرهان وحميدتي وتوابعهم، وتساءل كيف يتحدث عن الشعب وعن دماء الشهداء ثم يجلس ويوقع اتفاقا مع من سفك هذه الدماء بغزارة خلال فترة إقامته الجبرية، ولماذا دوما يكون حقن دماء الشعب السوداني بالصمت على تجاوزات العسكر وجعلهم يحكمون والا يهددون بأنهم سيريقوا دماء الشباب، أليس هم من هذا الشعب ومن المفترض أنهم مسؤولين عن دمائه وأمنه بنص قوانينهم العسكرية، ولماذا دوما حقن دماء الشعب مرهوناً برضائهم، هل وظيفتهم حكم الشعب أو بالعدم قتله إن رفض ذلك؟ فهذا الأمر محير جداً في حالة القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخرى المنتشرة بالبلاد.
في الجانب الآخر كل من استمع لخطاب البرهان بعد توقيع الإتفاق وهو مزهوا بالنصر، ويخاطب أسر الشهداء الذين قتلت القوات التي تحت امرته أبنائهم بالاحبة ويشكر الذين وقفوا معه سيدرك ويعلم أن قائد الانقلاب منفصل تماما عن نبض الشارع، فلا أحد يقف معه ولا أحد يريد منه أن يؤسس لفترة انتقالية ظل يتشبث بها ويتقرب إليها بدماء الشباب منذ الثالث من يونيو العام 2019م، ثم يقرر بعد انقضاء فترة توليه مجلس السيادة الانقلاب عليها وإعادة النظر في أمر الانتقال برمته، فمن الذي أعطى برهان هذا الحق وهو لا يتبعه إلا ارزقية السياسة وقادة المليشيات، هل يريد برهان أن يحكمنا عبر الفلول مرة أخرى، ولماذا كان يدعو للشهداء بالرحمة وقواته وقوات شركائه هي التي تقنصهم بالرصاص كما شاهد العالم أجمع، وهل يريد أن يعيد تجربة المخلوع حذو النعل بالنعل؟، عموما الشارع السوداني هو صاحب الأمر والنهي، وقد كان قراره جلياً وواضحاً كالشمس منذ إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر ألا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية للانقلابيين ومن يعاونهم، ومن كان يؤمن بالثورة فهي مستمرة حتى تحقيق أهدافها ومن كان يؤمن بحمدوك فحمدوك قرر الشراكة مع العسكر و الرضوخ لهم، واحترق مع البرهان وبقية قادة الانقلاب من عسكريين ومدنيين، وحقق للبرهان ما يريده بالبقاء حاكما بالقوة طوال الفترة الانتقالية في ردة كاملة عن أهداف الثورة المجيدة، وصار منهم وليس من الثورة المجيدة في شيء فهي التي تصنع قادتها من صلب الشعب السوداني الأبي ولم يصنعها غير الكنداكات والشفاتة الذين خضبوا الطرقات بدمائهم القانية الطاهرة.
سؤال ليس للاجابة:
لماذا جلس حميدتي بالمنصة وهو لم يقم بالانقلاب ولم يوقع الإتفاق؟