أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المزيد من التهديدات متوعدا حزب العمال الكردستاني ومنظمة فتح الله غولن اللتين تتهمها أنقرة بالإرهاب، مؤكدا أن حكومته لن تترك البلاد للتنظيمات الإرهابية كلفها في ذلك ما كلّفها ولو بالتضحية بالأرواح.
وتأتي تهديدات أردوغان في خضم جدل فجرته العملية الأمنية الفاشلة في شمال العراق التي رافقت بدايتها ضجة إعلامية وانتهت فجأة بضجيج من التهديدات والوعيد.ويُعتقد أن أردوغان يُطبق حرفيا مثلا شعبيا مفاده الصراخ للتغطية على الفشل، وهو أمر قد يفيده بعض الشيء في مواجهة اتهامات المعارضة له بالمسؤولية عن مقتل الأسرى الأتراك الـ13 والذين تقول أنقرة إن حزب العمال الكردستاني أعدمهم رميا بالرصاص.وتوجه أردوغان لمؤتمرات حزبه العدالة والتنمية في ولايات أنقرة وأوردو وشانلي أورفة بالقول “لن نترك بلادنا لخونة تنظيم غولن ولا لقتلة بي كا كا ولا لجناة داعش ولو كلف ذلك أرواحنا”، مضيفا أن حكومته لن تتوانى في اجتثاث جذور الإرهابيين والقضاء على مشكلة الإرهاب في تركيا.ولا يخرج ضجيج التهديدات والوعيد عن سياق الردّ على اتهامات زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو الذي اعتبر أن تصريحات سابقة للرئيس التركي وعد فيها بمفاجأة سارة في القريب، إفشاء لسرية العملية العسكرية في شمال العراق وهو ما ترتب عليه إراقة دماء 13 تركيا يتحمل مسؤوليتها أردوغان.وقال “دون خجل يحملني شخصيا مسؤولية استشهاد مواطنينا. هذا الشخص لا يدري كم من الجهود بذلنا على مدى 6 سنوات لإنقاذ مواطنينا من يد الإرهابيين”، مضيفا “نسير على دربنا بتضحيات الشجعان الذين يسارعون إلى الشهادة، نسير بشجاعة الأبطال الذين يطبقون الجبال على الإرهابيين، نسير بصبر أمهات دياربكر المعتصمات من أجل استعادة أبنائهن منذ 534 يوما”.كما تساءل الرئيس التركي الذي يبحث عن مبررات لفشل العملية الأمنية ويسعى للنأي بنفسه عن مسؤولية مقتل الأتراك الـ13، ما اذا كان “قليجدار أوغلو” قد أصغى يوما ما لآهات أمهات دياربكر”.ويجد أردوغان نفسه عالقا في مأزق سياسي وأخلاقي كونه هو القائد العام للقوات المسلحة وهو المسؤول مباشرة عن أي فشل عسكري وهو الذي يحظى بالثناء حين تكلل العمليات الأمنية والعسكرية بالنجاح.وفي محاولة للقفز على تلك الحقائق لا يجد الرئيس التركي بديلا عن الصراخ ولفت انتباه الرأي العام التركي عن حقيقة مسؤوليته غير المباشرة عن مجزرة غارا بشمال العراق.ويفترض بالمنطق السياسي والعسكري أن تعالج الاخلالات الأمنية بالهدوء بعيدا عن الانفعال وافتعال ضجة إعلامية أو توظيف مأساة من المآسي كما هو حال قتلى قارا، لكن على الرئيس التركي الذي يعتمد الصدام نهجا، سار عكس الاتجاه مصعدا ومنددا برأي المعارضة واستفساراتها.ومن الطبيعي جدا في أي دولة في العالم أن تسأل المعارضة رأس السلطة ومسؤوليها عن قضايا مماثلة لتلك التي أثارت سجالات سياسية في تركيا.ولا يوجد ما يبرر حالة الانفعال التي اتسمت بها ردود فعل أردوغان سوى أنه يحاول مداراة خيبة أمنية وعسكرية ناجمة عن سوء تقدير أو تخطيط ويحاول أيضا التملص من المسؤولية عن مقتل الرعايا الأتراك.وليست هذه المرة الأولى التي يواجه فيها الرئيس التركي ضغوطا من المعارضة تتصل أساسا بنتائج التدخلات العسكرية الخارجية خاصة مع وجود ضحايا، فالجدل القائم حاليا ليس استثناء في سياقاته فقد سبق أن أثار مقتل جنود أتراك في سوريا سجالات مماثلة.وبدلا من معالجة الخلل والاعتراف بالمسؤولية، وظّف أردوغان قانون الطوارئ وقانون الإرهاب لقمع خصومه، فكل من يشكك في جدوى التدخل التركي الخارجي يجد نفسه ملاحقا بقضايا تتعلق إما بالتورط في الانتماء لمنظمة إرهابية أو الدعاية للإرهاب.ومن غير المستبعد أن يتم تنشيط هذه التهم في سياق كتم أصوات المعارضين أو لجهة التشكيك في ولائهم ووطنيتهم.
المصدر : اسكاي نيوز