الإثباتات على رجعية الشيوعيين السودانيين خاصة عديدة، ومنها أنهم لازالوا يقرأون من نفس النصوص القديمة لماركس ولينين. والمتابع لما يكتبون ويقولون يجد أنهم اليوم يستشهدون بما قاله ماركس ولينين ، تماماً مثلما نستشهد نحن بالقرآن .. ولنضرب الأمثال، نقول: إن «تجمع المهنيين» – الذي اعترف أحد قادة الحزب أنه واجهة شيوعية – أوصى لينين نفسه على تكوينه، بل ودعا أن يجعل الشيوعيون منه حزباً لتأسيس دكتاتورية البروليتاريا، وذلك فيما كتبه تحت عنوان: «What Is To Be Done»، وأوصى أن يكون ذلك التجمع للمهنيين: ” منضبطاً، موجهاً، قادراً على هزيمة البوليس ” نعم قال لينين إن تجمع المهنيين يجب أن يكون :
»disciplined and directed, capable of defeating the police«
وهذا ما يفسر ما شهدناه في السودان خلال ثلاث سنوات من استهداف للشرطة، وحرق مقارها، وقتل وجرح جنودها وضباطها، باستخدام شباب أغرار ومغرر بهم، توجههم أصابع الحزب الخفية ، ونذكّر أن الحزب الشيوعي نشر في ( الميدان ) عام 2012 أنه كون لجان المقاومة . ورغم ذلك يظن بعض «الطيبين» أن ما يجري عفوي وطبيعي!! رغم أن لينين كتب في: «Democratic Revolution» عن: ضرورة «إخضاع احتجاجات جماهير الطبقة العاملة وغيرها لتأثيرنا وتوجيهنا لنستغلها لأقصى ما يحقق مصالحنا»
»to subject the insurrection of the proletarian and non-proletarian masses to our influence, to our direction, to use it in our best interests«.
والناظر بتروٍ وذكاء لما يجري في بلادنا سيلحظ تأثير وتوجيه واستغلال المتظاهرين لتحقيق أهداف الحزب.. والمتظاهرون في غفلتهم وجهلهم يعمهون !!!. هؤلاء هم من يسمي الشيوعيون أحدهم بــ: «المغفّل النافع» !!
في عام 2012 كون الحزب الشيوعي «لجان المقاومة»، – كما أسلفنا – وهي مقامة على نفس النمط «البلشفيكي»، وكيفية عمل لجان المقاومة الكوبية، وعلى طراز لجان «الجيش الأحمر» الذي أقامه «ماو تسي تونج» في الصين.. ورأيناها لدينا تمارس نفس ممارسات «الحرس الأحمر» الذي يضرب الطلابُ من أعضائه معلِّميهم، وطبقوا ذلك على الأساتذة في السودان.. وسمعناهم يسبون دكتور النور أستاذهم في جامعة بحري.. ورأينا فيديوهات يضربون فيها رجالاً في أعمار آبائهم.. ويهجمون على الخلاوي ومسجد الصايم ديمة «محاضن الرجعية».. ويقتلون طلاب الخلاوي في شرق النيل، وذلك الشاب الذي دافع عن أبيه الشيخ أمام المسجد في الثورة- أمدرمان.
ويقرأ الشيوعيون السودانيون نفس النصوص العتيقة، التى قال بها النبي «ماركس» بشأن تكوين «لجان المقاومة».. وينسخون بلا رويّة نفس التجربة الفاشية التي طبقت في روسيا وطبقها «ماو» عبر «الحرس الأحمر»، وما طبقه كاسترو في كوبا… فماذا كانت النتيجة؟؟
إذا أردت أن تتأكد أن الحزب الشيوعي منكفئ على نفسه، ليس لديه القدرات الذهنية على نقد عميق للفكرة في جوهرها، فتذكر انهيار وفشل (حتميات) كارل ماركس..
فقد جزم «ماركس» بانهيار الرأسمالية، فرأينها تزداد توحشاً..
وقال بحتمية سيادة الطبقة العاملة، فزادت معاناة العمال، ولم يسود العمال في أي بلد..
وقال: إن الطبقة البرجوازية ستنتج من يحفر لها قبرها «produces it’s grave- diggers ».. وحفار القبور الذي يعنيه هم البروليتاريا، فحفر الشيوعيون القبور للجميع ، وبقوا هم يجترون هذه الأوهام الممجوجة الكاسدة.
زعم نبيهم أن ثورة البروليتاريا ستندلع في الدول الصناعية فلم تندلع.
وصنعوا ثورة في 1917م صناعةً، صنعها يهود في بلد زراعي..
ولا يزال شيوعيو السودان في جهالتهم يعمهون.
وادّعى أن مطلوبات سعادة البشر تكمن في إلغاء الدِّين
»requisite for the happiness of the people is the abolition of«
فلم يسعد الناس في البلاد التي سيطر الشيوعيون عليها ، لكنهم – وكما قال تشرتشل – فقد نجحوا في مساواة المحكومين في البُؤس : The inherent vertue of Socialism is the equal sharing of miseries. وفي السودان مَكّن الشيوعيون كوادرهم في 572 وظيفة مِفصلية بعد ( الثورة ) ، وكانت هذه الكوادر سبباً مباشراً في انهيار كل شيئ والبؤس الذي يعيشه أهلنا الآن . علمتهم التجارب أن استوزار الكوادر سيعرضهم للنقد وتحميلهم مسؤوليات الفشل ، ومن ثم فالأفضل السيطرة على الوظائف المفصلية في النفط والمعادن والكهرباء وإدارات الكوادر البشرية والحسابات وما إليها.
ألغوا الدين بالقوة وجرّموا الدين والمتدينين ، فلم يسعد الناس . وجراء القمع والبؤس ارتفع معدل الاكتئاب في روسيا والدول الشيوعية لدرجات غير مسبوقة ، وتجد تجلياته في تضخم الأجساد وخاصة أجساد النساء وفقاً لدراسات عديدة.
وبمجرد أن انقشعوا عن حياة الناس هُرع البشر ففتحوا الكنائس والمساجد في كل تلك الدول ، فاللجوء للدين – حتى إن كان باطلاً – فطري لدى البشر .
الذي تأكد الآن أن الشيوعيين السودانيين لا يستطيعون البقاء بلا كفيل.. فلما انهارت الشيوعية في بلادها وانقطع مدد الروبلات يمّموا صوب بلاد كانوا يسمونها بلاد ” الرأسمالية المتوحشة ” ليقدموا خدماتهم لِقاء سقوط أخلاقي وحفنة دولارات ليستأنفوا العمالة كيسار أمريكي
هذه المرة جُعِلت مهمتهم تدمير أخلاق البلاد الإسلامية، ومحو دينها، وتغيير هويتها، وكذلك يفعلون في بلادنا.
خلال خمسينات وستينات القرن الماضي كانت عطبرة عاصمة الشيوعية في السودان ونُشرت وقتها بين العمال ، وبرزت بينهم قيادات شيوعية قومية . ولازالت قيادة الحزب يسيطر عليها خريجو المدارس الصناعية ( صديق يوسف والخطيب مثالاً ) ، وهذا من بين أسباب عجز الحزب عن إجراء مراجعات فكرية فلسفية عميقة ، فواصلوا اجترار مقولات أنبياء القرن التاسع عشر وترديدها كالببغاوات. ومن حاول أن يُروّج لخطٍ عصري أُتّهم وجُرّم وشُوّهت صورته وفُصل ، فصله خريجو المدارس الصناعية الذين ” هَرموا عن هذه اللحظة التاريخية ” كما قال الثائر التونسي بعد سقوط بن علي .
أُثِرَ عن شاه إيران قوله ” إذا كنت دون الثلاثين ولم تكن شيوعياً فأنت بلا قلب ، وإذا بقيت على شيوعيتك بعد الثلاثين فأنت بلا عقل “
♦️دكتور ياسر أبّشر