استنكرت عدد من القوة السياسية تعينات رئيس الوزراء عبدالله حمدوك المخالفة للوثيقة الدستورية ونص البند الثالث من الإعلان السياسي الموقع بين قائد الجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ودكتور عبد الله حمدوك، في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي، نص على “الالتزام بتكوين حكومة مدنية من الكفاءات المستقلة” .
برزت مشاكل عدة أمام دكتور عبد الله حمدوك أجلت تنفيذ هذا الاستحقاق، أولها الرفض الشعبي الواسع للإعلان الذي يجعل الاعتذار من الاستوزار سمة من سمات مرحلة ما قبل التشكيل، على غرار ما رشح في منصة (تويتر) عن اعتذار لقمان همام عن تولي منصب المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وثانيها وضع ممثلي الجبهة الثورية في هذا البند، فبحسب نصوص اتفاق سلام جوبا فإن (٢٥٪) من المقاعد في هياكل السلطة الانتقالية حق أصيل لموقعي اتفاق سلام جوبا، فهل يسري عليهم البند الثالث “بند الكفاءات” ويتم إبعادهم من التشكيل القادم، أم يعلو اتفاق سلام جوبا على الإعلان السياسي الموقع بين البرهان وحمدوك؟.
محك كبير يواجهه رئيس الوزراء، دكتور عبد الله حمدوك، يبرز في تأخير إعلان التشكيل الحكومي، الذي رشحت أنباء عن أن الأول من ديسمبر، أمس، أقصى موعد لإعلانه .
يرى المحلل السياسي، د.صلاح الدومة، أن الإعلان السياسي أطلق يد حمدوك لاختيار حكومة كفاءات مستقلة، وقد يكون هذا البند ملزماً إلزاماً اعتبره الدومة فوق اتفاقية سلام جوبا، رغم تثبيت استحقاقات سلام جوبا في الإعلان السياسي.
ويضيف دكتور الدومة أنه يمكن لحمدوك أن يختار أياً من كفاءات العدل والمساواة، كحركة أو بقية الحركات، لشغل منصب، ويمكن أن يستند على مطالب جبريل نفسه أيام اعتصام القصر بتوسيع رقعة المشاركة، ويأخذ جزءاً من حصة العدل والمساواة لتوسيع رقعة المشاركة في الحكومة الجديدة فعلياً.
المحلل السياسي، د.عبده مختار، يرى أنه يجب على حمدوك أن يلتزم بالإعلان السياسي بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة استقلالاً كاملاً، ويضيف: “الوثيقة الدستورية فوق اتفاق جوبا، وفوق الإعلان السياسي نفسه”. ويضيف دكتور مختار: “على الحركات المسلحة أن تظهر وطنيتها في الابتعاد عن التشاكس حول المقاعد الوزارية”.
وفي ما يلي جانب الاعتذار عن قبول مناصب في التشكيل الحكومي القادم، يقول دكتور عبده: “الاعتذار عن تولي منصب ما في حكومة حمدوك القادمة، قد يكون مرده تقديرات شخصية من المعتذرين، مستمدة من الرفض الشعبي الواسع للإعلان السياسي الموقع بين البرهان وحمدوك، حيث ما زال الشارع في حالة رفض للاتفاق”.
المحلل السياسي، عصام ميرغني، يقول إنه رغم أن الفقرة الرابعة من الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه في ٢١ نوفمبر تشير إلي أن مجلس السيادة هو المشرف علي تنفيذ مهام الفترة الانتقالية، دون التدخل المباشر في العمل التنفيذي، إلا أن الاتفاق نفسه في الفقرة الثالثة يلزم رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة من كفاءات وطنية مستقلة، كما أنه يحدد أكثر بأن يكون القادمون (تكنوقراط)، هذا التحديد يعتبر تدخلاً مباشراً في العمل التنفيذي، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن مهام الفترة الانتقالية تشمل عقد المؤتمر الدستوري، ووضع الدستور، ووضع قانون الانتخابات، والإشراف على الانتخابات، ومعلوم أن كل هذه المهام هي سياسية وقانونية تحتاج لشخصيات صاحبة ذات خبرة وممارسة طويلة في العمل السياسي والقانوني.
ويذهب ميرغني إلى أن التكنوقراط مع كامل الاحترام لهم، إلا أنهم أشخاص أصحاب كفاءة مهنية وتقنية في مجالات فنية وعلمية محددة، وبذلك يتضح جلياً أن حكومة التكنوقراط المقترحة لن تستطيع تحقيق معظم أهداف الفترة الانتقالية الأساسية.
ويشير إلى أن تدخل مجلس السيادة في العمل التنفيذي بدا واضحاً في مسألة إلزام رئيس الوزراء باستثناء اتفاق سلام جوبا من شرط التكنوقراط، ذلك بأن ينفذ كل ما تمخض عنه ذلك الاتفاق من التزامات بما فيها نسبة مشاركتهم في الجهاز التنفيذي.. كما أن الاتفاق السياسي ألزم رئيس الوزراء بمراعاة وضعية خاصة لشرق السودان، ومعلوم أن اتفاق جوبا وقضية شرق السودان هي مسائل سياسية بحتة.. فكيف يستقيم أن يقال إن الحكومة القادمة هي حكومة تكنوقراط، بينما الاتفاق السياسي يلزم رئيس الوزراء بإشراك جهات سياسية فيها؟ هل انتبه رئيس الوزراء لكل هذه التناقضات قبل التوقيع أم لا؟ وهل لديه رؤية وسلطة لإزالة التناقض والتعارض الواضح في الاتفاق مع الوثيقة الدستورية التي أتى للمنصب ابتداءً بموجبها؟ .