خطاب حمدوك المخدر

عبدالماجد عبدالحميد

خيّب حمدوك ظن الذين كانوا ينتظرون منه مفاجأة سارة تخرج لها الشوارع والأزقة في العاصمة والولايات فرحاً بالحدث السعيد .. حمدوك يتقدم بإستقالته !!

الرجل بدا مثل الضيف الثّقيل الذي ينتظر منه أهل الدار المغادرة في أي لحظة .. لكنه يأتي بأفعال .. وأقوال وتصرفات تؤكد بقاءه في صالون البيت لمدة لايعرف أحدٌ متي تنتهي !!

حمدوك جدد بقاءه علي هرم السلطة التنفيذية في السودان بخطاب بارد ومعلّب مثل أكل المستشفى !!

رئيس وزراء حكومة الثورة المصنوعة بدا اليوم حزيناً علي حالة التشظي والإنقسام التي طالت قوي الحرية والتغيير والتي لم تجد وقتاً ربما لمطالعة خطاب الرجل اليوم قبل تسجيله وبثه !!

حمدوك بدا حزيناً علي تشتت رفاقه الذين جمعتهم كراهية الإنقاذ .. وفرّقتهم غنائم السلطة وكراسيها !!

كعادته ، حاول حمدوك دغدغة مشاعر شباب المتاريس وجموع الذين خرجوا في أيام التغيير الأولي .. لكنهم مع مرور الأيام لم يعودوا بذات الحماس الذي دفعهم لقيادة حملة شكراً حمدوك والتبشير بها .. بيد أنهم إكتشفوا بيانا ً بالعمل أنهم أمام رجل بلا قدرات ورئيس وزراء عديم الملامح وباهت في غيابه .. وحضوره !!

الخطاب الذي وجهه حمدوك مساء ايوم لم يكن موجهاً إلي الشعب السوداني بالدرجة الأولي .. الرجل أراد أن يقول لحلفائه في أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية إنه لايزال ممسكاً بالأمور برغم وصول شعبيته إلي الحضيض .. ويعلم حمدوك جيداً إنه إن أعلن إستقالته مساء اليوم فلن يجد من يبكي عليه أو يحرص علي بقائه ..

من عجائب وغرائب خطاب حمدوك مساء اليوم أنه لم يقدم تعليلاً للإجراءات الإقتصادية الأخيرة والتي تم بموجبها رفع الدعم عن الوقود .. وبسببها تصاعدت أسعارالسلع والخدمات وباتت الحياة شبه متوقفة .. ومع هذا لم يقل حمدوك شيئاً عن الأسباب التي دفعته وحلفاءه إلي رفع الدعم عن الوقود والمضي قدماً في إجراءات أخري ستكون أكثر إيلاماً علي شعب بات غير مكترث بحالة الذبح اليوماتي التي يشرف عليها حمدوك والمحيطون به من الداخل والخارج !!

قلت من قبل إن حمدوك يشبه عندي إلي حد كبير الحاكم الذي نصبته قوات الاحتلال الأمريكي علي العراق .. بول بريمر والذي أشرف وبهدؤ ماكر علي خطة تدمير العراق ونهب ثرواته .. وحمدوك اليوم وبصمت شديد يسكت علي خطة تفكيك السودان ونهب خيراته !!

أليس مؤسفاًأن يتباكي رئيس الوزراء علي حالة الإنفلات الأمني التي تعيشها البلاد ويرمي بها فقط علي أذيال النظام البائد متناسياً في ذات الوقت فشل حكومته الكارثي في تقديم حلول ومعالجات جدية للمشاكل التي وضعت السودان كله علي شفا هاوية التفكك والتشظي !!

لن تجد بلادنا عافية .. ولن تنهض همة هذا الشعب العظيم وعلي رأس جهازه التنفيذي رجل بضعف وقلة حيلة وثقالة دم وبرودة رجل إسمه حمدوك !!

لن يعبر شعبنا .. ولن ينتصر وحمدوك علي رأس قيادة جهازه التنفيذي ..

رجل أثبت بياناً بالعمل أنه أقلّ قامة من هامة هذا الوطن النبيل !!