أثار مقال رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة إبراهيم الحوري جدلاً كثيفاً على الساحة السياسية السودانية، وحظي بتداول كثيف على وكالات الأنباء الإقليمية والعالمية. وقال الحوري في المقال الإفتتاحي على الصحيفة، إن ساعة الصفر ميقات زماني قادم لا محالة، إذا كان منهج القوى السياسية ما زال محفوفًا بسلوك الغبينة، متهماً القوى السياسية بالتطاول على القوات المسلحة وتناسي هموم المواطن، وتأجيج الفتن لتأليب الرأي العام على ثوابت البلاد ومقدراتها. وأضاف الحوري إن للجيش ساعة صفر يحتفظ معها بالقرارات التي تلبي أشواق وطموحات السودانيين نحو حكومة وطنية بفترة انتقالية، تمهد لإنتخابات يقول فيها الشعب كلمته.
وحذر الحوري من إنتقاد الجيش والتآمر عليه في إجتماعات الغرف المظلمة، مع من أسماهم عملاء السفارات، الذي رآه إتجاهاً مرصوداً بالأدلة والبراهين الساطعة، ومخططاً مكشوفاً لدى الأجهزة الأمنية، مشيراً إلى أنه عندما إكتملت أركان حلقة التآمر، قبل قرارات أكتوبر التصحيحية، أخرج الجيش القرارات الجراحية وإستعمل طبيبه المشرط وإستأصل الدمامل. وطالب الحوري، القوى المدنية، بتوحيد صفها، وتكوين حكومتها، أما إذا لم تواكب ضخامة المسؤولية وحساسية المرحلة وتصلح من شأنها وتتستر على فشلها بدعاوى هيكلة القوات المسلحة، وغيرها من القضايا التي تحاول من خلالها وضع العراقيل أمام حكومة وطنية فإن الجيش عندها، لن ينتظر أحزاباً لا يجمعها التوافق على حد أدنى من برنامج وطني متفق عليه من صفوفها.
ورداً على الحوري كتب رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير مقالاً أكد فيه إحترامهم للمؤسسة العسكرية، كما نشرت قوى الحرية والتغيير بياناً قالت فيه أن هناك حملة ممنهجة يقودها عناصر نظام الرئيس السابق عمر البشير، لإشعال فتنة بين العسكريين والمدنيين. وقالت القوى إن الحملة مرتبة ومعلومة الدوافع، ينتظر منها من أسقطتهم ثورة ديسمبر، أن يعودوا للمشهد مرة أخرى، ولو كلف الأمر البلاد حرباً طاحنة بين مكوناته المختلفة. وأضافت أن الوضع الحالي الذي تجتهد فيه جهات تنتمي للنظام السابق لخلق إستقطاب حاد بين القوات المسلحة، والدعم السريع وحركات الكفاح المسلح هو وضع خطير سيقود البلاد لحرب أهلية طاحنة
وأصدر مكتب الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة توضيحات بخصوص بيان قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي. وقال إنه من الجيد أن تعمل بعض القوى السياسية على تصحيح مواقفها من القوات المسلحة، التي تتفهم جيداً التحديات التي تجابه البلاد في هذه المرحلة، وأخطرها محاولات إتخاذها مطية لتحقيق مأربها في الوصول للسلطة، دون تفويض شعبي. وأنه ليس بمقدور أحد التلاعب بالقوات المسلحة وتجييرها لخدمة أجندته الذاتية. وقال مكتب الناطق الرسمي أنه ليس هنالك إنقلابيون في صفوف القوات المسلحة، وهي تثق في حكمة قيادتها وقدرتها على إتخاذ ما يلزم لتأمين البلاد.
من جانبها أصدرت قوات الدعم السريع بياناً الأسبوع الماضي، أعلنت فيه أن هناك بعض الجهات ظلت تعمل على نسج الأكاذيب والترويج لها في وسائل التواصل الإجتماعي، على أنها حقائق بغرض إثارة الرأي العام والتحريض ضد قوات الدعم السريع وقيادتها لأغراض معلومة. ودعت القوات جميع وسائل الإعلام، لعدم الإنسياق وراء الشائعات الكاذبة التي تنشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وأكدت أن أبوابها مفتوحة للحصول على المعلومات الحقيقية، كما أكدت أنها ستعمل على ملاحقة مروجي تلك الشائعات قانونياً. وقال البيان أن قوات الدعم السريع ستقطع الطريق على المتربصين أصحاب الغرض، الذين ظلوا يسعون ليلاً ونهاراً للنيل من القوات وقيادتها.
وحول بيان قوى الحرية والتغيير قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد عبد القادر أن قوى الحرية والتغيير إستهدفت بالمواكب والهتافات سلطة البرهان وقيادة الجيش، وأعلنت عن شعارات وهتافات مسيئة ومتجاوزة حتى للقيم المرعية في إدارة الخلاف السياسي. وتساءل محمد: (من الذي صدعنا بدعوات تفكيك الجيش وتسليمه إلى العدم؟، ومن الذي قاد الهجمة تلو الهجمة على العسكر، وطالب على الدوام بهيكلتهم وإرسالهم إلى الثكنات. أليست هي قوى الحرية والتغيير)؟. وأضاف محمد: (ترى ما سر هذا الغزل المفاجئ وهل تغيرت عقلية (قحت) تجاه العسكر، وتخلت عن شعاراتها الداعية لإسقاطهم وتعليقهم في المشانق؟، وماذا ستقول لثوارها الذين عبأتهم ضد العسكر وجاءت اليوم لتبكي في أحضان الكاكي وتتهم الفلول بإستهداف الجيش)؟.
وقال الخبير العسكري الفريق أول ركن حسن يحيى محمد أحمد في مقال تم تداوله على نطاق واسع، أن الجيش أصبح يواجه تحدياً داخلياً وخارجياً يهدد كيانه ووجوده، ومن المؤسف أن يأتي التحدي من شريكه السابق في الحكم، الذي يتهمه بالأدلجة، وتحت دعاوى إعادة هيكلة الجيش وتغيير عقيدته العسكرية يسعى لتفكيكه وتسريحه، بالرغم من أن الجيش يمثل صمام أمان السودان، وتفكيك صمام الأمان سوف يقود لتفكيك السودان بكامله.
وقال حسن: (مرحلة اللا دولة الحالية تتطلب الإسراع في تشكيل حكومة مركزية قوية تضم كفاءات وطنية قومية، بوفاق أو بدون وفاق لإدارة ما تبقى من الفترة الإنتقالية).