يكشف الحرب الروسية على أوكرانيا الكثير من الحقائق التي يمكن أن نكتشف المستقبل في ضوئها، ومن أهم تلك الحقائق أن الولايات المتحدة تطبق معايير مزدوجة وتتعامل مع الشعوب بتحيز وعنصرية.
يقول بيتر أوبورن إن الغرب اندفع لمساعدة أوكرانيا ضد الغزو الأجنبي، لكن لم تكن لديه رحمة على غزة واليمن وسوريا وميانمار والعراق والصومال وأفغانستان.
ولذلك يصف أوبورن الغرب بالنفاق، فإدانة حرب روسيا على أوكرانيا ووصفها بالوحشية تتطلب في الوقت نفسه إدانة كل أشكال العدوان على الشعوب ورفض انتهاك حقوقها في الحرية والديمقراطية.
ولقد لاحظ أن النفاق الغربي واستغله في الهجوم على الغرب وعلى وسائل الإعلام الغربية، فقال بوتين إن الغرب يهتم بالأوكرانيين لأنهم بيض، مشيرا إلى تعليق قناة “سي بي إس” الأميركية بأن أوكرانيا دولة أوروبية متحضرة ليست مثل العراق وسوريا.
وعندما ذهبت سامانثا باور لتوزيع المعونات الأميركية على اللاجئين الأوكرانيين الذين فرو من الحرب إلى الحدود البولندية قالت إنهم يشبهوننا، وهذا ما يسبب لنا صدمة، فالحرب لم تعد تستهدف الشعوب البعيدة الفقيرة.
كانت باور -التي تقود الآن عملية الإغاثة الأميركية للشعب الأوكراني- سفيرة أميركا في الأمم المتحدة، وكانت تستطيع أن تساعد في وقف الحرب على اليمن، لكنها لم تفعل، وفضلت سياسة الصمت، ولم تحاول إدانة القنابل التي تدمر المستشفيات والمدارس اليمنية، ولم تعبر عن أي تعاطف مع شعوب اليمن وسوريا وغزة وميانمار
أن العالم كله يجب أن يقف بعد أن ينقشع غبار ذلك العدوان ضد المعايير الغربية المزدوجة، وأن يرفض النفاق الغربي ويبحث عن وسائل لحماية حقوق الشعوب في الحرية والديمقراطية ويحميها من العدوان الأجنبي بدون تمييز أو تفرقة عنصرية.. ويتخلي عن الغرب قدر الممكن.
إن قوة المبادئ تتجلى في تطبيقها على الجميع دون تمييز، والغرب يضعف تلك المبادئ عندما يطبقها بشكل متحيز وطبقا لمصالحه.
إن إدانة العدوان الخارجي يجب أن تكون قاعدة لبناء السياسات الخارجية العادلة للدول التي تحترم نفسها، وتريد أن تبني صورتها في أذهان الشعوب على أساس دورها في حماية المبادئ الإنسانية، ودفاعها عن حقوق الإنسان والشعوب.
أما الدولة التي تدين العدوان على شعب لمجرد أنهم من البيض أو أنهم يشبهون الدول الغربية في الوقت الذي تتجاهل فيه مآسي الشعوب العربية والإسلامية فإنها لا تستحق الاحترام، وهي تقوم بتشويه صورتها عندما تطبق المعايير المزدوجة وتكيل بمكيالين.
إن الرجل الأوكراني الذي فجر نفسه في دبابة روسية يستحق التمجيد والفخر به وتقديمه كبطل ضحى بحياته دفاعا عن حرية بلاده واستقلالها، لكن في الوقت نفسه هناك الكثير من الرجال الفلسطينيين قاموا بعمليات استشهادية وفجروا أجسادهم في دبابات المحتل الإسرائيلي وجيشه لتحرير أرضهم يسمون إرهابيين.
جاء وقت شكر روسيا لتبصيرنا وتعلمنا بأن الغرب منافق وخداع.. بأن لاتوجد حقوق انسان الا للقوى.