عند نهاية طريق ممتد بين تلال وعرة، حوّلت مئة عائلة سفح جبل يمني إلى ملاذ آمن بعيدا عن الحرب التي هجّرتهم من بيوتهم وأغرقت البلد الفقير في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
فرّت العائلات من منازلها قبل ثلاث سنوات بحثا عن مأوى بعدما أصبحت المعارك في مديرية رازح في محافظة صعدة، معقل المتمردين في الشمال قرب الحدود السعودية، تهدّد حياة أفرادها.
وبعدما حمّلوا ممتلكاتهم على ظهور الحمير، ساروا شمالا تحت تهديد القناصة والضربات الجوية حتى توقّفوا عن سماع القتال بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة المعترف بها.
عندها أدركوا أن سفح سلسلة جبال الأزهور أصبح موطنهم الجديد على أمل العودة لمنازلهم عند انتهاء الحرب.
وقال المسؤول المحلي في رازح مطر أحمد لوكالة فرانس برس، “اضطروا إلى الفرار (…) والبحث عن مناطق آمنة بسبب الحرب. وجدوا هذا المكان الذي لا يصلح إطلاقا للعيش، في هذا الوادي”.
وأضاف متحدثا في المخيم “الظروف أجبرتهم على العيش في هذا المكان رغم قساوته. البؤس لا يقاس هنا”.
وأدى الصراع الطويل في اليمن بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، إلى مقتل عشرات الآلاف ودفع الملايين إلى حافة المجاعة.
وتصف الأمم المتحدة اليمن بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ نزح أكثر من أربعة ملايين شخص فيما يعتمد ثلثا السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات.
– العيش بين الصخور –
في مخيم الأزهور الذي بات أشبه بقرية صغيرة، يعيش أكثر من 700 نازح بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال في خيام مؤقتة تنتشر بشكل عشوائي على سفح الجبل وسط القمامة وبرك المياه العكرة.
ومع عدم وجود مرافق صحية مناسبة قريبة ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة، السكان معرضون للإصابة بالأمراض.
ويضطر سكان المخيم إلى السير لمسافات طويلة سيرا على الأقدام للحصول على ما يحتاجون إليه.
وقال أحد السكان لوكالة فرانس برس “نحن نعيش بين الصخور، وليست لدينا مياه نظيفة”. وكانت شاحنة رباعية الدفع تقل ثلاثة جنود تشق طريقها صعودًا بصعوبة للوصول إلى أعلى الجبل.
وكانت منطقة رازح ساحة معركة بين الحوثيين والحكومة اليمنية حتى قبل اندلاع الصراع الحالي في صيف 2014، عندما شنّ المتمردون حملتهم العسكرية للسيطرة على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.
ومع عدم وجود مؤشر على اتفاق سلام قريب، أصبحت الأسر عند سفح الجبل بين عدد لا يحصى من اليمنيين الذين يجهدون للتكيف مع أوضاعهم المأساوية، متسلحين بأمل العودة إلى منازلهم.
في أحد أركان المخيم، جلس رجال في ظل صخرة كبيرة يشربون القهوة بينما تجمّع أطفال معا وسار آخرون على طول منحدر فيه ثلاثة مراحيض محمولة.
ويعتمد السكان على المساعدات. وكل بضعة أيام، يحمل الرجال والأطفال صناديق الإمدادات وأوعية المياه إلى خيامهم من السيارات التي ترسلها منظمات انسانية.
لكن الطعام ليس همهم الوحيد.
وقال الأستاذ هادي جابر لفرانس برس “جميع الأطفال هنا لا يحصلون على حقهم في التعليم، ومعظمهم لا يستطيع القراءة أو الكتابة”.