هاجم عدد من محامي الدفاع عن المتهمين في قضية تدبير إنقلاب 1989م عدم حضور التلفزيون القومي إلى المحكمة أمس لنقل وقائعها وبثها فضائياً ومباشراً كالسابق وأعتبر أحد الدفاع بأنه أمر مسيس ومدبر ومبيت .
ويواجه الرئيس المعزول عمر البشير و(27) من قيادات ورموز النظام البائد الإتهام على ذمة تدبير إنقلاب 30 يونيو 1989م .
مسيس ومدبر
وتفاجأت هيئات دفاع المتهمين عند إنطلاق الجلسة بعدم وجود كاميرات البث المباشر للتلفزيون القومي خلال جلسة المحكمة أمس ، مما جعلهم يستنكرون الأمر ، في وقت قال فيه رئيس هيئة دفاع المتهمين عبدالباسط سبدرات ،إن التلفزيون كان حاضراً طيلة الجلسات الأولية الماضية إلا أنه تغيب عن حضور الجلسات التي يستجوب خلالها محامو دفاع المتهمين المتحري لإيضاح (حجتهم ) جراء إتهامهم على ذمة الدعوى ، وأعتبر سبدرات إن عدم حضور التلفزيون القومي لتغطية الجلسة أمراً سياسياً ومبيتاً ومدبراً ، وتعجب سبدرات فى ذات الوقت من مسألة مطالبة التلفزيون المحكمة بمخاطبته لتغطية (كواليس) المحاكمة وظل يردد سبدرات كيف تخاطبهم المحكمة لتغطية المحاكمة)، وهنا أوقف القاضي سبدرات ، وأفاده (إنت فسرت ما جرى حسب وجهة نظرك ( .
من جانبه أكد رئيس هيئة المحكمة قاضي المحكمة العليا حسين الجاك الشيخ ، بإخطارهم التلفزيون القومي بموعد إنعقاد الجلسة إلا أنهم وفي المقابل إشترطوا تغطيتها بعد مخاطبتهم من قبل المحكمة بذلك ، وهنا ظل يردد القاضي قائلاً : ( إن الإعلام هو من يتصيد الأحداث إذا عايزين يجوا وإذا ما عايزين على كيفهم ) ، وشدد القاضي إن الإعلام هو من يتابع الأحداث وأن على التلفزيون توثيق تلك الأحداث .
سفر الفششوية
في ذات الإتجاه دفع محامي الدفاع محمد الحسن الأمين ، بطلب للمحكمة لسفر المتهم الـ(17) أحمد محمد علي الفششوية ، إلى القاهرة لتلقي العلاج لأنه مازال مريضاً ولتدهور حالته العقلية لكبر سنه بحسب آخر تقارير الطبية له بالسجن التي تشير لحاجة الفششوية لرعاية من أقرب الأقربين له ، ووعد الحسن المحكمة بأنه وفي حال تم شفاء المتهم سيثمل أمام المحكمة
في ذات الوقت وضع عدة محامين للدفاع طلبات منضدة المحكمة إلتمسوا من خلالها الإفراج عن بعض المتهمين بالضمانة العادية أو ضامن كفوء أو بضمان مشروط ،وذلك أسوةً ببقية المتهمين الآخرين على رأسهم الطيب محمد خير ، وذلك لظروفه الصحية والأسرية ، فيما برر المحامي بارود صندل طلبه بالإفراج عن موكله عمر عبدالمعروف بالضمان ، وذلك لأن البينة المقدمة ضده هي لإفادة أحد الشهود بأنه شارك في الإنقلاب ولم يوضح دوره ، بينما علل المحامي أحمد أبوزيد ، طلبه بالإفراج عن المتهم الـ(13) نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي ، وذلك لخلل شاب إجراءات الدعوى لعدم أخذ الإذن من رئيس الدولة لفتحها ، فيما حددت المحكمة الفصل في الطلبات لجلسة قادمة حسب ما تقتضيه الأسباب بالرغم من رفض الإتهام تلك الطلبات بإعتبارها مكررة وسبق الفصل فيها بالرفض .
جدلية إنقطاع (100) يوم
في ذات السياق استأنفت المحكمة المنعقدة بمعهد تدريب ضباط الشرطة بالأدلة الجنائية برئاسة قاضي المحكمة عليا وعضوية قاضيي استئناف جلستها عقب إعادة الأوراق من المحكمة العليا ، وشددت المحكمة على السير في الجلسة رغم تقدم المتحري بطلب لتأجيلها لأخرى لحين مطالعته محضر التحريات وجاهزية استجوابه بواسطة الدفاع لاسيما وأنه إنقطع عنه لأكثر من (100) يوم ، فضلاً عن أنه كان في مهمة بـ(الدروة ) حسب تعبيره ، إلى جانب أنه علم من أحد أعضاء هيئة الإتهام قبل يومين من موعد الجلسة ، في وقت أبدت فيه أيضاً بعض هيئات دفاع المتهمين إعتراضهم على طلب تأجيل الجلسة وأعتبروا حجة المتحري بالتأجيل غير مقبولة ومحاولة لإبقاء المتهمين لأطول مدة بالحبس ، وفي خضم تلك السجالات القانونية حاول الإتهام برئاسة رئيس نيابة عامة سيف اليزل سري ، السير في إتجاه تأجيل الجلسة حسب طلب المتحري ، وعزا ذلك ليتم إنعاش ذاكرة المتحري التي إنقطعت عن الملف لأكثر من مائة يوم ويكون حضوره جيداً ، إلا أنه ورغم كل ذلك حسمت المحكمة الأمر وقررت أن يواصل المتحري أقواله.
إذن الرئاسة
وإبتدر عماد جلجال رئيس هيئة الدفاع عن المتهم الخامس اللواء بالقوات المسلحة يونس محمود محمد ، مناقشته للمتحري عقيد شرطة الذي أفاد خلالها بأنه لم يأخذ الإذن من رئاسة الدولة لفتح هذا البلاغ ضد المتهمين بالرغم من أن أحد مواد إتهامه مخالفة نص المادة (96/1) من قانون العقوبات السوداني لسنة 83م التي تشترط ذلك ، و أكد المتحري عدم توصله بالتحريات إلى وجود إتفاق جنائي للمتهم الخامس وبقية المتهمين بمن فيهم البشير ، في التخطيط لما قبل 30 يونيو 1989م ، فضلاً عن أنه ومن واقع التحريات لم يحضر. الخامس أية إجتماعات قبل الإنقلاب ، وشدد المتحري على أنه ومن التحريات فأن المتهم الخامس يونس محمود ، شارك في عملية تقويض النظام الدستوري وقتها ، بجانب مشاركته في عمليات إعتقالات لمجموعة من الأشخاص ، فضلاً عن ذهابه ببيان الإنقلاب الأول إلى الإذاعة ، موضحاً بأنه ووقتها كان ضابطاً بقوات الشعب المسلحة بوحدة التوجيه المعنوي ، مؤكداً في ذات الإطار تقلد المتهم عدة مناصب دستورية بعد الإنقلاب من بينها مستشار لوزارة الدفاع وهو برتبة عسكرية .
تطورات الحالة الصحية
في ذات السياق طالبت هيئة الإتهام عن الحق العام من المحكمة ضرورة مخاطبة المستشفيات التي يستشفي فيها عدد من المتهمين على رأسهم البشير ، وبكري حسن صالح ، وعبدالرحيم محمد حسين ، وأحمد عبدالرحمن الذي يستفشى بالقاهرة بعد إذن المحكمة ، وذلك لمعرفة آخر تطورات حالتهم الصحية ومدى إمكانية مثولهم بالمحكمة ، حينها أكد محامو المتهمين بأن موكليهم بحاجة دائمة للعلاج وإذا تعافوا سيمثلون أمام المحكمة ، فيما طالب الإتهام أيضاً المحكمة بضرورة مخاطبة اللجنة الطبية لتحديد إذا ما كان المتهم الـ(17) أحمد محمد علي الفششوية قادراً على الدفاع عن نفسه في الدعوى لاسيما وأن اللجنة سبق وأن قررت عدم إمكانيته الدفاع عن نفسه وبموجبه أمرت المحكمة بوقف محاكمته في الدعوى وفق نص المادة (202) من قانون الإجراءات الجنائي السوداني .
مصدع وما جاهز للاستجواب
في وقت إعتذر عدة محامون للدفاع على رأسهم (محمد الحسن الأمين ، محمد شوكت ، وتاج السر عكاشة ) للمحكمة عن إمكانية استجوابهم المتحري في جلسة الأمس ، وإلتمسوا تأجيلها لأخرى بحجة أنهم لم يجلسوا مع موكليهم ، وآخرين تبين غيابهم عن الجلسة ، فيما تعلل المحامي تاج السر عكاشة بعدم مقدرته استجواب المتحري في الجلسة لأنه (مصدع وماجاهز للاستجواب ) ، حيث وافقت المحكمة على طلباتهم بتأجيل استجوابهم المتحري لجلسة أخرى ذلك ، في ذات الوقت رفض المتهمان عثمان أحمد حسن ، وهاشم عمر بريقع توجيه أية أسئلة للمتحري حول إتهامهما في الدعوى – لاسيما وأنهما يدافعان عن أنفسهما دون محام لهما . فيما حددت المحكمة جلسة الثلاثاء المقبل للسير في إجراءات المحاكمة.