كورونا، «الفيروس الصيني» حسب تسمية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي شغل العالم، وشلّ حركته ابتداءا من ووهان في سابقة لم تعرف لها البشرية مثيلاً، ليس صينياً، على ما يبدو.
أنهى فريق منظمة الصحة العالمية المكون من 13 خبيراً الذي وصل إلى ووهان في 14 يناير/ كانون الثاني، مهمة تقصي الحقائق التي كُلف بها عدد من خبراء الصحة العالميين تحت مظلة المنظمة، وسط إشادات متكررة بالتسهيلات التي قدمتها الصين للوفد الذي أجرى تحرياته في مدينة ووهان الصينية المتهمة بأن الفيروس انطلق منها.
وقد تعلّم العالم من تجاربه مع المنظمات الدولية، سواء منظمة الطاقة النووية، أو الصحة العالمية، أو غيرهما، أن تلك المنظمات تعمل غالباً وفق قواعد يحددها القانون الذي صدرت بموجبه وينظم أنشطتها بما يكفل تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها. إلا أن ذلك لا يعني أن كل المهمات التي تنفذها أي منها تتسم بالشفافية والنزاهة المطلقة، خاصة أن الدول الكبرى تكون لها عادة حصة الأسد في تمويلها أولاً، ثم في آليات تشكيل مجالس إدارتها، وتعيين كبار المسؤولين فيها.
وبالعودة إلى مهمة وفد منظمة الصحة العالمية إلى ووهان، فقد أشاد بيتر داشاك رئيس الوفد في تصريح لوكالة أسوشييتد برس، بتعاون السلطات الصينية والتسهيلات التي قدمت له، قائلاً: «طلبوا منا أن نسمي الأماكن التي نود زيارتها وأعطيناهم قائمة بها. وقد قمنا بزيارة جميع الأماكن من دون استثناء، وعاينا كل ما أردنا معاينته». يذكر أن الوفد زار في آخر يوم له مختبر «BSL-4» الذي يخضع لإجراءات عزل مشددة، والذي ارتبطت به شائعات تسرب مزعوم للفيروس، أو الأصل الصناعي المحتمل ل«كوفيد – 19».
وأكد الوفد أن مدينة ووهان كانت مفتوحة بشكل لم يكونوا يتوقعونه، مشيداً بالدور الذي قام به علماء صينيون، خاصة نائب رئيس معهد ووهان لعلوم الفيروسات.
وينتظر أن يجري الوفد الذي بدأ مهمته بعد أشهر من المفاوضات بين منظمة الصحة العالمية وبكين، دراسة تفصيلية للبيانات والمعلومات التي جمعها قبل أن يعد تقريره الذي يقدمه لمنظمة الصحة العالمية.
مواقف وإيحاءات
منذ اتهام الصين لأول مرة، بتسريب الفيروس في إطار حرب جرثومية متخيلة مع الولايات المتحدة، انقسم العالم بين مصدق، ومكذب لمثل هذه الأخبار التي تحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت لإثبات صحتها، خاصة أنها لا ترتبط بواقعة مادية، أو جغرافية، بل ترتبط بالبحث العلمي الذي هو من اختصاص النخب التخصصية في العالم. وقد استبعد فلاديمير ديدكوف، الخبير الروسي في فريق خبراء منظمة الصحة العالمية، احتمال تسرب فيروس كورونا المستجد من مختبر معهد ووهان لعلم الفيروسات.
وشدد ديدكوف، وهو أيضاً نائب مدير معهد باستور لبحوث علم الأوبئة وعلم الأحياء الدقيقة في مدينة سان بطرسبرج، على أن منشأة مختبر معهد ووهان لعلم الفيروسات، مشيدة وفق أفضل المعايير التخصصية، ومن الصعب جداً تخيل حدوث تسرب من هناك.
وأضاف: «كان من المهم لبعثتنا زيارة مثل هذه المؤسسة، للتواصل مع الزملاء، والاطلاع على تفاصيل تنظيم كل شيء فيها. كان واضحاً للجميع أن التنظيم جيد، ولم ينتقص أي من أعضاء الوفد من الإجراءات المتبعة».
وأشاد خبراء منظمة الصحة العالمية بالعاملين في معهد ووهان الذين وصفوهم بالكوادر المؤهلة ذات السنوات الطويلة من الخبرة في علم الفيروسات، بما فيها فيروسات كورونا، ولديهم العديد من النتائج المثيرة للاهتمام.