هدد نائب رئيس مجلس السيادة في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الولايات المتحدة وأوروبا بزيادة تدفق اللاجئين من السودان إذا لم تدعم الحكومة الجديدة التي يقودها الجيش، وهو ما اعتبره محللون ابتزاز من المكون العسكري للمجتمع الدولي.
وذكر حميدتي في تصريحات لمجلة بوليتيكو أن واشنطن وأوروبا ليس لديهما خيار سوى دعم الحكومة الأخيرة لتجنب أزمة اللاجئين، وأشار إلى أن حدود السودان تخضع لمراقبة الجيش.
وقال: “نظرًا لالتزامنا تجاه المجتمع الدولي والقانون، فإننا نحافظ على عدم تدفق اللاجئين. لكن إذا فتح السودان الحدود، فستحدث مشكلة كبيرة في جميع أنحاء العالم”.
وأكد حميدتي أن رسالته لأوروبا والولايات المتحدة هي تنحية شكوكهما جانبا، واعتباره قائد القوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، مصدرين للاستقرار، مشيرا إلى أن عدد اللاجئين في السودان “كبير”.
“ابتزاز”
ووصف الدبلوماسي الأميركي السابق في السودان، كاميرون هدسون، هذه التصريحات بأنها “ابتزاز محض” من قبل حميدتي، مؤكدا أن هذا سبب آخر لعدم اعتباره، أو التعامل معه، كزعيم شرعي للسودان.
وقال هدسون، الذي يعمل باحثا في المجلس الأطلسي، في تصريحات لموقع “الحرة”: “تبدو هذه محاولة واضحة من قبل داعمي حميدتي الروس، لاستخدام السودان مثل بيلاروس جديدة، لخلق فوضى سياسية وتهديد لقادة الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف: “هذا ابتزاز يهدد بتفاقم أزمة اللاجئين، ما لم تدعم أوروبا حكومته من خلال المساعدة والتعاون والدعم الدبلوماسي”.
وتشكل قضية تدفق اللاجئين مصدر قلق لأوروبا. بعدما بات الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة رافضا لاستقبال المزيد من المهاجرين، وغير قادر على الاتفاق على كيفية توزيعهم في جميع أنحاءه.
وبحسب الأمم المتحدة، يستضيف السودان أكثر من مليون لاجئ من دول أخرى. كما تشير إلى أن ما يقرب من 7 ملايين سوداني وجنوب سوداني قد نزحوا قسراً، إما داخل بلادهم أو في جميع أنحاء المنطقة.
من جانبه، يرى الأمين العام للجبهة الوطنية السودانية، نزار عبد العزيز، أن هذه التصريحات محاولة من حميدتي للضغط على الولايات المتحدة وأوروبا، لوقف أي مشروعات قوانين لفرض عقوبات على بعض أفراد المكون العسكري، ومعطلي عملية التحول الانتقال الديمقراطي في السودان .
وأضاف عبد العزيز، في حديثه مع موقع “الحرة”، أن حميدتي قلق من هذه العقوبات لأنه يمتلك شركات واستثمارات كبيرة في الخارج، على حد تعبيره.
“ردا على المواقف الأوروبية”
في المقابل، قال المحلل السياسي والعسكري، عبد الهادي عبد الباسط، إن هذه التصريحات جاءت ردا على عدم تقدير الدول الأوروبية، وواشنطن، لجهود القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية في منع تدفق اللاجئين ومكافحة الهجرة والاتجار بالبشر.
وأضاف عبد الباسط في حديثه مع موقع “الحرة” أن المكون العسكري ينظر بعين الريبة إلى مواقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة تجاه القوات المسلحة السودانية والتخلي عنها، واصفا هذه المواقف بأنها “عدوانية وغير داعمة”.
وكان قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أعلن في 25 أكتوبر حالة الطوارئ في البلاد وحل مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة، عبدالله حمدوك، الذي جرى توقيفه لفترة وجيزة، ثم وضعه قيد الإقامة الجبرية في منزله، وأوقف معظم وزراء الحكومة من المدنيين وبعض النشطاء والسياسيين.
وقبل أيام، استجاب البرهان للضغوط الدولية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتهديدات بفرض عقوبات ووقف المساعدات المالية والدبلوماسية، وأعاد حمدوك إلى رئاسة الحكومة، وفق اتفاق سياسي جديد.
ومنذ قرارات 25 أكتوبر، يشهد السودان مظاهرات في مختلف أنحاء البلاد، رفضا للانقلاب العسكري، وللمطالبة بعودة الحكومة المدنية، وشهدت دعوات للعصيان المدني والاعتصام. وخلال هذه المليونيات سقط نحو 42 قتيلا.
في الآونة الأخيرة، قال متحدث باسم الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي لـ”بوليتيكو” فإن الكتلة سجلت استيائها من حميدتي.
“أوروبا في موقف ضعيف”
وعن إمكانية تنفيذ القادة العسكريين لهذه التهديدات، قال هدسون إن حميدتي في وضع يسمح له بزيادة هذه الأعداد والضغط على دول الاتحاد الأوروبي، التي تتعرض بالفعل لانتقادات شديدة، لردع المهاجرين عن عبور البحر الأبيض المتوسط.
وأوضح أن الكثير من المهاجرين الذين يعبرون إلى أوروبا عبر البحر المتوسط قادمين من ليبيا كثير منهم سودانيون.
وأكد هدسون أن أوروبا في موقف ضعيف بالفعل، لكن عليها أن تفهم أن روسيا هي من تلاعبها من خلال السودان. وقال: “لا تستطيع أوروبا والولايات المتحدة الجلوس والسماح للقوى الخارجية بالتلاعب بالاضطرابات السياسية في السودان لأغراضها الخاصة”.
وأكد عبد العزيز أن أوروبا وأميركا لن تقبل بهذه التهديدات، مشيرا إلى أن حميدتي “يهدد فقط” ولن يقدم على تنفيذ مثل هذه الخطوة، لأن هذا سيعرض السودان للخطر لأنها دولة هشة أمنية وسياسيا، كما أنه محاصر بدول هشة مضطربة مثل ليبيا وإثيوبيا.
ويرى أن هذه التصريحات قد تدفع الأميركيين، وبعض الأوروبيين، إلى مراجعة موقفهم من المكون العسكري.
وتوقع عبد الباسط أن ينفذ القادة العسكريون في السودان تهديداتهم، إذا تمسكت أوروبا والولايات المتحدة بمواقفها.
حسين قايد – دبي