لا شك أن الكل يتابع ما يجري في العالم هنا وهناك من تفشٍ لوباء الكورونا وزيادة مخيفة في حالات الاصابة بهذا الوباء الخطير سريع الانتشار والذي حير العالم وشغل وسائل الاعلام وضجت به الأسافير وأثقل كاهل الأطباء وخبراء الصحة بمختلف اختصاصاتهم وتوجهاتهم ..
واذا تأملت – عزيزي القارئ – في التقارير والاحصائيات اليومية في بلادنا حول هذه الجائحة تدرك حجم الخطر الذي يحدق بنا جميعاً دون استثناء لا سيما مع التجاهل وعدم المبالاة والاكتراث عند كثيرين مما دفعهم الى عدم الالتزام بأدنى الاشتراطات الصحية التي يجب العمل بها للوقاية والحد من انتشار هذا الوباء .. مما دفعني الى كتابة هذا المقال أدق فيه ناقوس الخطر محذراً من مغبة التجاهل وعدم المبالاة حتى لا نعرض حياتنا وحياة من نحب للخطر ..
وأعظم تلك المظاهر التي تدل عدم مبالاة الناس بوباء الكورنا هذه التظاهرات وما فيها من تجمعات تكتظ بها الشوارع والطرقات فإن التجمعات والأماكن المزدحمة بيئة خصبة لتفشي هذا الفيروس وانتشاره لإن ازدحام الناس من أكبر وسائل انتقال العدوى.. ولذلك فإني أناشد المواطنين الى العمل بالاجراءات الصحية وأدعوهم الى ضرورة التباعد الاجتماعي وعدم المشاركة في هذه التظاهرات أياً كانت الدوافع لها فإن سلامة الناس وعافيتهم وبقاء صحتهم أولى بالحفظ والرعاية والاهتمام من الجري والانسياق وراء المطامع السياسية والمآرب الحزبية وحتى لو كانت الدوافع عند البعض مصلحة الأوطان فإن الأوطان إنما تبنى بأجساد صحيحة وأجسام معافاة أما إذا دب فيها المرض وأقعدها السقم فكيف للأوطان أن تبنى وكيف للاقتصاد أن يزدهر..
ينبغي أن نعيد النظر في الوضع الصحي في بلادنا فها هو فصل الشتاء قد دخل علينا والمعروف أن حالات الاصابة بالكورونا تزيد في فصل الشتاء نسبة لتغير الجو وبحسب إفادة وزارة الصحة بالخرطوم بتاريخ ١٧ ديسمبر الماضي فانها تتوقع استمرار الموجة الرابعة من كورونا حتى نهاية مارس المقبل !! فلماذا نجني على أنفسنا مرتين .. التظاهرات وما فيها من تجمعات وازدحام من ناحية وفصل الشتاء وبرودة المناخ من ناحية .. والضحية المواطن المسكين المغلوب على أمره ..
ولو قال أحد الشباب نحن أصحاء ولن تضرنا نوبات الكورنا لأنها لا تهلك الشباب نقول لهم: لو سلمنا جدلاً بهذا فما ذنب أهاليكم وجيرانكم ومن تلتقون بهم من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة الذين تنقص مناعتهم فيكونون أكثر عرضة للهلاك بالوباء ..
وها هي كبرى دول العالم تطبّق ضوابط مشددّة على مواطنيها والمقيمين علي أراضيها وتلزمهم باجراءات مشددة فيما يخص تجوالهم وتحركّهم الطبيعية، فهناك ضوابط للعمل وأخرى للتجمعات وأخرى للتجوال والسفر والزامات معمّمة على الجميع بارتداء الكمامات وأساليب الوقاية .. كل هذا بالاضافة الى فرض القوانين الصارمة على كل من يخالف ذلك .. لدرجة أن المملكة العربية السعودية نادت بالتباعد في الجمعة والجماعات بالمساجد بما فيها الحرمين الشريفين .. وفوق ذلك لا تسمح لمواطنيها بأي مسيرات ولو كانت سلمية علي أراضيها وكذا الحال في دولة الإمارات العربية مع ما عندهم من إمكانيات صحية هائلة .. فما بال شباب السودان يأتون للتظاهر من كل حدب وصوب ويتجمعون حتى تزدحم بهم الشوارع والطرقات غير مكترثين بالانتشار المخيف لهذا الوباء في ظل هذه الظروف الصحية بالغة التعقيد مع غياب الضوابط الصحية والكمامات والتعقيم واللقاحات .. لا سيما
والوضع الصحي بالبلاد في حالة يرثى لها من عدم توفر أسرة لتنويم المرضى ونقص حاد في أسطوانات الأكسجين وقلة الأجهزة والمعدت الطبية ونقص في الكادر الطبي والتمريض المؤهل مما أدى الى زيادة حالات الوفيات.. فلا ينبغي أن نثقل كاهل المؤسسات الصحية بما لا تحتمله من زيادة الحالات فالأمر عظيم والخطر الجسيم والله يرعانا ويرعاكم حفظ الله بلادنا وشعبنا وسلمنا واياكم من كل شر ومكروه.
✍🏻 بقلم د. عادل عبدالله