منذ الأسبوع الماضي، انشغل الشارع اللبناني مجددا بمسألة تهريب المخدرات والكبتاغون من لبنان إلى الخارج، في ضربة جديدة للبلد الغارق بأزمات اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة. فخلال الأيام الماضية ضبط عدد من الشحنات، كما أوقف أشخاص مرتبطون بالملف، إلا أن الاسم الأبرز الذي أعلن عن توقيفه كان حسن دقو، الذي وصف محلياً بـ “ملك الكبتاغون“.
وترافق اسمه مع عمليات تهريب مخدرات إلى السعودية واليونان وغيرهما من الدول، مع أخبار المداهمات التي تُجريها الأجهزة الأمنية “لأوكار” مصانع الكبتاغون وتوقيف المتورّطين بصناعتها وتصديرها إلى الخارج.
ارتبط اسم هذا الرجل الذي أوقفته شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي منذ أسابيع ببلدة الطفيل الواقعة في عمق السلسلة الشرقية للبنان والمتداخلة مع الأراضي السورية، والتي فرغت من أبنائها بدءاً من العام 2014 إثر المعارك التي اندلعت بين حزب الله والفصائل المعارضة كانت نتيجتها خروج مئات العائلات السورية واللبنانية منها.
وفي يوليوالماضي، ظهر فجأةً المدعو حسن دقو (سوري الأصل وحصل على الجنسية اللبنانية في يونيو الصيف الماضي)، مدّعياً أنه اشترى 600 سهم من عقارات البلدة (27 عقاراً) من أحد أبنائها من أصل 2400، ليبقي 1800 سهم مرهونة لصالح مصرف لبنان بعد إفلاس بنك كان مالكاً لها.
ومنذ ذلك الوقت بدأ تنفيذ أعمال جرف واقتلاع أشجار مُثمرة كالمشمش والكرز والتفاح في بساتين البلدة، بواسطة جرافات وآليات، بمرافقة من أشخاص مسلّحين، ملحقاً الضرر البالغ والخسائر الفادحة بأصحاب ومالكي البساتين، وهو ما في جاء في الكتاب الذي رفعه أهالي الطفيل إلى محافظ بعلبك – الهرمل (البقاع الشمالي) بشير خضر في يوليو الماضي.
مطلع الصيف الماضي، حصل على الجنسية اللبنانية بمرسوم خاص صادر عن رئيس الجمهورية.
ومع أن المكتب الإعلامي في الرئاسة أصدر بياناً نفى فيه ورود اسم دقو في مرسوم التجنيس الصادر عام 2018، غير أن النائب عن “تيار المستقبل” بكر الحجيري أكد لمصادر: “أن دقو حصل على الجنسية اللبنانية منذ أكثر من عام، مع أن أشقاءه يحملون هوية سورية”.
علاقة دقو بحزب الله
كما أوضح النائب عن بلدة عرسال على الحدود بين لبنان وسوريا، “أن دقو تربطه علاقات بحزب الله، والفرقة الرابعة التابعة لشقيق رئيس النظام السوري ماهر الأسد”.
وأضاف “تم تسهيل استيراد معدات طبّية ومواد كيميائية إلى لبنان تدخل في تصنيع الكبتاغون”.
إلى ذلك، اتهم دقو بإنشاء معمل ضخم في الطفيل لتصنيع حبوب الكبتاغون مستغلاً الأوضاع المعيشية الصعبة التي يُعاني منها أبناء البلدة بدعم مباشر من حزب الله والفرقة الرابعة.
في الإطار، أشار رئيس شعبة مكافحة المخدرات وتبييض الأموال السابق في الجمارك، العقيد المتقاعد نزار الجردي لمصادر إلى “أن دقو واحد من كبار تجّار المخدرات في لبنان، وكان يُهرّب شحنات من الكبتاغون إلى دول عديدة”.
وأوضح قائلا “ضبطنا في الفترة الأخيرة عشرات ملايين حبوب الكبتاغون التي كانت ستهرب للخارج على رغم معدّات المراقبة المتواضعة التي كانت في حوزتنا”.
وفي إشارة إلى أن معظم عمليات التهريب تتم عبر مرفأ بيروت، أوضح الجردي “أن المهرّبين استغلوا تعطّل أدوات السكانير لمراقبة البضائع في مرفأ بيروت نتيجة الانفجار الذي وقع في 4 أغسطس الماضي من أجل تمرير شحنات المخدرات دون رقابة”.
إلى ذلك، كشف أن “معظم شحنات المخدرات كانت تأتي من البقاع (شرقي لبنان)، حيث تنتشر مصانع الإنتاج التي نشط عملها في لبنان بعد انتقالها من سوريا إثر اندلاع الحرب”.
مناطق البقاع لا تخضع لسلطة اللبنانية
أشار العقيد إلى “أن مناطق عديدة في البقاع متداخلة مع الأراضي السورية لا تخضع لسلطة الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية وإنما لنفوذ حزب سياسي فاعل ومعروف”، في إشارة لحزب الله.
يشار إلى أنه قبل اعتقال المدعو دقو من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، تصدّرت بلدة الطفيل منذ أكثر من شهرين واجهة الأخبار في لبنان مع ما كشفه المرصد السوري لحقوق الإنسان عن نشاط ميليشيات أفغانية وإيرانية وعراقية ولبنانية في شراء ومصادرة كل ما يمكن أن يقع بين أيديها من أراض وعقارات، في مناطق الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا، منها بلدة الطفيل، حيث تملّكت 250 قطعة أرض فيها.
وتحدّث مسؤولون متابعون لمصادر: “عن مضايقات مارسها حزب الله وحلفاؤه بحق الأهالي الذين رفضوا مغادرة أراضيهم، وذلك بالتعاون مع دقّو “. وأشاروا إلى “أن حزب الله احتل منذ سنوات قسماً من منازل الطفيل وهجّر عدداً من أهلها، غير أن الاتصالات الرسمية من داخل لبنان وخارجه ساهمت في وقف عملية التهجير”.
إلى ذلك، قالت “مصادر مطلعة “إن الطفيل باتت تحت هيمنة الميليشيات الموالية لإيران، وحزب الله أقام على أراضيها مركزاً عسكرياً له، بحجة محاربة المسلّحين بالمناطق المحاذية للحدود السورية في منطقة القلمون”.
كما لفتت إلى “أنها أصبحت معبراً لحزب الله يربط محافظة البقاع بمنطقة الزبداني في ريف دمشق الغربي، لتهريب أسلحة ومخدرات”.
في المقابل، نفى محافظ بعلبك-الهرمل بشير خضر لمصادر “أن تكون الطفيل “مربّعاً أمنياً” لأي طرف سياسي أو حزبي في لبنان أو سوريا، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تقوم بواجباتها في تأمين الحماية للبلدة ومراقبة الحدود”، إلا أنه أعلن “أن بعض الفارّين من سوريا متواجدون على أرض الطفيل”.
كذلك، نفى مختار البلدة، علي الشوم، لمصادر: “المعلومات عن تحوّل البلدة إلى معبر غير شرعي لتهريب السلاح والسلع المدعومة وبأنها تحتضن معامل لصناعة حبوب الكبتاغون ومعسكرات لحزب الله”.