ما بعد حمدوك الكفيل الأمريكي يريد حماية الديمقراطية الناشئة ومصالحه الإقليمية



تطرق برنامج المشهد السياسي ، في الخامس من يناير الحالي ، إلى خلافة حمدوك ، والتدخلات الخارجية في الشأن السياسي السوداني الداخلي، من جانب دول الترويكا الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض المبعوثين الدوليين، مع إصرار بعضها علي تعيين رئيس وزراء يتناسب مع الهوى الغربي، والقضية الأهم متمثلة في التوافق حول من يخلف رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، ، بينما يري المهتمون في هذا الجانب، ومن يتدخلون الآن بشكل عام، يعتبرون أنفسهم جزء من مشروع التغيير الذي يحدث في السودان، في 11 أبريل 2019، فيه عدد من شركاء الخارج، ويعتبر نفسه شريك في صنع التغيير السوداني،
إحترام سيادة الأخرى، يرى المهتمون أن كل القيم التي نادى بها السودانيون بعد إسقاط النظام أفرغت من مضمونها، لا العدالة لا السلام ولا الحرية، والقوى التي تسلمت السلطة بعد الوثيقة الدستورية أصبح الوضع مزري، وأسوأ من الديكتاتورية العسكرية، ومشروع التغيير يتطلب إعادة هيكلة الوضع الإقتصادي في السودان والوضع الإجتماعي ثم السياسي في السودان، بينما السودان في حقيقة الأمر منطقة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، كدولة مؤثرة في القرن الأفريقي، وكذلك هي منطقة نفوذ أمريكي، وترى أن السودان إمتدادا طبيعيا وسط القارة الأفريقية وغربها، بإعتباره الحزام السوداني الممتد، وأيضا التنافس الدولي في هذه المنطقة.
رفض التدخل الأمريكي في الشأن الداخلي:
يستنكر السفير السابق والكاتب العبيد أحمد مروح ، تدخل الدول في الشأن الداخلي، وعلى الدول الأخرى أن تحترم نفسها وكذلك إحترام سيادة الدول الأخرى، وإحترام القرار الوطني، ليس من المقبول أن يتدخل طرف ضد طرف آخر، عبر تصريحات الدول والسفراء في البلد، لكن ما يحدث في الحالة السودانية الآن، أمر إلي حد كبير مفهوم، من يتدخلون الآن بشكل عام، يعتبرون أنفسهم جزءا من مشروع التغيير الذي يحدث في السودان، في 11 أبريل 2019، فيه عدد من شركاء الخارج، ويعتبر نفسه شريك في صنع التغيير السوداني، وكذلك يريد رعايته حتى يصل إلى أهدافه التي يحددها الخارج، وفي ذات الوقت يمسكون ببعض خيوط الضغط تحديدا في الوضع الإقتصادي، ويستخدمون سياسة العصا والجزرة، ويعتبرون أنفسهم علي حق.
وأوضح مروح ، أن تدخل الأطراف الخارجية في الشأن الداخلي للدول، يعتبر خرق للقواعد الدبلوماسية، والخارج الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين، هم إستثمروا في إسقاط النظام السابق، عن طريق قرارات تصدر من مجلس الأمن الدولي، ثم قرارات أحادية تصدر من الدول الغربية، وكذلك قوانين تصدر من الكونغرس الأمريكي، وأخرى من البيت الأبيض، لفرض الحصار علي السودان والدول التي يتعامل معها السودان إقتصاديا، في محاولة منهم لكسب النفوذ وإسقاط النظام، بإعتبار النظام السابق لا يتماشى مع التوجهات الأمريكية والقرارات التي يراد ترسيخها في المنطقة.

الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر نفسها أكثر طرف إستثمر في إسقاط نظام الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير.
الإستثمار الخارجي في إسقاط النظام السابق:
يضيف مروح ، توج الإستثمار هذا بسقوط النظام في 11 أبريل 2019، أما الوضع الداخلي الذي كان موجودا، إستثمرت فيه الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق الإعلام، وكذلك عن طريق تلاقي مصالح الأطراف الداخلية التي كانت تريد إسقاط النظام.
وروج أن الحراك ثوري، والشعب السوداني يريد الديمقراطية، يرى أن هذا صحيح من حيث التوجه العام، لكن في التفاصيل به إزدواجية في المعايير.
يرى أن كل القيم التي نادى بها السودانيون بعد إسقاط النظام أفرغت من مضمونها، لا العدالة لا السلام ولا الحرية، والقوى التي تسلمت السلطة بعد الوثيقة الدستورية أصبح الوضع مزري، وأسوأ من الديكتاتورية العسكرية، ومشروع التغيير يتطلب إعادة هيكلة الوضع الإقتصادي في السودان والوضع الإجتماعي ثم السياسي في السودان، والحديث عن مدة الفترة الإنتقالية مايتطلب ذلك من عملية تصفير العداد.
يذكر مروح ، أن أسباب التدخل الأمريكي في الشأن السوداني، بسبب الوضع الجغرافي الإستراتيجي للسودان، و متداخل مع المصالح الأمريكية في المنطقة، والسودان محاذي للبحر الأحمر، هي منطقة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، كدولة مؤثرة في القرن الأفريقي، وكذلك هي منطقة نفوذ أمريكي، وترى أن السودان إمتدادا طبيعيا لوسط القارة الأفريقية وغربها، بإعتباره الحزام السوداني الممتد، وأيضا التنافس الدولي في هذه المنطقة.
وأوضح هناك حديث عن العلاقات السودانية الصينية التي كانت تساند النظام السابق، ثم العلاقات السودانية الروسية.
وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة في عهد جو بايدن، وضعت خصمها الأساسي الصين.
محاربة النفوذ الصيني:
يؤكد مروح ، أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تحارب النفوذ الصيني في إفريقيا.
والسودان كان مدخل الصين في العلاقات الأفريقية الصينية، لذا السودان منطقة تماس مع المناطق ذات النفوذ والمصالح، ومع مناطق التنافس الدولي في ذات الوقت، إضافة إلى الثروات الموجودة التي يمكن أن تستفيد منها الشركات الأمريكية بعد رفع الحصار.

وهناك ولع أمريكي، يرى فيه نوع من النفاق الأمريكي، المتمثل في بناء نموذج ديمقراطي، ولسوء الحظ الولايات المتحدة الأمريكية فشلت في بناء نموذج ديمقراطي في المنطقة العربية، خاصة بعد ثورات الربيع العربي، وتلك الأنظمة كانت حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، وتدعي بناء نموذج ديمقراطي تتباهي به.
أوضح أن القرار الأمريكي يستحيل تفسيره علي وجه واحد، ويصعب القول أنهم حقيقة يريدون الديمقراطية، في ذات الوقت يصعب القول إنهم لا يريدونها، والولايات المتحدة ترى أن أولى أولوياتها تحقيق المصالح الإقتصادية، وكذلك الأمن القومي والأولوية الأخيرة الديمقراطية.
يعتقد مروح أن الديمقراطية ليست الأولوية رقم واحد لواشنطن، وهي جند من الأجندة، في حال تصادمت مع الأمن القومي الأمريكي والإقتصاد، سوف يطيح بجندي الديمقراطية، وتمت الإطاحة بالديمقراطية في مصر، لأنها جاءت بالإسلاميين، وتركيبة 2019 ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في صناعتها، وإلتقاء رؤي بإنشاء نظام علماني، معتقدين أنه الحل، يضيف مروح ، أنها رؤية سطحية لطبيعة الوضع في السودان.
التورط في إعادة هيكلة الإقتصاد السوداني :
ولذا يصعب الحديث عن إرادة وطنية سودانية في الحكم الحالي مستقلة عن التأثير الخارجي، أي بلد يتأثر بالخارج، والتعامل مع الخارج ليس عيبا، لكن تدع للخارج مساحة أن يتدخل في الشأن الداخلي، ثم يملي علي البلاد إرادته ورغبته، يرى أن مروح ، أن هذا هو العيب، للأسف هذا ما يحدث الآن في السودان، في إشارة إلى الضغط الدولي بشأن تعيين رئيس وزراء حسب الرؤية الغربية.
يوضح حتى الآن الإرادة السياسية الوطنية علي مستوى الحكم القائم في السودان، في إشارة صريحة إلى المكون العسكري تحديدا، لم يتحرر تماما من الضغط الخارجي المتمثل في الضغط الإقليمي والدولي، لذا هم يمسكون بالجزرة.
ويعتقد أن السودان تورط في إعادة هيكلة الإقتصاد السوداني، وأصبح رهين للسياسة التي يريد تمريرها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولذا يريد السودان أن تعفي ديونه، وخارج نطاق القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وكان كذلك، وأثر هذه القائمة لم يرفع عن الإقتصاد حتي الآن، علي سبيل المثال التحويلات المالية من خارج السودان فيها مشاكل، وهذا يفسر وجود جزرة أمريكية، هي تمثل أداة ضغط حقيقية،
بالإضافة إلى القضايا الأخرى التي يمكن أن تثار، المكون الداخلي يرى أن هناك مصلحة في للسودان في التجاوب مع الخارج، والولايات المتحدة في أحيان كثيرة تتعامل بطريقة غير دبلوماسية.
يرفض فكرة أن العسكر مرتهن للخارج، لكن تأثير الخارج عليهم قوي جدا، وأبرز مثال علي ذلك قرارات ما بعد 25 أكتوبر، وكثير من التماهي في وجهة النظر الخارجية، يرفض التماهي مع الخارج.
البحث عن شخصية يتوافق عليها الجميع:
المحامي والباحث السياسي محمد عبدالله ود أبوك ، يرى أن القرار في من يتولى كرسي الرئاسة بعده، يجب أن يكون قرار الشعب السوداني في حال أرادت قوي دولية أو إقليمية في مساعدة الشعب السوداني، هذا مقبول ومحمود حتى في العرف الدبلوماسي، وقبل الحديث عن شخصية يتوافق عليها الناس، يطالب بالحديث عن آليات تتشكل كي تكون آلية تواصل بين القوي السياسية والإجتماعية والأهلية، ثم تحدد هذه الآلية الشخصية الوطنية المستقلة التي ليس لها إنتماء حزبي.
ويرفض ود أبوك ، أن تأثير القوى الدولية والإقليمية علي رئيس الوزراء المقبل، وعلى القوى السياسية أن تتوافق، مع تقديم بعض التنازلات، هذا المدخل يسهل العملية السياسية.
ويرى محمد أن بعض القوى السياسية قريبة من هذا الإتجاه، أبرزها قوى من قوى الحرية والتغيير المركزي، وكذلك قوى الحرية والتغيير الميثاق الوطني، وحتى أولئك الذين كانوا جزءا من رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، يعتقد أن كل هذه القوى طرحت مبادرات من جامعات وشخصيات أكاديمية، تحاول تجميع كل هذه المبادرات، أن تكون مبادرة واحدة، وإنحصر الخلاف في بعض القضايا الخلافية، بمقدورهم أن يتجاوزوا الخلاف، وهذا ما يسهل عملية الإقتراب من التوافق علي مسألة إختيار من يخلف حمدوك، وهناك خطوات جادة من كل المكونات في الإسراع لإيجاد حل شافي للأزمة السودانية.
ويستبعد إختيار أي شخصية شاركت أو تشارك في الحكومة الإنتقالية أن تتولي منصب رئاسة الوزراء.
الكفيل الأمريكي لا يريد تشويه صورته :
يضيف مروح ، أن العقلية الغربية يسيطر عليها أن الوضع الحالي في السودان يسيطر عليه الجيش السوداني، المتمثلة في القوى الأمنية بشكل عام، ولا تستطيع هذه الحكومات أن تتعامل مع نظام تسيطر عليه القوى الأمنية بشكل الواضح، هي تريد أن تمرر أجندتها في المستقبل، ثم التأثير علي الوضع بالقول إن هناك فترة إنتقالية بقيادة مدنية، وهم مهتمين بذلك، لصالح أجندتهم والرأي العام الذي يمكن أن يحاصرهم أن يفرضوا أو يسنوا عقوبات.
بالتحديد الإدارة الأمريكية في الكونغرس تريد أن تضغط علي القائمين في الأمر، مع إرسال رسائل أن هناك ديمقراطية سودانية ناشئة، ويريدون أن يرعوها، ويطلق علي الرعاية الأمريكية للديمقراطية في السودان بالكفالة، أن هذا الكفيل الأمريكي لا يريد أن يشوه صورته، ان يتعامل مع عناصر عسكرية فقط، بل يريد القول أن هناك توافقا سياسيا وقوى مدنية قررت أن تقود الفترة الإنتقالية، وهم يدركون أن الفترة الإنتقالية لا يمكن أن تمر بسلام بدون العناصر الثلاثة القوات المسلحة، والقوى الأمنية وكذلك قوي السلام، الحركات التي وقعت علي إتفاق سلام جوبا والقوي المدنية،.
وهذه الشراكة الفاعلة تساهم في تناقص القوي العسكرية من المشهد السياسي، حتى تصب في صالح القوى المدنية كي تسير الفترة الإنتقالية، وكي يتدفق العون الخارجي، ويصعب فرض شخصية علي مجموعة التوافق الداخي، وهناك فيتو تحت الطاولة للشخصية القادمة، والأطراف سوف تضع في الإعتبار أن الشخص الذي سوف يتولي المنصب سيكون مقبولا من الغرب، حتي يفي الغرب بما وعد به من تعهدات، وتدفق العون الخارجي، وكذلك طرحت العديد من الأسماء في الفترات السابقة، ويمكن أن تطرح هذه الأسماء مرة أخري على الطاولة.

تقرير: حسن إسحق