معركه التمكين الخاسره

لا يفتقر الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية للحس السياسي ولا الوعي بما حوله ولا خفايا السياسة ومكرها والاعيبها
غداة تعينه وزيرا للمالية محمولا إليها بمخاض معارك عنيفة ودم سأل من أودية دارفور حتى قلب امدرمان كمعارض للنظام السابق بالبندقية لا بالكلمة والهتاف وفي سبيل قضيته فقد أعز مايملك شقيقه خليل وأول عهده بالمالية تعهد الرجل بانفاذ القانون وارغام لجنة إزالة التمكين على الخضوع للقانون بايلولة الأموال التي تصادرها اللجنة لوزارة المالية واخضاعها لما يعرف بولاية المالية على المال العام ولكن لجنة إزالة التمكين التي استقال رئيسها الفريق ياسر العطا وترك لنائبه ومقررها قيادتها رفضت تصريحات وزير المالية وقالت كلاما كثيرا وظن الكثيرين أن وزير المالية الذي خاض معاركه القتالية يستطيع كبح جماح اللجنة التي تمددت سلطاتها وأصبحت هي من يفصل القضاة ووكلاء النيابات ويفصل السفراء والأطباء وتغلق الصحف وتعتقل المتظاهرين ضد الحكومة وقد عبر رئيس الوزراء عن ارتياحه لأداء اللجنة غير مكترثا لتجاوزات اللجنة للقانون بل زارها بمقرها يوم قمعها للتظاهرات الاحتجاجية صباح الثلاثين من يونيو الماضى
وبدأ للمراقب أن لجنة إزالة التمكين هى اليد الباطشة بخصوم رئيس الوزراء وعينه التي تراقب مايجري في دهاليز السلطة
وقد خسر وزير المالية جبريل إبراهيم أولى معاركه داخل السلطة وبينما توقع البعض استقالة الرجل تمسك باهداب الكرسي على حساب صورته ومصداقيته
واليوم رفض وزير المالية قرارات لجنة إزالة التمكين الصادرة أمس بمصادرة أموال عشرات التجار وإغلاق حسابات رجال أعمال وبعض المحسوبين على النظام السابق وبعض المحسوبين على الجناح العسكري في السلطة ( الفريق حميدتي) على وجه الدقة ودعا وزير المالية في تصريحات اليوم لإيقاف قرارات اللجنة وعدم المساس بحسابات المواطنين والمستثمرين الا بأحكام قضائية ولكن تصريحات الوزير لاتعدو مجرد مواقف تجميلية للوزير وهو اكثر يقينا بأن جبريل لايقوي على مصارعة مراكز القوى في الحكومة
وقد كان عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان قد قال صادقا أن لجنة إزالة التمكين ( شغاله سياسه)
أن الأمر كذلك فماهي الرسالة التي تريد اللجنة وضعها في صندوق بريد الفريق حميدتي وهي تغلق حساب محمد صالح الأمين بركة أقرب قيادات قبيلة الرزيقات للقائد حميدتي ولشقيقه عبدالرحيم دقلو ولم تعثر اللجنة في حساب بركة أكثر من ٧ الف جنيه سوداني وحينما سأل محمد صالح الأمين عن أمواله التي جمدت قال لااملك في البنوك غير ٧ ألف جنيه لن ابخل بها لحكومة السودان ربما تساعدها في معالجة مشكلات الكهرباء والمياه وتنمية البلاد!!
ومن عجائب وغرائب التمكين أن أربعة من المواطنين التي صدرت قرارات بتجميد حساباتهم ممن فارقوا الحياة منذ سنوات مما يشي بأن اللجنة اعتمدت على كشوفات لخصوم جهة ما ومن بين قادة الدعم السريع المدنين من جمدت حساباتهم المصرفية أحمد وادي معتمد جبرة الشيخ السابق الذي انخرط في الدعم السريع مبكرا واوصد باب الإسلاميين تماما ومن رجال الأعمال المهاجرين في الخليج جمدت حسابات الشاب أحمد موسى حسين ضرار المقرب لزعيم الشرق محمد الأمين ترك ولكن أحمد موسى حسين ضرار لايعرف عنه نشاطا سياسيا الا انتمائه لأسرة عريقة بشرق السودان ومن لايعرف الشيخ الراحل موسى حسين ضرار الذي امسك يده عن مصافحة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر حينما زار السودان واختارت الحكومة السودانية عددا من زعماء القبائل ووضعهم في مقدمة المستقبلين وحينما مد عبدالناصر بكل بريقه وصيته في العالم يده لمصافحة شاب ملتحي يمثل منطقة طوكر بشرق السودان تفاجأ بممانعة الرجل وقال قولته الشهيرة ( لن اصافح يدا ملوثة بدم الشهيد سيد قطب)
ويقف أحمد بالقرب من والده في قبره ورب حيا رخام القبر مسكنه ويقول إن حصيلة أمواله التي صدرت من حساباته الشخصية نحو ٢٥ الف جنيه سوداني
وهناك أطفال دون سن العاشرة وردت أسمائهم في حكايات وجدي صالح التي تماثل قصة القطط السمان في أخريات ايام الإنقاذ قبل سنوات من الان
وقيلت قصص وروايات في مجتمعات اتراح الخرطوم وافراحها عن ماحدث أمس من هجمة على النظام المصرفى واستباحة بنك السودان لاسرار عملاء البنوك وكشف حسابات التجار والمستثمرين لتستخدمها لجنة سياسية في توجيه ضرباتها للخصوم ويضع بنك السودان قانونه الذي يمنعه من كشف ارصدت المواطنين للسلطة جانبا ويفتح ملفات التجار وعامة النظام لموظفين للعبث بها وبذلك يكتب بنك السودان بيده نهاية عصر خصوصية حسابات العملاء وتصبح حركة مال العميل سببا لايداعه السجون والمعتقلات دون محاكمة
ولكن وزير المالية يقول كلاما جميلا دون القدرة على جعله واقعا ويخوض معركة محسومة سلفا لصالح وجدى صالح وصلاح مناع المحميين بزراع حمدوك القوى

.