من المقرّر أن تؤكد منظمة التجارة العالمية يوم الإثنيْن 15 فبراير الجاري، وزيرة المالية النيجيرية السابقة نغوزي أوكونجو غيويالا، مديرة عامة مقبلة لها،
منهية بذلك شهورا من التأخير والجمود في هذه المنظمة الدولية التي تتخذ من جنيف مقرا لها. وهذه أوّل إمرأة وأوّل شخصية إفريقية تقود منظمة التجارة العالمية. ومن المنتظر ألاّ تكون مهمتها سهلة.
لقد استغرق الأمر من منظمة التجارة العالمية أكثر من ستة أشهر للتوافق على مدير عام جديد. وستخلف أوكونجو غيويالا البرازيلي روبرتو آزافيدو، الذي أعلن في مايو الماضي تنحيه قبل نهاية فترة ولايته، وقد غادر بالفعل المنظمة في بداية شهر أغسطس 2020.
تطلّب العثور على زعيم جديد وقتا طويلا، ليس فقط لأنه كان لابد من توفّر إجماعا بين الدول الأعضاء فيها، ولكن أيضا بسبب الموقف الأمريكي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب،
ثم تم تقليص قائمة المرشحين من ثمانية مرشحين إلى إثنيْن فقط. ودعّمت إدارة ترامب وزير التجارة الحالي بكوريا الجنوبية يو ميونغ هين وهددتّ بمنع انتخاب المرشّحة النيجيرية. ومع ذهاب ترامب، باتت الطريق ممهدة الآن أمام أوكونجو غيويالا .
وقال بيتر أنغفاكورن، المتخصص في التجارة والذي اعتاد متابعة ما يجري داخل منظمة التجارة العالمية إنه لمن دواعي الارتياح أن المنظمة لديها الآن مدير عام ،
والمثير للإهتمام أن تكون امرأة ومن القارة الإفريقية. وأشار إلى أن القرارات داخل منظمة التجارة العالمية تعود إلى أعضائها وليس إلى المدير العام. أما المديرة الجديدة فسيكون دورها
بشكل أساسي المساعدة في استعادة الثقة داخل المنظمة وتحسين صورتها العامة، لتعزيز العمل الجيد الذي غالبا ما يغفل، والقيام بدور الوساطة بين الدول الأعضاء “عندما تكون جاهزة”.
قال أونغفاكورن: “من المهم ألا ننسى أن الكثير من العمل الجيد لا يزال ينجز في منظمة التجارة العالمية”. ثم يضيف “في الأوقات العادية (غير الوبائية) يتدفّق حوالي 20 تريليون دولار من التجارة حول العالم مع وجود عقبات قليلة او معدومة. هذا هو الغرض من منظمة التجارة العالمية
وسبب وجود الاتفاقيات هو الحفاظ على تدفق التجارة بسلاسة. بشكل عام، هذه القواعد تثبت جدواها. وحيثما يكون لدى البلدان مخاوف، فإنه يتم مناقشتها ضمن لجان فنية، وفي معظم الأحيان تكون المناقشة كافية. فقط عدد محدود من القضايا تحسم عبر القضاء والمحاكم”.
من هي نغوزي أوكونجو إيويالا؟
سيحتاج المدير العام الجديد لمنظمة التجارة العالمية إلى مهارات دبلوماسية وشخصية اتصالية قوية. هل لأوكونجو غيويالا هذه المهارات؟
هذه الخبيرة في التنمية الدولية والبالغة من العمر 66 عاما، تحمل الجنسيتيْن النيجيرية والأمريكية. تخرجت من جامعة هارفارد تخصص علوم اقتصادية وحصلت على الجنسية الأمريكية في عام 2019 بعد سنوات من العمل والعيش هناك.
عملت كوزيرة للخارجية وللمالية في بلدها الأصلي، نيجيريا، وهي أيضا مديرة عامة سابقة للبنك الدولي. وتشمل أنشطتها حاليا رئاسة مجلس التحالف العالمي للقاحات والتحصين (Gavi)
الذي يهدف إلى تعزيز فرص الوصول إلى التحصين في البلدان الفقيرة وتشارك حاليا في قيادة تجمع “كوفاكس” للقاحات، وهي مبادرة لتعزيز المساواة على الساحة الدولية في الحصول على لقاحات كوفيد-19.
ووفقا لما ورد في سيرتها ، هي أيضا مُصلحة وناشطة في مجال مكافحة الفساد و”مفاوضة ماهرة”. ونستطيع أن نقرأ على موقعها على الأنترنت: “ينظر إليها على أنها مبادرة من أجل تحصيل توافق فعال، وهي وسيط نزيه يتمتع بثقة الحكومات وأصحاب المصالح والآخرين”.
منظمة محاصرة بالتحديات
مع تعطيل إدارة ترامب لآلية تسوية المنازعات، والتوترات التجارية المستمرة خاصة بين الولايات المتحدة والصين، والدعوات المتكررة للإصلاح، تواجه منظمة التجارة العالمية العديد من التحديات. فقواعدها قديمة وتحتاج إلى تحديث.
فهل سيعني دعم إدارة بايدن لأوكونجو إيويالا أيضا اتخاذها مواقف أكثر ليونة بشأن القضايا الأخرى الأكثر خلافية، مثل إعادة تنشيط آلية تسوية المنازعات؟
يجيب أونغفاكورن: “من السابق لأوانه معرفة ذلك”. إن دعم ترشيحها هو خطوة دبلوماسية ذكية. إنه يعطي الإشارة لعودة الولايات المتحدة إلى الدبلوماسية متعددة الأطراف.
لكن ذلك لا يعني التأثير على حقوق الولايات المتحدة والتزاماتها في مجال التجارة العالمية، او أن تُغفل مخاوفها بشأن تسوية النزاعات، أو بشأن الصين، أو المفاوضات مع أطراف أخرى. كل هذه الملفات لا يمكن معالجتها إلا بالحوار بين الأعضاء.