هذه التطورات المتلاحقة سواء فى السودان أو فى تونس والتى يجرى مثلها فى كازاخستان لا يمكن أن تكون مجرد صدفة وإنما هى أحدث مؤامرات شيطان الفوضى الذى نجح فى التسلل إلى العقول فى بعض الأوطان المأزومة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويراد لها أن تكون مدخلا لإحياء مناخ الحرب الباردة من جديد ولكن بآليات ووسائل مختلفة.
نحن أمام صراع خبيث من صراعات النفوذ والسيطرة بين القوى الكبرى التى تخطط لاستعادة ما سبق أن فقدته فى الصحوة الكبرى التى أعقبت الحرب العالمية الثانية وأدت إلى إنهاء عهد الاستعمار القديم فى إطار القبول بمنح الدول المغلوبة على أمرها استقلالا ظاهريا.
نحن نرى ملامح حرب باردة يتنازع فيها الكبار لاختراق الأوطان دون كلفة باهظة تستوجب حشد الجيوش عن طريق السيطرة على العقول وتوظيف النفوس المريضة لحمل الأعلام والرايات المزيفة للمناداة بالحرية والديمقراطية وحقوق الناس ونشر أجواء كثيفة من الفوضى لتغذية مناخ الحيرة خلف آمال ضائعة وأحلام كاذبة وبما يؤدى إلى إثارة القلق وبث الفتن وتغييب الأمن والطمأنينة.
إنها مخططات للاحتلال من غير زحف عسكرى حيث تلعب السفارات الأجنبية دورا خبيثا لتنظيم الخلايا واللجان التى تتولى تحريك الشوارع لكى تنشر الفوضى تحت الأعلام المزيفة والشعارات المسروقة وضرب أهم ركائز الوحدة الوطنية باختلاق الخلافات والتناقضات بين المدنيين والعسكريين!
إن الوفاق العالمى الذى كان من أبرز معالم المشهد الدولى – ولو حتى على الورق – منذ قمة نيكسون بريجنيف عام 1972 أى قبل 50 عاما قد فقد كل شىء حتى اسمه.
وهنا يكون السؤال الضرورى هو: ماذا يحمل الغد لما يجرى فى إفريقيا على أرض السودان وفى آسيا على أرض كازاخستان وما هى السبل المفتوحة وما هى المسالك المحتملة للتغلب على هذه المؤامرة الشيطانية ومنع ميلاد حرب باردة جديدة قد تكلف البشرية ما هو فوق الطاقة وما هو فوق الاحتمال؟
وجوابى باختصار شديد هو: إن الكرة فى ملعب الوعى واليقظة لأهل السودان وشعب كازاخستان لوقف محاولة دفعهما للاصطدام باليأس والتوهان فى كهوف الظلام وذلك يتطلب سرعة الخروج من غيبوبة الشعارات المزيفة التى تستدرجهم بطعم الأمانى المشروعة إلى وديان الأوهام السحيقة!
خير الكلام:
النار المنبعثة من المعاناة هى النور الذى يضىء الوعى!
مرسى عطا الله