كرّس إيريز يالون وهو إسرائيلي من ذوي الاحتياجات الخاصة حياته وجل وقته منذ عام للتظاهر خارج منزل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للمطالبة بمغادرته منصبه.
انضم الآلاف إلى يالون واتحدوا جميعا على معارضة نتانياهو الذي يتهمونه بالفساد فخرجوا للتظاهر أسبوعيا في أيام السبت.
انطلقت التظاهرات الغاضبة في حزيران/يونيو العام الماضي واكتسبت زخما على مدى 38 أسبوعا ومن المفترض تنظيم تظاهرة حاشدة قبل الانتخابات المقررة في 23 آذار/مارس.
يأمل نتانياهو الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ 12 سنة متتالية، البقاء في منصبه والفوز في الانتخابات المقبلة التي تجرى للمرة الرابعة خلال أقل من عامين.
يقول يالون لوكالة فرانس برس “أظن أننا سنفوز لأن الناس سئموا من هذا الرجل الفاسد (نتانياهو)”.
ويعرب المتظاهر عن “خيبة أمله” من أنصار رئيس الوزراء الذين يسمونه بيبي “الملك” (لقب رئيس الوزراء).
ويضيف “لديك أناس يهتفون بيبي ملك، بيبي ملك، يصلون من أجل بقائه، يعظمونه ويؤمنون بكل ما يقول”.
عندما بدأت التظاهرات، كان يالون الذي يعاني من مرض تنكس العين (حالة طبية تسبب الفقدان التام للبصر)، يعتصم بمفرده تقريبا في بلدة بري غان جنوب إسرائيل قرب قطاع غزة حيث يسكن مع عائلته.
ولم يلبث الأب لثلاثة أطفال والذي يعيش على مخصصات الدولة التي تمنحها لذوي الاحتياجات الخاصة بعدما فقد وظيفته، الانضمام إلى الحركة الاحتجاجية المناهضة لنتانياهو في القدس.
وفي الوقت الذي يحزم فيه المتظاهرون أمتعتهم عائدين إلى منازلهم في ليلة السبت بعد هتافهم بالعبرية “إرحل يا بيبي”، يبقى يالون في مكانه.
ويقضي يالون معظم الأسبوع في القدس، إذ يقيم خلال النهار خارج مقر الإقامة الرسمي لنتانياهو حاملا لافتات خط عليها عبارات مناهضة لرئيس الوزراء، ويحرس خيمة نصبها المحتجون أمام المقر ليلا.
ويستأجر المتظاهرون المناهضون لرئيس الوزراء شقة يستخدمونها كمقر لهم، يلجأ إليها يالون عندما يكون متعبا ويحتاج للنوم.
– “الفساد رقم واحد ” –
أحيانا، يعود يالون إلى منزله ليمضي بعض الوقت مع زوجته ليمور في البلدة التي تنتشر فيها الحقول المزروعة بالأشجار الوارفة الأوراق وبساتين الحمضيات.
وتدعم ليمور زوجها في نشاطه الاحتجاجي وتقله لمسافة 40 كيلومترا قبل أن تتركه ليستكمل طريقه نحو القدس.
وتقول إنه “مهم جدا بالنسبة له”.
ويشجب بعض منتقدي نتانياهو إدارته لملف فيروس كورونا ويقولون إن عمليات الإغلاق المطولة التي فرضتها الحكومة أضرت بالاقتصاد وساهمت في فقدان كثيرين لوظائفهم.
ويتهم آخرون نتانياهو بالكسب غير المشروع، وهو أول رئيس وزراء توجه له الاتهامات وهو في منصبه.
ووجهت محكمة إسرائيلية العام الماضي لنتانياهو ثلاث تهم بالفساد تتعلق بقبوله هدايا وتقديم تسهيلات خاصة لعمالقة وسائل الإعلام في مقابل تغطية إعلامية إيجابية لرئيس الوزراء.
يقول الناشط الإسرائيلي “يجب أن يكون نتانياهو أمام المحكمة وليس في مكتب رئيس الوزراء” مشددا على أن رئيس الوزراء “فاسد” في المقام الأول.
ويبدو أن يالون وغيره من المتظاهرين يأملون في رؤية نتانياهو يحاكم بالتهم الموجهة إليه.
وينفي نتانياهو التهم ويقول إنه ضحية خصومه، لكنه سيضطر إلى الاستقالة في حال أدين بعد استنفاد جميع طلبات الاستئناف.
خارج مقر إقامته، ينصب المتظاهرون نماذج لغواصات في إشارة إلى إحدى التهم الموجهة إليه والمتعلقة بشراء غواصات ألمانية، وكتبوا عليها بالعبرية “اذهب وصوّت”.
– “شريحة تريد التغيير” –
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن نتانياهو (71 عاما) قد يكافح من أجل الفوز بغالبية 61 مقعدا في الكنيست للبقاء في منصبه.
ويرى محللون أن الناخبين الإسرائيليين منقسمون بين اليمين بزعامة نتانياهو وأحزاب الوسط وتلك اليسارية المعارضة، خصوصا وأن المظاهرات قد لعبت دورا في المشهد السياسي في الدولة العبرية.
تقول المحللة السياسية داليا شيندلين “ساعدت التظاهرات في الحفاظ على الزخم لأنها جعلت الناس يدركون أن هناك حراكا (…) هناك شريحة ملتزمة وذات صوت مسموع في المجتمع تريد التغيير”.
وتضيف “كان لتذكير الناخبين بهذه النقطة بعض التأثير لكن من الصعب تحديد حجمه”.
صوّت يالون في الانتخابات الثلاث الماضية لزعيم الوسط بيني غانتس، لكنه شعر بالخيانة بعدما أعلن عن تحالفه مع نتانياهو.
ويضيف “ثمة الكثير من الأشياء التي يجب إصلاحها”. وعن الزعيمة الجديدة لحزب العمل ميراف ميخائيلي يقول “أعرف لمن سأصوت. (..) كان من الصعب أن أحسم أمري حول التصويت، لكن سأصوت لميراف ميخائيلي مؤكدا أنها “امرأة نزيهة”.
حتى ذلك الحين، يستعد يالون للتظاهرة رقم 39 منذ الصيف الماضي ضد نتانياهو، التي تأتي قبل يومين من توجه الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع