مؤشرات عديدة، منذ انطلاق شرارة القتال في 15 نيسان (أبريل) الماضي، تفيد بأنّ من دبّر أسباب الحرب ضباط كبار ينتمون إلى جماعة الإخوان ينشطون داخل مؤسسة الجيش، بهدف الحيلولة دون محاسبتهم على جرائمهم وإجهاض الاتفاق الإطاري المُفضي في النهاية إلى تسليم الجيش للسلطة إلى حكومة مدنية.
وقد جدد الظهور العلني لعدد من قيادات تنظيم الإخوان الفارين من السجون الاتهامات المتزايدة في السودان حول تورط التنظيم في الحرب.
واستند حقوقيون ومراقبون في تلك الاتهامات إلى (3) دلائل قالوا إنّها تشير إلى علاقة عناصر الإخوان بالحرب؛ وتشمل التهديدات التي أطلقها نافذون في التنظيم قبل أيام من اندلاع القتال، وظهور مقاتلين من كتائب تابعة لهم في ساحات المعارك، إضافة إلى الظهور العلني لبعض قيادات التنظيم في عدد من مدن البلاد الشرقية ودعوتهم لاستمرار الحرب.
ورأوا، بحسب (سكاي نيوز)، أنّ السماح بتحركات قيادات تنظيم الاخوان يؤكد الاتهامات التي تشير إلى إشعالهم الحرب الحالية بهدف العودة إلى الحكم مجدداً بعد الإطاحة بهم في نيسان (أبريل) 2019، وحمّلوا الأجهزة الأمنية والعدلية مسؤولية التماهي مع المجموعة والسماح لها بممارسة أنشطتها علناً.
وبحسب المصدر نفسه، فقد تحركت قيادات التنظيم بشكل مكثف، قبل أيام قليلة من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم، لإجهاض الاتفاق الإطاري الموقع بين القوى المدنية والعسكرية، وبدعم دولي وإقليمي واسع والذي ينص على نقل السلطة للمدنيين.
وفي مقطع فيديو منشور بوسائط التواصل الاجتماعي هدد القيادي في التنظيم أنس عمر بأنّهم لن يسمحوا بتمرير الاتفاق، مشيراً إلى أنّهم سيستخدمون كافة الوسائل من أجل ذلك.
وبعد القبض عليه من قبل قوات الدعم السريعبعد أسابيع من اندلاع القتال؛ أقر عمر في تسجيل مصور بأنّ حزبه عمل على إفشال مشروع الاتفاق الاطاري، بعد إعلان رفضه. وأضاف: “كنّا مسؤولين ومشرفين على تعبئة المواطنين والجماهير بالتنسيق مع قيادات في الجيش”.
وقبل نحو أسبوعين، نعت قيادات في التنظيم على صفحاته الرسمية عدداً ممّن قالت إنّهم كانوا يقاتلون في المعارك، وعرفتهم بأنّهم عناصر في كتيبة اسمها (البراء)، وهي واحدة من عدد من الكتائب الجهادية الإخوانية التي قاتل بعضها في حرب الجنوب الذي انفصل في العام 2011، مثل كتائب الأمن الشعبي والطلابي وعدد من الكتائب الأخرى المنضوية تحت التنظيم.
وبحسب صحيفة (العرب)، يريد أنصار الحركة الإسلامية قلب الطاولة ومحاولة تعديل موازين القوى لصالحهم عبر تقسيم الشارع السوداني وتكريس الفتنة داخل المؤسسة العسكرية، بشقيها الجيش والدعم السريع، لأنّ هذا هو السبيل الوحيد أمامهم لاستعادة نشاطهم على المسرحين الأمني والسياسي في السودان.
وكان هروب قيادات إسلامية تنتمي إلى نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير من سجن كوبر قد فتح الباب أمام تساؤلات كبيرة حول دورها في تغذية الصراع الراهن بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السسريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وبدا هؤلاء كأنّهم الطرف الثالث الذي يمكن أن يطلق غول التطرف في البلاد.
وقد فقدت جماعة الإخوان في السودان رفاهية الاختيارات، ودخلت مرحلة كسر عظم عقب الانقلاب على القوى المدنية في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، وانهيار الاتفاق الإطاري بين المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، وهي القشة التي أظهرت الخلافات على السطح. وهو ما يعني بدء مرحلة جديدة تتيح لتنظيم القاعدة فرصاً ربما أكبر من تلك التي نالها مع بدايات الحكومة التي تشكلت عقب انقلاب البشير على القوى المدنية عام 1989.