قام الحزب الشيوعي السوداني وتجمع المهنيين التابع له قبل بضعة أشهر بعقد تحالف مع الحركة الشعبية شمال بقيادة المتمرد عبد العزيز الحلو وكذلك مع المتمرد عبد الواحد محمد نور قائد مليشيا عنصرية دارفورية، كلا المتمردَينِ المذكورين يقودان قوات مسلّحة وخارجة علي سلطة الدولة المركزية السودانية التي يعيش في كنفها الحزب الشيوعى السوداني ويتمتع بخيراتها ويوقّع الاتفاقيات مع أعدائها.
وكذلك تكونت مؤخراً تشكيلات شبه عسكرية وسط ما يعرف بلجان المقاومة وقوات ملوك الاشتباك وكتائب حنين وهي مليشيات عسكرية متهمة بقتل ضابط برتبة العميد في الشرطة السودانية وآخرين.
أرجح حدوث مواجهة عسكرية في يوم ٣٠ يونيو بين الجيش السوداني والتحالف المذكور أعلاه (تحالف الحزب الشيوعي والحركات المسلحة وقوات ملوك الاشتباك وكتائب حنين البعثية وبعض معاشيي القوات النظامية من ذوي الانتماء اليساري ..) ونسأل الله اللطف وأن يُكضّب الشينة ..
وهذا الاحتمال في تقديري هو آخر فرصة للحزب الشيوعى السوداني للسيطرة علي الحكم في السودان بقوة السلاح مستغلاً الزخم الثوري عقب التغيير السلمي لنظام الإنقاذ والإسناد الدبلوماسي من بعثة اليونيتامس.
وهذه القراءة بنيتها علي المعطيات المنطقية أدناه:
أولاً : حكمت قوي الحرية والتغيير (قحت) البلاد تحت غطاء اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ منذ ٢٠/ ٨/ ٢٠١٩ وحتي ٢٤ / ١٠ / ٢٠٢١ عقب سقوط حكومة الإنقاذ في ١١/ ٤/ ٢٠١٩.
ثانياً؛ في ٢٥/ ١٠ / ٢٠٢١ حلّ الفريق أوّل/ عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي حكومة قحت وكلّف وكلاء الوزارات بتسيير الأعباء حتي تاريخه .. وسمّي ذلك تصحيحاً لمسار الثورة وسمّته قحتٌ إنقلاباً ..
وفي تقديري ليس هنالك فرق كبير بين المسميين فتسليم السلطة لقحت في مبتدئه كان إنقلاباً عسكرياً علي سلطة الإنقاذ .. وسلب السلطة من قحت يرجعنا لحالة إنقلاب اللجنة الأمنية في أبريل ٢٠١٩ كما أنّ التصحيح يكون مبنياً علي نية المنقلب وليس علي نية المنقلب عليه .. وهذا من المتعارف عليه في دنيا الإنقلابات العجيبة .. ذات الأسرار التي لا نفهمها ولكنّ المؤكد قطعياً أنّ هنالك ناس أفراحها زائدة وآخرون يتألمون ..
ثالثاً: وبما أنّ قحت تسمّي ما قام به البرهان إنقلاباً فلماذا لا يُطلق علي حكم البرهان بالحكم العسكري الرابع؟
وهل تصوير قحت لحكم البرهان بأنه استمرار للإنقاذ يعطي قحتاً الحق في الاستمرار كثورة ومن ثمّ الوصاية علي عموم الشعب السوداني ..؟
رابعاً: والسؤال الأهم في نظري هو:
هل يتطلب إنهاء حكم البرهان العسكري قيام ثورة جديدة لتقضي عليه أم لا ؟
وإذا كانت الإجابة هي لا فلماذا ذلك ؟
وإذا تطلب الأمر قيام ثورة جديدة للقضاء علي حكم البرهان أو الحكم العسكري الرابع في السودان فمن هي القوي التي ستدعم الثورة الجديدة هذه ..؟
في رأيي أن التحالف العسكري بين الحزب الشيوعى السوداني ومليشيات المتمرّدَينِ/ عبد العزيز الحلو وعيد الواحد محمّد نور إضافة لتشكيلات ملوك الاشتباك الشيوعية وكتائب حنين البعثية وبعض من معاشيي القوات المسلحة والنظامية ستكون هي العمود الفقري للقوي العسكرية التي ستساند قحت ومن ورائهم الحزب الشيوعى في يوم ٣٠ يونيو القادم لإزاحة البرهان وزملائه من المشهد السياسي أسوة بما قامت به اللجنة الأمنية في ١١/ ٤/ ٢٠١٩.
وهذا السيناريو الخيالي هو الأمل الأخير للحزب الشيوعى السوداني في استلام السلطة بالسودان وسيكون هذا التحالف العسكري الشيوعي مسنوداً بتظاهرات شعبية عارمة وسيواجه قوات الجيش السوداني وقوات مكافحة الشغب وسيكون كل ذلك تحت غطاء دبلوماسي أممي..
لذا فعلي الجيش السوداني أن يكون حاهزاُ لكل الاحتمالات ويتطلب الأمر كذلك يقظة من عموم الشعب السوداني ليفوّت الفرصة علي الحزب العجوز المصاب بوسواس قهري لحكم السودان ولا يمكنه الشفاء منه نهائياً إلا عند شروق شمس الأول من يوليو القادم – فقط – أي قبل ثمانية عشر يوماً من الذكري الحادية والخمسين لإنقلابه المشئوم في ١٩ يوليو ١٩٧١ وحينها سوف يستلّ الشعب السوداني سيف فدائه المسلول ليشق أعدائه عرضاً وطولاً حتي تحمرّ مياه نهري النيل والراين.
بابكر إسماعيل