يبدو أن إفراغ مدن السودان من مظاهر الوجود المسلح ضرورة محفوفة بالمخاطر إذ ينتشر السلاح والمسلحين على نطاق واسع في السودان، ويمثل مصدر قلق للمدنيين. وتضاعفت الهواجس مع وصول طلائع قوات الحركات المسلّحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام، وتمركزها في ميادين ومقار مدنية وسط العاصمة والتجمعات السكنية.
معوقات قرار إفراغ المدن:
وكانت اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع، قد قررت إفراغ العاصمة والمدن الرئيسة من مظاهر السلاح، ولكن ثمة صعوبات، بحسب ما يرى مراقبون، يمكن أن تعرقل تطبيق القرار، ما لم يتم تنفيذه عبر تفاهمات دقيقة. وتقول التقارير بوجود أكثر من 80 ألف مسلّح يتمركزون في العاصمة السودانية الخرطوم.
ويؤكد الخبير العسكري، اللواء عبد الرحمن أرباب أن عدم تفهم الحركات المسلحة لقرار تفريغ المدن من الوجود العسكري، سيمثل أحد المعوقات أمام إنفاذ القرار الذي يمكن أن النظر إليه من قبل الحركات المسلحة كإقصاء لها، ولا يستبعد أن يقود ذلك إلى تذمر وسط قواتها، الأمر الذي يتطلب أن تتم عملية تنفيذ القرار بطريقة هادئة ومرحلية، وتوضيح المقصد من القرار.
وتوقع اللواء أن يتسبب تنفيذ قرار إفراغ المدن من مظاهر السلاح والتسلح، احتكاكات، لا سيما من قبل القوات التابعة للحركات المسلحة، ما لم يتم تنظيم تلك القوات من قبل الجهات المسؤولة، وتحديد نوع تسليحها وأماكن تجميعها.
لا عقبات مع اتفاق السلام:
ورغم قرار إفراغ العاصمة الخرطوم والمدن من الوجود العسكري، جاء بعد جدل عنيف، شهدته الساحة السودانية، إلا أن كبير مفاوضي تجمع قوى تحرير السودان، إبراهيم زريبة، استبعد في تصريح لـ «البيان»، أن تواجه القرار تعقيدات أو عراقيل، باعتبار أن القوات التابعة للحركات الموجودة في العاصمة الخرطوم، ليست قوات بالمعنى الحقيقي، باعتبار أن الترتيبات الأمنية الخاصة بإقليم دارفور، موقعها دارفور، وكذلك المتعلقة بالمنطقتين موقعها منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، بل حتى القوات المشتركة الخاصة بحماية المدنيين، مكان عملها سيكون هناك، وهذا ما تم الاتفاق عليه في اتفاقية جوبا لسلام السودان.
ويرى الخبير العسكري، اللواء عبد الرحمن أرباب، في حديث لـ «البيان»، أن المرجعية في عملية إفراغ العاصمة من الوجود المسلّح، هي اتفاقية السلام.
ترتيبات أمنية:
ولفت السيد ابراهيم زريبة إلى أن وجود القوات في الخرطوم، يأتي في إطار الترتيبات الأمنية، وهي عبارة عن قوة حماية للشخصيات العامة، وبدأ بالفعل تدريب جزء منها، ويشير إلى أن تلك القوة مكان عملها في الخرطوم، بالإضافة للقوة الخاصة باللجان الفنية المعنية بإنفاذ بند الترتيبات الأمنية، وهي ستذهب بعد أن يتم وضع الخطط التفصيلية لإنفاذ الملف، إلى مواقع القوات في الميدان، بحسب زريبة، الذي أكد أن القوات الموجودة في الخرطوم، لديها مهام منصوص عليها في الاتفاقية.
كما استبعد زريبة أن يشكل وجود تلك القوات في العاصمة خطراً أو تهديداً لحياة المدنيين، وذلك للانضباط العالي الذي يتمتع به أفرادها المنخرطون في العملية السلمية، وأضاف «قد تكون هناك صعوبات تواجه الدولة في ما يتعلق بالتمويل، لكن هذا لا يعني أن هناك خطراً».
مسئولية الحكومة:
وحمل ابراهيم زريبة الحكومة مسؤولية التقصير والتأخير في ما يتعلق ببدء تنفيذ الترتيبات الأمنية، بسبب التغييرات التي تمت في القوات المسلّحة، مشيراً إلى أن قوات الحركات الآن، في انتظار الإشارة للبدء في وضع الخطط والبرامج الخاصة بإنفاذ الملف، وأكد أن إفراغ العاصمة من الوجود المسلّح، ليس مبرراً، لعدم جاهزية الحكومة.