أقلعت أول رحلة تجارية مباشرة بين إسرائيل والمغرب من تل أبيب الثلاثاء، في خطوة رمزية بعد أن توصل البلدان إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما بوساطة من الولايات المتحدة.
وأقلعت الطائرة التابعة لشركة العال الاسرائيلية من مطار بن غوريون إلى المغرب وعلى متنها وفد أميركي يترأسه صهر الرئيس الأميركي ومستشاره جاريد كوشنر وآخر اسرائيلي يترأسه المستشار الخاص لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتوقيع سلسلة اتفاقات ثنائية تجسيدا لما اتفق عليه من إقامة العلاقات الدبلوماسية.
وتهدف الرحلة لزيارة تشمل لقاء مع الملك محمد السادس، إلى عرض إنجازات إدارة ترامب في دبلوماسية الشرق الأوسط ، قبل أسابيع من وصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض خلفا لترامب.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب الاتفاق الأخير بين اسرائيل والمغرب التي باتت رابع دولة عربية تعلن هذا العام تطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية بعد الإمارات والبحرين والسودان.
وقبيل اقلاع الطائرة من مدرج المطار، قال كوشنر “كنت هنا قبل شهرين لمناسبة أول رحلة طيران إلى الإمارات العربية المتحدة بعد هذا الاختراق التاريخي من أجل السلام. ومذاك، يتم تسيير رحلات طيران تجارية ذهابا وإيابا بين البلدين”. واضاف “آمل أن تخلق هذه الرحلة اليوم إلى المغرب القدر نفسه من الزخم”.
ورفع على الطائرة علما الدولتين وقد كتبت عليهما كلمة “سلام” باللغات العبرية والعربية والانجليزية.
وقبل انتشار جائحة كوفيد-19، كان المغرب يستقبل كل عام بين خمسين ألفا و70 ألف سائح يهودي، معظمهم قدموا من اسرائيل بشكل غير مباشر.
الصحراء الغربية
كجزء من الصفقة المغربية الإسرائيلية، حقق ترامب هدف المغرب منذ عقود من خلال دعم سيادته المتنازع عليها في الصحراء الغربية.
وأثارت هذه الخطوة غضب جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) التي تسعى للاستقلال والمدعومة من الجزائر وتسيطر على نحو خمس أراضي هذه المستعمرة الإسبانية السابقة.
وتضمن القرار الذي اتخذه ترامب كذلك الإعلان عن عزم الولايات المتحدة افتح قنصلية في مدينة الداخلة بالصحراء الغربية، بينما تحدثت الصحافة المغربية عن حزمة استثمارات أميركية “هائلة” في المنطقة.
في الوقت نفسه من المقرر أن تعيد إسرائيل والمغرب فتح مكاتب دبلوماسية وتفعيل التعاون الاقتصادي بينهما.
قال الملك محمد السادس إن المغرب سيظل نصيرا للفلسطينيين.
لكن الفلسطينيين مثل جبهة بوليساريو، دانوا بشدة إعلان التطبيع بين الرباط وإسرائيل
.
تاريخ مشترك
سعى المغرب إلى تهدئة الغضب بالإصرار على أن العلاقات مع إسرائيل ليست جديدة.
وذكر مدير جريدة الأحداث المغربية المعروف بقربه من السلطات أحمد الشرعي في مقال نشرته جريدة جيروزاليم بوست بأن استئناف العلاقات مع إسرائيل إنما يؤكد “شراكة قائمة عمليا منذ ستين عاما”، تشمل خصوصا “التعاون في المجال الاستخبارات والأمن”.
قال إن البلدين لديهما “تاريخ مشترك”، مؤكدا أنه “شعر بالفخر والامتنان” عندما تم الإعلان عن الصفقة.
وكتب الشرعي أن “الدولتين ساعدتا بعضهما البعض بشكل حيوي لعقود” ، مشيرًا إلى التعاون الاستخباراتي والأمني الذي ساعد إسرائيل في حرب حزيران/يونيو 1967 و “الدبلوماسية المغربية الهادئة” التي ساعدت على تعزيز السلام بين مصر وإسرائيل.
والمغرب موطن لأكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا تعود إلى العصور القديمة ونمت مع وصول اليهود الذين طردهم الملوك الكاثوليك من إسبانيا منذ 1492 مع المسلمين.
وكان عددهم حوالى 250 ألفًا في أواخر أربعينيات القرن الماضي يشكلون عشرة بالمئة من السكان ، لكن العديد من اليهود غادروا بعد إنشاء دولة إسرائيل في 1948.
بقي حوالى ثلاثة آلاف يهودي في المغرب بينما يقيم 700 ألف يهودي من أصل مغربي في اسرائيل. وعلى الرغم من توقف العلاقات الثنائية في العام 2000 ، استمرت التجارة وبلغت 149 مليون دولار بين عامي 2014 و2017 ، بحسب الصحف المغربية.
ولفت جاريد كوشنر الى انه “على مدى السنوات الـ75 الماضية، كان هناك فصل بين اليهود والمسلمين، وهذا ليس وضعاً طبيعياً”.
وأكد أنه “لمئات وآلاف السنين، عاش اليهود والمسلمون في هذه المنطقة معا (…) وأعتقد أن ما نزاه الآن هو عودة غلى تلك القاعدة”