والله لا أرى أن سعادة غمرت المواطنين منذ زمان في ولاية الخرطوم منذ ذهاب الأمن مع ذهاب النظام السابق ، إلا تلك التي أصبح الجميع يعبّر عنها الآن ، مع إرتفاع وتعالي الشعور بالأمن والأمان ، لدى العامة ، وعودة الطمأنينة إلى النفوس ، وذلك بعد نجاح حملات تطهير مدن ولاية الخرطوم ، من بؤر الجريمة ، ومن معاقل عصابات ما يعرف بإسم ” تسعة طويلة ” ، وهي عصابات يمكن أن نربط ظهورها _ وهذه وجهة نظر شخصية _ بحدثين كانا السبب في نشوء هذه الظاهرة ، إرتبطا بمحاولة البعض لتحقيق مكاسب سياسية ، جاءت للأسف الشديد ، على حساب المواطن الذي ظل على قناعة تامة ، بأن الأمن هو مسؤولية الدولة ، والحكومة التي تدير الشأن العام .
أول الحدثين كان هو إطلاق سراح عدد كبير من المحكومين في قضايا جنائية ، بمبادرة من عضوة في مجلس السّيادة الإنتقالي ، لكنها كانت مبادرة غير محسوبة ، بل جاءت هكذا إنفعالاً فطيراً وخطيراً ، دفع بمئات المجرمين المتمرسين إلى فضاءات الحركة الحرة داخل المجتمع .
أما الحدث الثاني فهو نتائج ما بعد التوقيع على إتفاقية سلام جوبا ، خاصة إلحاق بعض أدعياء الكفاح المُسلُح الذين دخلوا ضمن الداخلين ، وكثير من الناس والساسة ، يعلمون أنهم ليسوا أكثر من متاجرين بقضايا أهلهم ومناطقهم ، رغم أن في تلك الحركات الموقّعة على إتفاقية جوبا ، حركات حاربت بالفعل النظام السابق ، ولديها إيمان بما ترى وتعتقد وتريد ، لكن هناك أيضاً من جاء لحصاد مكاسب شخصية ، وحزبية ، وكان من الطبيعي أن يكون هناك أشخاص لا يؤمنون بشيء سوى أنفسهم ، وهم لا علاقة لهم بقضايا الناس والحريات والأمن والأمان والتنمية .
بعض المنتمين لتلك الحركات كان يرى فيها وسيلة للتكسّب أما بقطع الطريق ، والإعتداء على الآمنين في قراهم ومدنهم ، وإعمال السلب والنهب ، وأتخذوا بعض تلك الحركات واجهة لأعمال العصابات .
الآن نستطيع القول بأن الشرطة السودانية التي لم تخذل المواطن أبداً ، تقوم بدورها المطلوب الذي حرمتها منه بعض القوى السياسية الضعيفة ، حتى تتكسب من وراء ذلك ، لكن ما قامت به الشرطة بالأمس وما سوف تقوم به اليوم وغداً والأيام القادمة ، سيكون هو بداية الحل لما تعيشه ولاية الخرطوم من أزمات أمنية ، ونحسب أن هذه الحملات ستمتد لتشمل بقية الولايات ، خاصة تلك الولايات التي تحولت إلى مسارح للصراع بين بعض تلك الحركات المسلحة ، وضاع فيها المواطن والموارد والأمن والأمان والتنمية والإستقرار .
نعم .. لابد من إستمرار الحملات وتواصلها ، لكن لابد أيضاً من معالجة وجود هذه الحركات داخل المدن ، ولابد من تنفيذ إتفاق الترتيبات الأمنية ، ودمج منسوبي هذه الحركات في الجيش السوداني ، نعم الجيش الذي يمثل لبلادنا وللمواطن المؤسسة القومية العسكرية الوحيدة التي تحرس الوطن وتحمي الدستور والمواطن .
تهنئة خاصة لقوات الشرطة السودانية وهي تقوم بدورها وواجبها تجاه الوطن والمواطن ، وتهنئة خاصة وتحية خالصة لجيشنا البطل وهو يقوم بدوره العظيم في حماية الأرض والعرض ، ونتمنى من كل منظمات المجتمع ومكوناته أن تقوم بدورها كما يجب ، وأن تشد من أزر هاتين المؤسستين العظيمتين ، من أجل هذا الوطن ومن أجل الأجيال القادمة .
ابوالعزائم