قبل الحريق الإتفاق الإطاري الذي تريد قحت (٣ ونص طويلة) تحويله إلي برنامج لحكم السودان يعطي هذه المجموعة الصغيرة سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية مطلقة لا تتمتع بها أي حكومة ديمقراطية في العالم، ولا حتى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، بل لا تتمتع بها حتى الأنظمة الملكية والعسكرية. فهذه المجموعة الحزبية ذات القاعدة الشعبية المحدودة ستعين رأس الدولة الدستوري ، و رئيس الوزراء، وسيكون من صلاحياتها -بل وبرنامجها كما أعلنت- فصل القضاة ، وتعين غيرهم ممن يروقون لها، وإلغاء الأحكام النهائية الصادرة من أعلى المحاكم، وهي بمفردها التي ستعين رئيس القضاة، وقضاة المحكمة العليا، و رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، والنائب العام، ووكلاء النيابة، وهي كذلك ستعين لجنة من بين أعضاء أحزابها لتفكيك تمكين النظام السابق، وتشييد تمكين جديد لأحزابها وهي لجنة كما أعلنت في ورشتها المشهورة لا تخضع لأحكام الجهاز القضائي. كما أن هذه الأحزاب الصغيرة هي التي ستختار قائد جهاز الأمن الجديد الذي تعتزم إنشاءه وضباطه وجنوده وتضع له قانونه ولوائحه، وهي من سيختار وزير الداخلية ويحدد له كيف يدير جهاز الشرطة، كما إنها ستختار رئيس جهاز المخابرات بعد أن تفصل منه من لا يروق لها، وهي التي ستختار أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي حسب المعايير التي تقررها وحدها لا شريك لها، وفوق كل ذلك هي التي ستكتب الدستور والقوانين والتشريعات الاخرى، فتكتب ما تشاء، وتمسح ما تشاء وتثبت ما تشاء ، لا راد لمشيئتها ، ولا معقب على حكمها …باختصار سلطات وصلاحيات أخر من تمتع بها هو الإمبراطور الروماني (المقدس) لويس الخامس في أوروبا إبان القرن السادس عشر . تريد هذه المجموعة الصغيرة ذات الأجندة الضيقة أن تتمتع بكل هذه الصلاحيات والسلطات ، لا لأنها تمثل الأغلبية ، ولا لأنها تم انتخابها من الشعب، بل فقط لأن بعض دول الخليج وأثنان من سفراء الغرب ومبعوث دولي ذو ذكاء دون الوسط قرروا ذلك. لو سمحنا لهذا العبث بان ينتقل من مجال الأمنيات والخطط لمجال التنفيذ، فإنني أستميح أبناء وطني في هذه النذارة: نحن على أعتاب حريق ستلتهم ناره الجميع، من يشارك في هذا العبث، ومن يعارضه، ومن يقف على الرصيف، سواء بسواء ، و كتف بكتف. حريق سيلتهم أواره كل شئ ، ولات حين مندم!ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد
محمد سليمان البرعي الأبيض✍️