يثير إعلان السلطتين المتحاربتين في ليبيا وقف المعارك ونيتهما تنظيم انتخابات، آمالا وشكوكا في الوقت نفسه، بالنظر إلى سوابق مشابهة في هذا البلد الذي يمزقه العنف منذ أعوام وتتورط فيه قوى خارجية.
ويشكل إعلان فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، وعقيلة صالح رئيس البرلمان، عن وقف “فوري” لإطلاق النار والدعوة إلى تنظيم انتخابات، أول تفاهم سياسي منذ الاتفاق السياسي الموقع عام 2015 في مدينة الصخيرات المغربية برعاية الأمم المتحدة، والذي أدى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني إذ فشلت كل محاولات التسوية وبقيت الالتزامات حبرا على ورق.
ومنذ الهجوم الذي شنه المشير خليفة حفتر، رجل شرق البلاد القوي، على طرابلس في 4 أبريل 2019، وفي ظل التدخلات الخارجية التي فاقمت النزاع، فشلت كل المحاولات لوقف الأعمال العدائية.
وقف اطلاق النار وتنظيم الانتخابات
وحول إمكانية تطبيق وقف إطلاق النار وتنظيم انتخابات، اعتبر الخبير في مركز “المجلس الأطلسي” للأبحاث عماد بادي، أن ذلك سيكون “مسارا شاقا” لأن القوى المحلية “حذرة، ليس من بعضها فقط، بل كذلك من الأطراف الدولية المتورطة” في النزاع.
من جهته، اعتبر الباحث في “المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن” ولفرام لاخر، أن “مصالح الخاصة للقوة الفاعلة في ليبيا يمكن بسهولة أن تحبط المحادثات مهما كانت المرحلة التي بلغتها”. ويشير لاخر إلى أن الخلافات بين القوى الليبية وعدم الخوض في بعض المواضيع “يكشف” ما وراء الأكمة.
ويقول الباحث في هذا الصدد إن المنطقة المنزوعة السلاح “خطة أميركية وبريطانية وألمانية تهدف لاحتواء التأثير التركي والروسي في الميدان”. ويضيف أن روسيا تعارض إقامتها، وكذلك الإمارات “التي تدعم الحضور العسكري الروسي في ليبيا”.
بالنسبة للسراج، الذي يرأس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، يجب جعل سرت والجفرة منطقة منزوعة السلاح في سبيل تحقيق تقدم في الحوار، في حين لم يتحدث صالح عن هذه الفكرة. لكن رئيس البرلمان يقترح تشكيل مجلس رئاسي جديد للحكومة، يشكل بديلا من مجلس السراج، يكون مقر عمله سرت، مسقط رأس القذافي الذي تحول لفترة إلى معقل لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
دور المجلس الاعلي في عملية الحوار
أحبط ما يسمي بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا جهود إحياء عملية الحوار بين طرفي الصراع الليبي بعد إعلان الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج وقف إطلاق النار بين الجانبين.
وفيما أبدت أطراف محلية وإقليمية ودولية تفاؤلا بالإعلان المتبادل لطرفي الصراع في ليبيا عن وقف إطلاق النار وبدء حوار جاد من أجل حل سياسي للأزمة في ليبيا، تأتي تصريحات متشددة من المجلس الأعلى للدولة في ليبيا لتنسف هذا التفاؤل بامتناعه عن محاورة قائد الجيش الوطني الليبي.
وأعلن المجلس رفضه القاطع لأي شكل من أشكال الحوار مع المشير خليفة حفتر، وقال “إن أي حوار أو اتفاق يجب أن يكون وفقا للاتفاق السياسي الليبي الذي نظم آلية الحوار ليكون بين الهيئات المنتخبة فقط”.