على مدار الأعوام الثلاثة الماضية شهدت علاقات السودان وجنوب السودان استقراراً ملحوظاً في كافة المجالات وتنسيقاً عالي المستوى في المحافل الدولية، حيث نجد أن جوبا نجحت في إطفاء نار الحرب في السودان بالتوقيع على اتفاق بين الحكومة وحركات مسلحة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان في عام 2020م، بينما ترعى الخرطوم اتفاقية السلام المنشطة بين الفرقاء الجنوبيين، وهو أمر جعل الطرفين يمضيان نحو تعزيز العلاقات بما يخدم مصلحة الدولتين.وبالرغم من ذلك ظلت قضية منطقة ابيي عالقة بين البلدين منذ الإعلان عن انفصال دولة جنوب السودان، وفشلت الدولتان في التوصل لحل حول المنطقة.مباحثات ثنائيةوتوجه صباح أمس (الخميس) رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان، في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، وكان في وداعه بمطار الخرطوم عضو مجلس السيادة مالك عقار آير والفريق ركن محمد الغالي علي يوسف الأمين العام لمجلس السيادة وعدد من الوزراء.واجرى الرئيسان البرهان وسلفا كير مباحثات مشتركة تتعلق بمسار العلاقات الثنائية وسبل دفع آفاق التعاون المشترك.ورافق رئيس مجلس السيادة الفريق ركن يس إبراهيم يس وزير الدفاع المكلف ووكيل وزارة الخارجية السفير دفع الله الحاج علي ونائب محافظ بنك السودان.زيارة مهمةويعد المحلل السياسي محيي الدين محمد محيي الدين الزيارة مهمة لعدة اسباب، اولاً أن السودان يرأس هذه الدورة لمجموعة (إيقاد) وهي المنظمة الإقليمية التي رعت مفاوضات السلام في جنوب السودان، كما أن السودان يلعب دوراً مهماً في متابعة تنفيذ اتفاق السلام المنشط بين أطراف الحكومة في الجنوب. وتنبع أهمية الزيارة من حاجة السودان والجنوب لتهدئة الأوضاع في أبيي التي شهدت اعتداءات جنوبية على مواطني السودان. وتمثل قضية ابيي وقضايا الحدود التي لم تحسم حتى وقوع الانفصال عوامل لاحداث عدم استقرار للبلدين مما يستدعي التعاون لحلها، والعامل الآخر الذي يكسب الزيارة أهمية خاصة هو دور الجنوب في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين في السودان، بغية ترتيب مستقبل العملية السياسية في ما تبقى من الفترة الانتقالية.وحول دعم جوبا للعملية السياسية الجارية، يقول محيي الدين: (لا احسب ان دولة الجنوب في وضع يؤهلها للعب دور مهم في ظل نشاط دبلوماسيين لدول كبيرة لها ثقل ساسي ودبلوماسي وتجد تقديراتها قبولاً لدى الحرية والتغيير، لكن ربما يتصل الأمر بجهود استئناف المفاوضات مع حركتي الحلو وعبد الواحد محمد نور، وهو امر يتوقع ان يكون للجنوب تأثير فيه بالدعوة لعقد جولة مفاوضات خلال الفترة القادمة لاستكمال سلام جوبا.سلام شاملوتسعى دولة جنوب السودان إلى دور في معالجة الأزمة التي خلفتها قرارات البرهان في أواخر اكتوبر من العام قبل الماضي، حيث أجرى مبعوث الرئيس سلفا كير في مايو الماضي عدداً من اللقاءات شملت المكون العسكري والحرية والتغيير مجموعة التوافق الوطني.وتوسطت جوبا بين الخرطوم وتنظيمات الجبهة الثورية التي كانت تقاتل الحكومة في مفاوضات أسفرت عن التوقيع على اتفاق سلام بين الطرفين في الثالث من أكتوبر عام 2020م، ومنح اتفاق السلام الموقع في جوبا تحالف الجبهة الثورية 25% من الوزارات ومثلها مقاعد في المجلس التشريعي وثلاثة أعضاء في مجلس السيادة.ويشير محيي الدين إلى أن العامل الاقتصادي سيكون بالضرورة ضمن محاور النقاش في ظل حاجة البلدين لتدعيم التعاون التجاري، خاصة في التجارة الحدودية والاستثمار في قطاع النفط وكيفية تطوير الإنتاج في الجنوب وارتباطه بفكرة التكامل الاقتصادي بين البلدين.قضايا خلافيةويتنازع السودان وجنوب السودان حول منطقة ابيي الغنية بالنفط منذ الإعلان عن انفصال دولة جنوب السودان في عام 2011م، وفشلت الدولتان في التوصل لحل حول المنطقة، فأبقيت ضمن القضايا العالقة، ولكن جوبا نظمت في عام 2013م استفتاءً من جانب واحد أقر تبعيتها لجنوب السودان.وكان نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد بحث مع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت في جوبا قضايا الأمن والسلام والحدود والتجارة بين البلدين.