المحكمة الجنائية في ظل العهد السابق ظلت محاربة من قبل الحكومة ومؤصدة امامها كل الأبواب وذلك لعدم الإعتراف بها…. باعتبار أن السودان من الدول التي لم توقع علي الإتفاقية ، لعبت حكومة البشير دورا دبلوماسيا كبيرا في الإطار الافريقي و أصدرت الكتلة الافريقية عدة قرارات بعدم التعاون معها ، لكن في هذا العهد فتحت الحكومة الإنتقالية الباب علي مصراعيه لها وكثرت الزيارات الماكوكية للابنوسية (فاتو بنسودا ) عرابة المحكمة إلي الخرطوم حتي ( عملت الدرب ساساقا) …! ويبدو أن هنالك سمة تقارب كبير ظهر بينها وبين الحكومة الحالية….
تسليم البشير ومن معه كان واضحا في بداية الأمر عندما خرجت عدة تصريحات من بعض جنرالات المجلس العسكري بأن لا يسلم البشير للجنائية وكان التصريحات قوية جدا آنذاك ، لكن بدأت هذه اللهجة تتواري في الأفق السياسي شيئا فشيئا ويبدو أن الأمر يسير في إتجاه التسليم كيف ؟ …لا ندري؟ وخاصة بعد تسليم كوشيب نفسه في أفريقيا الوسطى بعد أن ضيق عليه الخناق وأجبر علي تسليم نفسه،القبض علي كوشيب كان كالمقبلات فتحت شهية هذه المحكمة وجعلها تبحث بشراهة عن المتبقين ! ، السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تفصح المحكمة الجنائية عن المتبقين من المطلوبين حتي الآن لديها ؟ واكتفت بهذا العدد القليل ؟وتصر علي التسليم؟أعتقد أن الذين اشتركوا في الإبادة الجماعية كما تدعي كثر المهم….يمكن القول أن المحكمة (حمدا في بطنا) ويبدو أن بطنها (غريقة) !…. كبطن( بت مسيمس) صديقة( السرة) العزيزة عليها عندما سممت غنمايتها بليل وبكت عليها !
ما أدلي به أحمد هارون من تصريحات أمام النيابة العامة برفضه الإدلاء عن أي أقوال فيما يتعلق بالتهم الموجهة إليه بالمشاركة في الإبادة الجماعية بدارفور وقبوله أن يسافر إلي لاهاي هو موقف بطولي…. لكن سوف يكلفه الكثير ، هؤلاء الذين يديرون دفة حكم هذه البلاد و الذين فشلوا في كل المناحي ينتظرون هذه اللحظة الثمينة التي تكون لهم بردا وسلاما عندما يسلم.. ويمكن القول أن أحمد هارون أعطاهم البرتقالة مقشرة كما يقال وسوف نسمع في غضون الأيام القادمة أنه سلم للمحكمة الجنائية بناءا علي رغبته، هؤلاء لم يصدقوا ان تاتي لهم كرة أحمد هارون (مدردقة ) لركلها في مرمي الجنائية من داخل خط ستة واحراز هدف يرونه جميلا ويرونه انجازا وهو ذلة وتضعضع وخنوع سوف يدفعون ثمنه إن طال الزمن أو قصر…
ظهرت في الآونة الأخيرة مذكرات كتبت للمحكمة الجنائية من متخصصين ومحامين بشأن مسألة فض الإعتصام ،وفض الإعتصام في تقرير سابق لمنظمة العدل الدولية ان فض الاعتصام يرقي لجريمة ضد الإنسانية يعني بالدارجي الفصيح (ختت عينا عليهو)وهذا أمر خطير وملف يمكن أن يلوح به لكسر ظهر الحكومة الانتقالية واجبارها علي تنفيذ اجندتها ، المحكمة الجنائية تشبه (بير أم كبك) الذي يبلغ اي شييء ولا يمتليء ! ونحن نقول للحكومة الحالية لا تسلموا أحدا ولا تخشوا المرافعين… فالذي يخاف من المرفعين يجري منه ويجري ويكون مصيره أن يقع علي وجهه بالعا لسانه حينها يكون غنيمة سهلة له ! . اللهم قد بلغت فاشهد .
ياسر الفادني