الترويكا …و مشروع الفوضى من لبنان الى السودان

إطلعت على بيان الترويكا اليوم بخصوص العنف الذي رافق ختام ما أسمته ” ورشة عمل نقابة المحامين السودانيين حول الإطار الدستوري الانتقالي.* بدايةً اتفق معهم على ادانة العنف و علينا جميعاً ان نقف ضد العنف بكافة اشكاله وفي الحالة محل البيان تقتضي النزاهة أن نقف ضد عنف الجهة المنظمة للورشة الذي مارسته ضد المحامين المحتجين سلمياً وعلى عملية الزج باسمهم واستخدام دارهم في هذا النشاط الحزبي والسياسي ، كما ندين رد فعل جمهور المحامين الذين ردوا على العنف بعنف مماثل، وكان يمكنهم فتح بلاغات جنائية ضد المعتدين .
اتفق مع بيان الترويكا رغم ان هناك انتهاكات للقانون وعنف تجاوز الحدود وخلّف ضحايا ظلت الترويكا عمياء وصماء تجاهه لأنه صادر عن جهات يرعاها اعضاؤها بل ويدعمونها .. ولطالما هو ضد جهات تتمسك باستقلاليتها ولها موقف وطني لصالح بلادها وشعبها وهو أمر غير مقبول من الترويكا واعضاءها ويهدد السلم والامن الدوليين!! .
واستوقفني في البيان اصراره على وصف الجهة المنظمة للورشة بانها نقابة المحامين !! ، ومعلوم انها لجنة تسيير أجلها حسب القوانين السودانين ثلاثة اشهر من اعلانها !! ولكنها استمرت لثلاثة سنوات كاملة في مخالفة لكل القوانين المنظمة لعمل النقابات والاتحادات واللجان التسييرية ، وقد اصدرت الجهة التي صدر عنها قرار تكوين هذه اللجنة قراراً لاحقاً بالغائها !! لكن يبدو أن الترويكا ودولها لا يعترفون بهكذا قوانين ولوائح طالما انها تهدم مخططاتهم وطالما انها في بلد هش مثل السودان اعتادوا على ألا يحترمون قوانينه ولا تشريعاته ، بل عملهم ونشاطهم يشير بوضوح انهم لا يعترفون حتى بسيادته على ارضه!! ولا يلتزمون فيه بالأعراف والتقاليد الدبلوماسية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية المتفق عليها دولياً !! يقومون باستباحةٍ كاملة للبلاد … تدخل مباشر في اداء الدولة وفي نشاطات المجتمع وفي عمل الاحزاب وفي تمويل ودعم مجموعات وفئات بعضها يمارس العنف ..وهذه الحالة تماثل فقط ما فعلته السفارات واجهزة المخابرات ذاتها في لبنان قبل الحرب الأهلية ..
!!
ان بيان الترويكا، باصراره على ان تلك ” الورشة هي مبادرة شاملة يقودها السودانيون “!! ووصفه لورشة لجنة تسيير المحامين المحلولة بأنها ” تجمع بين مجموعة واسعة من الأطراف من أجل تحفيز التقدم نحو إطار متفق عليه لحل الأزمة السياسية” ..رغم معرفتهم يقيناً بعدم صحة هذا الادعاء إلا إن أهمية البيان .. تكمن في انه دليل يظهر للسودانيين معنى الكيل بمكيالين ومعدن الترويكا ، ان حجم الندوة المحدود والحشد الكثيف للسفارات الغربية والتغطيّة الاعلامية الكبيرة محلياً ودولياً لا يتناسب مع مخرجاتها التي تبدو وكأن احدهم اعاد انتاج نسخة من نسخ الوثيقة الدستورية سيئة الذكر . .. المؤشرات تقول انه منشط مخدوم وخلفه جهات ذات مصلحة اكبر من ارادة الذين ظهروا على المسرح ، هذا المسرح تريد منه هذه الدول عبر احد مواطنيها وهو فولكر برنيس مبعوث الامين العام ورئيس البعثة السياسية وباستخدام جسم غير شرعي كلجنة التسيير المحلولة ، ان تنقل الصراع في السودان لمربع جديد وخطر …وعلى الشعب السوداني وقواه الحيّة ان يكون على وعيٍ بهذا .
للاسف كانت الترويكا وعدد من سفارات الدول الغربية معها واجهزة المخابرات ، عنصراً اساسياً في تمزيق السودان ..ثم تعميق الازمات في السودان و في جنوب السودان على حدٍ سواء ، ولا شك عندي ان هذه المجموعة ستكون سبباً في تمزيق ما تبقى من السودان ، وعند اندلاع الحريق الذي سيصنعونه سيغادرون البلاد وسيصدرون البيانات لمواطنيهم بالمغادرة ، وسيحرصون على توفير الطائرات لنقلهم ، وستغلق ابواب سفاراتهم وبيوت سفرائهم وطائراتهم امام عملائهم اليائسين والذي سيتعلقون باجنحة الطائرات المسرعة ..ليسقطوا جثثاً هامدة كما حدث في افغانستان ، ثم وبراءة الاطفال في اعينهم سيقومون بإصدار البيانات التي تحُثُ السودانيين لوقف القتال والجلوس للتفاوض ..وبعد ان تتحول البلاد الى رُكام ويتحول نصف الشعب للاجئين والبقية الى نازحين …سيسلمون الحكم لمن بقي واقفاً بعد الصراع العدمي ّ ، فيما يمكن ان نسميهحينها نسخة سودانية من طالبان يمكن ان تكون متطرفة عرقياً او جهوياً او دينياً !! .. ويعودون مرة إخرى لفرض العقوبات على البلد الجاثي على ركبتيه!! ، ومن افضل من فولكر الذي ادخل سوريا بذات الاسلوب والاصرار ..في محرقة شردّت نصف الشعب السوري ومات فيها حوالي نصف مليون مدنيّ!! اكتب اليوم وكلي اسى ان دماءنا لا قيمة لها عند هولاء..طالما كنا افارقةً او مسلمين..ونحن نجمع بين الاثنين ..لا بواكي على بلادنا او علينا …اعلموا ايها السودانيون المختلفون انكم جميعاً عند هولاء مجرد بيادق في لعبة كبرى ستدفعون ثمنها ارواحاً واعراضاً واستقراراً ..فافيقوا…!!
إن هذا البيان نموذج لكيف يتحركون ويفكرون ..والى ماذا يخططون حتى لو زينوا حضورهم بالسفير السعودي الذي سيكون شاهد عصرٍ يوماً ما في المستقبل على ما يدبّر للسودان للسيطرة عليه وعلى موارده وللاستفادة من موقعه على حساب أمنه و استقراره وشعبه ومستقبله …
على دول الترويكا وسفرائها اعادة قراءة الجغرافيا في هذه المنطقة ، واعلموا ان السودان ان سقط في أتون الفوضى لن يسقط وحده..ستعم الفوضى نطاقاً واسعاً محتشداً بالبشر ، ولكن تكون اوربا بعيدةً عن ارتداداته ..فقوافل الهاربين ستصلكم من على الاقل سبع دول مرتبطة بالسودان .

سناء حمد