التمديد الفني لبعثة اليونيتامس.. أو عودة الاستعمار البريطاني
لعل المملكة المتحدة (بريطانيا) قد قصدت خلال تقديم مشروع القانون الذي طرحته امام مجلس الامن الدولي هو مناورة (رفع السقوفات) عبر مطالبتها (تسخير) اليات بعثات الامم المتحدة لصالح التمديد لبعثة (اليونيتامس) بفترة جديدة تستحوذ فيها البعثة على مفاصل العملية السياسية بالسودان وذلك بغرض الوصول الى هدفها الاستراتيجي المتمثل في قبول الدبلوماسية السودانية بالتجديد (فقط) بسهولة ويسر رضوخا لابعاد مصطلح (تسخير) اليات البعثة الذي يشير الى التحول للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ..
المعروف ان الامم المتحدة ومجلس الامن لهما اساليب راسخة وقديمة في استخدام المصطلحات الفضفاضة التي تفسر باكثر من وجه لتمرير مشروعات القوانين المقدمة في منضدة الجمعية العامة ومجلس الامن والوكالات الاممية المتخصصة وفيما يتعلق بموضوع مصطلح (التمديد الفني) الذي طرح امس تنازلا عن مسودة مشروع القرار البريطاني المطالب ب(تسخير) اليات بعثات الامم المتحدة لتعمل بجانب (اليونيتامس) لفترة اطول مما حدد لها في قرار التاسيس حيث اصبح للسودان عدد من الخيارات المتاحه حاليا ويشكل ظاهريا انتصارا حقيقيا علي المشروع البريطاني شديد السوء الذي ادخل تعديلات معيبه جدا علي قرار التجديد ونجح السودان في مناهضته ولكنه باطنا هو ترغب بريطانيا في الوصول اليه اي التجديد للبعثة عبر (رفع السقوفات) في مسودة مشروع القرار السابق والاستعاضة بمصطلح جديد تستخدمه الامم المتحدة في قراراتها الصادرة بشان الدول الاعضاء وهو: (التمديد الفني Technical Rollover) والذي يشير الى التجديد لبعثة (اليونيتامس) نفس قرار تجديد تفويض البعثة الذي صدر في العام 2021م بدون اي تعديلات سوى ثلاث فقرات عادية لا قيمة لها .. وتقرأ على النحو التالي:
يؤكد مجلس الامن الدولي جميع قراراته وبياناته الرئاسية السابقة المتعلقة بالحالة في السودان .
يؤكد مجلس الامن من جديد التزامه القوي بسيادة السودان ووحدته واستقلاله وسلامته الإقليمية .
الاحاطة علما بتقرير الامين العام للامم المتحدة عن الحالة في السودان وأنشطة بعثة الامم المتحدة المتكاملة للمساعدة في الفترة الانتقالية .
يقرر تمديد ولاية يونيتامس حتى 3 يونيو 2023 على النحو الوارد في الفقرة 3 من القرار 2579 (2021) .
يطلب الى الامين العام ان يواصل تقديم تقرير الى مجلس الامن كل 90 يوما عن تنفيذ ولاية بعثة الأمم المتحدة .
يقرر مجلس الامن ابقاء المسالة قيد نظره الفعلية باستمرار ..
كما ذكرت ظاهرا لو تم تمرير القرار بالتجديد فعلا يعد انتصار حقيقي علي المشروع البريطاني الذي اجبرهم عليه موقف السودان وحشده لتاييد المجموعه الافريقية في مجلس الامن علي تغيير تعديلاتهم السيئة والرضوخ للحد الادني وهو التجديد علي اساس قرار العام 2021م وتشير التقارير ان ان السودان في البدايه لم يطلب التجديد التقني (الفني) لكنه قدم مشروع قرار جديد متكامل علي اساس قرار 2021م مع حذف بعض البنود التي سبق ان تحفظت عليها الحكومة في عهد حمدوك بالاضافة لادراج بنود المصفوفة السودانية للتعامل مع الامم المتحده لتصبح جزءا لا يتجزأ من القرار بجانب اتفاق الحكونة مع مجموعة اصدقاء السودان علي تقديم مشروع القرار وتسبب ذلك في ارباك المجموعة الغربية واضطربت حسابات بريطانيا بشده وسعت اقصي جهدها لاقناع المجموعة الافريقية (الجابون وغينيا وكينيا) بعدم قبول مشروع السودان لكن سبق ان التواصل مع رؤساء المجموعة الافريقية بمجلس الامن عبر مبعوث المجلس السيادي الفريق ابراهيم جابر وحصل منهم علي تعهدات بدعم المشروع وتم ابلاغ مناديبهم في نيويورك قبل ان يغادر الفريق الدبلوماسي السوداني الى مجلس الامن الدولي .. وحسب (مصادر عليمه) دعمت روسيا والصين والامارات والهند والجابون وغانا وكينيا مشروع السودان ووقفت البرازيل حيرى .. الامر الذي ضغط علي بريطانيا فقبلت بخيار ال (Technical Rollover) .
مصطلح (Technical Rollover) ، وترجمته تصح ب(فني او تقني) احد مصطلحات الامم المتحده وقوالب عملها الحديثة الذي لم يكن موجودا في قاموس الامم المتحده ولم يستخدم الا قليلا ويتم اللجوء اليه لتحديد بعثات السلام عندما يفشل مجلس الامن في الحصول علي التوافق المطلوب وقد كان في التجارب السابقه يتم التجديد به لمدة قصيرة حددها المقترح البريطاني المعدل بطلب التمديد لثلاثة شهور وبعدها يتم التفاوض علي (mandate) جديد ل(اليونيتامس) لكن واجه الوفد السوداني هذا الالتفاف بالرفض وتمسك ب(عام كامل) وتم ذلك بالفعل ..
يبدو ان (طبخة) التجديد لبعثة (اليونيتامس) قد (استوت) وهي الان داخل غرفة ال (Blue) المعنية بالصياغة للتصويت او الاجماع الذي سيتم التصويت عليه بالموافقة في او قبل يوم 3 يونيو (مساء اليوم وحتي مساء الجمعه) ومن المرجح ان يتم مساء اليوم الخميس 2 يوليو ..