وقعت الحرية والتغيير التوافق الوطني بقاعة الصداقة أمس ، إعلانًا سياسيًا ودستوريًا ، لحكم ماتبقي من الفترة الانتقالية، وحدد كيفية اختيار رئيس الوزراء ومدة الفترة الانتقالية ، وتمسكت بتعليق مسار الشرق .
دولة موحدة:
الإعلان الدستوري الذي تم تقديمه كمقترح من قوى التوافق الوطني اشتمل على مراجعات للوثيقة الدستورية والمبادرات التي تم طرحها مؤخرًا، وتم اعتماد وثيقة 2019 كأساس لحكم الفترة الانتقالية بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها بما يتوأم والإعلان السياسي الذي تمت إجازته في أغسطس 2020م ، والذي شمل مراجعات لهياكل الفترة الانتقالية ومهامها والأجهزة والمؤسسات والمفوضيات.
الإعلان الدستوري اعتمد السودان دولة موحدة ذات سيادة وطنية تُحكم فيدراليًا، تقوم على عدد من الأجهزة،وهي جسم سيادي يتم التوافق على تسميته ومهامه بواسطة قوى التوافق الوطني ومجلس وزراء يتكون من رئيس وزراء و26وزيرًا بالإضافة إلى 6 وزراء دولة ومجلس تشريعي يشمل كل المكونات الأهلية والسياسية والقومية والمدنية والقوى الثورية.
وإذا تعذر قيام المجلس التشريعي لأسباب مقبولة للقوى السياسية تتم الاستعاضة عنه بمجلس رقابي ثوري يتكون من القوى السياسية ولجان المقاومة والقوى الأهلية والمدنية ، وتم اعتماد المفوضيات في الوثيقة الدستورية مع إضافة مفوضية للشباب وأسر الشهداء والجرحى والمصابين.
فض الاعتصام :
الإعلان الدستوري شدد على ضرورة الإسراع في إعلان لجان التحقيق حول فض الاعتصام وحول ماسبقه وماتلاه من أحداث وتقديم المتورطين إلى القضاء، وتم اعتماد العدالة الانتقالية وضرورة محاكمة المتورطين في جرائم ضد الإنسانية أمام القضاء ومحكمة الجنائية الدولية .
واعتمد الإعلان أيضًا 30 شهرًا كفترة انتقالية تُقام بعدها انتخابات وتكوين مفوضية الانتخابات ومجلس الأحزاب وتعديل قوانين أخرى.
الإعلان السياسي فتح الباب لمزيد من الحوار مع الكتل السياسية والأهلية بهدف الوصول إلى توافق وطني شامل، الإعلان السياسي مشروع مقترح للقوى السياسية ليكون أرضية للحوار مع بقية المبادرات والإعلانات السياسية والدستورية مثل مبادرة الشيخ الطيب الجد، وورشة نقابة المحامين، ومبادرة الحزب الاتحادي الديمقراطي، ومبادرة الحرية والتغيير القوى الوطنية، ورؤية حزب الأمة القومي، ومبادرات أخرى.
المرحلة القادمة:
المستشار القانوني لمجموعة التوافق الوطني أحمد موسىأكد في تصريح لـ(السوداني) ،أن المرحلة القادمة هي الدعوة إلىآلية وطنية تقوم بتجميع تلك المبادرات وابتدار حوار سوداني سوداني داخلي، وأن تكون الآلية الثلاثية مسهلًا للحوار وليس وسيطًا ، والمقترح أن تكون الآلية مشكلة من أساتذة جامعة الخرطوم بعد توسعتها بعدد من الوطنيين الذين يديرون الحوار بين القوى السياسية .
وقال موسىإن الإعلان الدستوري حدد معايير لاختيار رئيس الوزراء أهمها أن يكون مستقلًا وله خبرة في العمل الإداري وإلمام بالتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، وأن يكون مدركًا للتقاطعات الدولية والسياسات الخارجية، ومن المقترحات أن يتم اختيار الوزراء بواسطة قوى التوافق الوطني من كفاءات وطنية وأن يتم الاختيار بتوافق كامل ، وتوجد تعديلات مقترحة منح صلاحية ترشيح رئيس الوزراء والوزراء الى قوى التوافق الوطني وان تمنح ايضا الحق في التقدم بطلبات لاعفاء رئيس الوزراء والوزراء اذا كانت هناك اسباب تدعو الى ذلك .
الاجهزة العدلية :
الاعلان الدستوري اكد على ضرورة اصلاح الاجهزة العدلية بتعديل القوانين وانشاء مفوضية الاجهزة العدلية والمجلس الاعلى للنيابة العامة والمجلس الاعلى للقضاء ، وقانون القضاء العالي والنيابة العامة وتأسيس المحكمة الدستورية ومنحها حق الفصل في النزاع في تطبيق وحماية الدستور والنزاع بين مؤسسات الدولة المختلفة والفصل في كل القضايا الدستورية .
استجابة للدعوة :
انتقادات وجهها البعض للخبير القانوني نبيل اديب المحسوب على الحرية والتغيير المجلس المركزي ، الذي كان ضمن المشاركين في التوقيع على الاعلان السياسي ، واعتبره البعض تبدل في مواقف الرجل ، الا ان نبيل اكد في تصريح لـ(السوداني) انه شارك استجابة للدعوة التي قُدمت له من مجموعة التوافق الوطني ،وليس باي صفة اخرى ،وقال “انا ادعو لتوافق جميع القوى السياسية التي ساهمت في اسقاط نظام الانقاذ ومنها مجموعة التوافق الوطني التي قدمت المبادرة واخذت صورة من الاعلان لدراسته ” واضاف انه لم يشارك في صياغة الاعلان السياسي .
وقال” حمدت للتوافق الوطني انهم يتحدثون عن تعديل الوثيقة الدستورية، لانه لا توجد سلطة تاسيسية بإمكانها اصدار وثيقة دستورية جديدة ، لكن يجوز لمجموع القوى المدنية ان تتفق على الوثيقة القائمة ، وهذا امر جيد ، مشيرًاالي ان الغرض من المبادرة الوصول الى حل فيما يتعلق بهياكل السلطة الانتقالية .
المشاركون :
المستشار القانوني للتوافق الوطني أحمد موسى اشار الى ان مشاركة الاعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي في التوقيع على الاعلان ، بالاضافة الى الحرية والتغيير القوى الوطنية ،الطرق الصوفية ،الادارات الاهلية ، وممثلي عدد من البعثات الدبلوماسية بالخرطوم ،قيادات سياسية ومجتمعية ، وومثلي الالية الثلاثية وغيرهم .
حل الازمة :
الناطق باسم المجلس المركزي للحرية والتغيير شهاب ابراهيم اوضح في تصريح لـ(السوداني) ان اي حل للازمة لا ينطلق من تعريفها والتوصيف الصحيح لها يقع في خانة (الركاكة) والتناقض الوطني ، مشيرا الى ان مجموعة التوافق الوطني تريد الشراكة مع العسكريين ويعتبر ان ماحدث في 25اكتوبر تصحيح مسار وليس انقلابا .
واضاف شهاب ، يريدون ان يكون لديهم تمثلا في المجلس الاعلي للقوات المسلحة ، وهذا الامر ضد رغبة الشعب السوداني ، لافتا الى ان تطلعات ورغبة الشعب السوداني واضحة لا تحجبها عن الانقلاب والانقلابيين مثل تلك الادعاءات، معتبرا ان الاعلان لم يتم التوافق عليه داخل المكون .
مسار الشرق :
الاعلان السياسي تمسك باستمرار تعليق مسار شرق السودان حسب قرار اجهزة الدولة الى حين تحقيق التوافق بين مكونات شرق السودان ،مشيرا الى ان قضية شرق السودان قضية تهميش تاريخي سياسي ثقافي اجتماعي ويجب حلها حلا منصفا يستند على مطالبهم العادلة عبر منبر تفاوضي يضم كافة مكونات الشرق ، وان تكون تنسيقية شرق السودان والمجلس الاعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة طرفا في اي اتفاق مع الاخذ في الاعتبار كافة قضاياه ،
لكن هذا الامر وجد رفضا من بعض قادة المسار من بينهم رئيس المسار خالد شاويش، واعتبره هرجلة سياسية ، وقال بالامس في جوبا كانوا يدعمون مسار الشرق واليوم يطالبون بتجميده وتحسر على تغليبهم المصلحة الشخصية، على الوطنية بتمسكهم الجزئي باتفاق جوبا الخاص بدارفور ، محذرا من التلاعب بهموم وقضايا شرق السودان مشيرا الى ان اهل الشرق ليسوا مثل الآخرين ، همهم تنمية الاقليم لا المناصب التي وصفها بالزائلة.
وقال ان الإعلان السياسي حمل متناقضات ابرزها التمسك بالوثيقة الدستورية والتي تعترف – في نسختها المعدلة بموجب سلام جوبا – باتفاق مسار الشرق الذي يطالبون بتجميده الآن، علاوة على جعل مايسمى بنظارات البجا طرفا قائما بذاته في اي اتفاق قادم وهو سبب الازمة ، بالاضافة الى مقترح تشكيل حكومة كفاءات مع تعمد اغفال استقلاليتها .
الجد وترك:
شاويش اعرب عن دهشته لان بعض رافضي مسار الشرق شاركوا سابقا في مبادرة الخليفة الشيخ الجد وهم الآن في مبادرة التوافق الوطني وقال:” يريدون ان نكون معهم ضد رغبة الشعب السوداني ، او الغاء مسار شرق السودان” ، مؤكدا ان المسار ليس ملكا لخالد بل لكل اهل الشرق دون اقصاء او تمييز.
وكان رئيس المجلس الأعلى للبجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك قال خلال تدشين مبادرة الخليفة الطيب الجد ان المبادرة هي المخرج الحقيقي للازمة السودانية ، واضاف “إذا لم تجد المبادرة الدعم الإقليمي والدولي لا قدر الله سيتحول السودان إلى مرحلة اللا دولة”،مطالبًا سفراء الدول الأجنبية بالبلاد بدعم المبادرة ، لافتا الى ان السودان يمر بمرحلة خطيرة