أخبار ساخنةأهم الأخبارالأزمة السودانيةالسياسية العربيةالوطن العربي والعالممقالات الرأي

الجزء الأول من الحوار الحصري على موقع المراسل مع السياسين عن شأن الاقتصاد

الكاتب : عماد الدين ميرغني

(في أولى مراجعات الاقتصاد)

(وزير الإقتصاد بحكومة الظل، مجاهد خلف الله)

(السودان لا في العير ولا في النفير )

(والآراء التي تتحدث عن تغيير جذري، متطرفة..)

الخرطوم : عماد الدين ميرغني

في خضم الظروف الراهنة والتحديات التي تواجهها الدولة، من أزمة إقتصادية؛ وأزمة وباء الكورونا الذي ضاعفت التحدي الذي تواجهه الحكومة الإنتقالية الحالية.

 فإنه من الطبيعي أن تتزايد وتيرة النقاش عن أبرز القضايا في ظل هذا الظرف، وأبرزها قضية الإقتصاد التي خلقت تساؤلات كثيرة ومعقدة على نطاق واسع في هذا العالم.

وبطبيعة الحال؛ فإن الأمر يحتاج لكتابة المزيد من السطور في شأن الإقتصاد ومحاولة فهم ما هو قادم من تحديات في هذا المجال تحديداً.

 الأمر الذي يُوجِب إجراء مراجعات في الكثير من المفاهيم والتفاصيل حول الأنظمة الإقتصادية والخطط التي من المفترض أن تُوضع لإعادة دوران عجلة الإقتصاد من جديد.

وبهذا الصدد؛ كان لابد من الحوار مع بعض المهتمين والباحثين في مجال الإقتصاد منهم المنسوبين لبعض الأحزاب السياسية في السودان.

 فبطبيعة الحال لكل من له دراية في هذا المجال ستكون له رؤيته ووجهات نظره عن طبيعة الأزمة الراهنة وعن المتغيرات القادمة، ونقد للسياسات التي يدار بها الإقتصاد على كافة المستويات.

وبطبيعة الحال؛ فإن بعض الأسئلة الضرورية والملحة تُطرح ضمن السطور التي تُناقش هذا الشأن. وفي ظل الوضع الحالي للسودان؛

ومع تداعيات إنتشار فيروس كورونا؛ تداخلت بعض التساؤلات بين ما يحدث في العالم، وبين الوضع الراهن للدولة، ومدى التداخل والتأثير بين العالم الخارجي وبين السودان الذي يُفترض أن يلحق ركب العالم.

وكانت التساؤلات هي:

إبان بدايات دخول الكورونا للسودان خلال شهر مارس، ظهرت أخبار تخص شأن الإقتصاد وهي تلك التي تحدثت عن حصاد القمح وتصدير الذهب وتشغيل مصنع ألبان بابنوسة لأول مرة منذ 24 عاماً. إلى أين سيتجه مسار الإقتصاد بهذه المعطيات بهد جائحة الكورونا؟

أما السؤال الثاني؛ العالم ما بعد الكورنا لن يصبح كما كن قبل الكورونا. الكثير من المقالات ووسائل الإعلام ناقشت التغيير القادم على المستوى الإقتصادي،

فيما يتعلق بالنظام العالمي وموازين القوة في العالم وشيكل المصالح المشتركة، ما هي القراءات لشكل المستقبل في العالم ما بعد الكورونا على المستوى الإقتصادي؟

وكان السؤال الثالث الذي يجمع بين قضيتي الخارج والداخل؛ من المفترض أن يكون السودان في بداية إنفتاح على العالم، أين سيكون موقع السودان في ظل التغييرات التي ستحدث؟

وزير الاقتصاد بحكومة الظل السيد مجاهد خلف الله

أول المجيبين على هذه الأسئلة هو السيد مجاهد خلف الله، الباحث في مجال الإقتصاد، وصاحب كتاب “دعهم يجوعوا” الذي ناقش أزمة الإقتصاد السوداني من منظور أكاديمي في هذا المجال، وهو حالياً وزير الإقتصاد في حكومة الظل في حزب بناء السودان.

وجميع المتابعين له من خلال كتاباته وظهوره في مختلف وسائل الإعلام، يعلمون ميوله للرأسمالية بشكل واضح وصارخ، ويرى بأن الدولة لا ينبغي لها التدخل في التحكم في الإقتصاد، وأن إقتصاد السوق الحر ينبغي أن يلعب دوره الكامل لإنعاش إقتصاد الدولة.

وفي معرض أجاباته على الأسئلة الثلاثة التي طُرِحت في هذا الحوار؛ أجاب على السؤال الأول قائلاً (إنه ينبغي لنا أن ننظر لشكل الإقتصاد منذ البداية قبل وصول جائحة الكورونا، وعلى أساس هذا النظر يتم التقييم للوضع الإقتصادي لمعرفة مدى تأثير الوباء).

السير في اتجاه الهاوية

وأردف قائلاً في وصف الوضع الإقتصادي في السودان (إن الأمر أشبه بسيارة تسير بسرعة، ليس في الإتجاه الخاطئ فسحب، بل إن هذه السيارة تسير في إتجاه الهاوية.

 هذه السيارة تسير في الإتجاه الخاطئ بسبب عواملها الداخلية، وتأثير الكورونا هو أشبه بتأثير الرياح التي تدفع السيارة في ذات الإتجاه. وإذا نجحنا في إيقاف هذا الوباء؛ فهو يماثل نجاح إيقاف تأثير الرياح على السيارة، ولكن السيارة نفسها تسير في الإتجاه الخاطئ).

وأتبع قائلاً في تفسير التشبيه الذي ضربه لوصف الحالة الإقتصادية في ظل دخول وباء الكورونا (إن الوباء قد يكون تأثيره على حرية الناس، متمثلاً في تحديد حركة المواطنين بحظر التجول.

 هذا الإجراء سيمنع المواطنين من إيجاد الخبز، ولكن سلفاً المواطن السوداني يكاد يجد الخبر بعد جهدٍ جهيد، ما يعني أن تأثير وباء الكورونا لن يزيد الأمر سوءً بالدرجة الكبيرة.

 لأن الحالة الإقتصادية الراهنة في الوقت الحالي هي أصلاً على درجة كبيرة من السوء، كأنما وجدت لوحة سوداء وقمت بوضع نقطة سوداء أوعدد من النقاط السوداء على هذه اللوحة).

وعن سبب إصراره بأن الإقتصاد السوداني يسير نحو كارثة؛ إجاب السيد مجاهد مفسراً برأيه في قرارات الحكومة الإنتقالية، قائلاً: (في رأيي إذا تم سؤالك عن سبب إنهيار الإقتصاد السوداني؛ فإن الإجابة الوحيدة والكافية هي التدخل الحكومي في السوق.

 إذ أن قرارات السيد رئيس مجلس الوزراء بخصوص حصاد القمح وشراءه من قِبل البنك المركزي والحديث عن تصدير الذهب لن يتسبب إلا في زيادة الأمور سوءً.

 إذ أن الحكومة بكل حسن نية تحاول أن تتدخل لتحديد الأسعار ومساعدة الفقراء في سبيل كبح جماح السوق ومواجهة التجار الجشعين.

 وهي الكارثة بعينها، إذ أنه من المفترض أن يمضي السوق الحر في طريق المنافسة بشكل أكبر بدلاً من أن تتدخل الدولة في تحديد الأسعار؛ خصوصاً إذ ما مضى السيد وزير التجارة والصناعة في تحديد أسعار السلع الأساسية؛ فإننا بالتأكيد سنمضي إلى الهاوية).

تغيرات في العالم …

أما بخصوص السؤال الثاني الذي يتحدث عن ما سيحدث في العالم من تغييرات بحسب التوقعات التي تحدثت عنها بعض المقالات، فأجاب قائلاً: (بحسب ما قرأت في بعض المقالات عن طبيعة هذه التغييرات التي تتحدث عن حدوث تغييرات بشكل كبير.

 هي وجهات نظر متطرفة أكثر والتي إتجهت إلى أن بعض الدول اضطرت للتدخل والتحكم في الإقتصاد وباعتبار أن هذه السياسة هي سياسة إشتراكية وأن هذه السياسة هي التي ستستمر. أريد أن أنفي أنه ستحدث تغييرات بشكل جذري).

وأتبع قائلاً: (أستبعد أن تحدث تغييرات كتلك التي تتحدث عن تدخل الدولة على الإقتصاد بشكل مباشر؛ والتي وصل عنها الحديث إلى درجة أن يحدث تأميم لبعض الشركات من قِبل بعض الحكومات، وهي آراء متطرفة.

والحديث عن التغييرات دائما تتعلق بالنظام الداخلي للدول، وذلك عندما يكون هنالك بالخلل في الداخل، وهي ما تعرف بالتناقضات الداخلية للمجتمع والتي تؤدي إلى تفككه، لكن التغيير لا يأتي بفعل عامل خارجي؛ مثل الكارثة التي يعاني منها العالم في الوقت الحالي التي لا تكون لك يد فيها).

وأردف في حديثه بضرب أمثلة تاريخية في بعض الكوارث التي ضربت بعض الشعوب بفعل عوامل خارجية؛ قائلاً (هنالك دول مثل فرنسا؛ تم إحتلالها مرتين في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.

 والتي راح ضحاياها ملايين الناس، ورغم هذه الكارثة التي جاءت من الخارج؛ لم تتغير تركيبة المجتمع وعلاقاته الإقتصادية).

العلاقات بين الدول

وعن التغيير على مستوى العلاقات بين الدول، أجاب قائلاً: (من الممكن أن تحدث تغييرات في علاقات الدول ببعضها البعض مثلما حدث بعد الحرب العالمية الثانية، بفرض شروط على بعض الدول بألا تمتلك جيوش ضخمة ولا أسلحة ثقيلة.

 ومن المتوقع أن تحدث تغييرات في علاقات الدول ببعضها بعد هذه الجائحة، ومن الممكن أن تلجأ الكثير من الدول إلى التشدد في التنقل من دولة إلى دولة.

 وبعضها قد تتشدد في دخول القادمين في المطارات بضرورة إجراء الفحوصات الطبية تحسباً لأي كارثة أخرى من الممكن أن تحدث، فبطبيعة الحال؛ فإن فيروس كورونا لن يكون هو الفيروس الأخير.

 كما من المتوقع أن تقوم الكثير من الحكومات بفرض قوانين تُلزم الجميع بالمساهمة في توفير إدخار مالي لصندوق مهمته هو مواجهة الكوارث، وذلك بسبب أن العديد من الدول وجدت صعوبة بالغة في مواجهة جائحة الكورونا).

وفي مجمل حديثه أردف السيد مجاهد بخلاصته عن الأمر: (إنه من المتوقع أن تكون هنالك تغييرات.

 لكنها ليست بالتغييرات الجذرية والجوهرية التي ستطرأ على كل العالم وعلى كل الأنظمة الاقتصادية.

 كما أنني لا أتفق مع وجهات النظر التي ترى بأن هنالك دول عظمى ستصعد على حساب دول عظمى أخرى في طريقها للهبوط، وفي الغالب ستكون غالب الأنظمة الإقتصادية تسير كما هي).

مستقبل السودان ..

وعن السؤال الأخير الذي تناول موقع السودان من الإعراب في المستقبل؛ يقول السيد مجاهد: (السودان لا في العير ولا في النفير، لا أرى السودان في الوقت الحالي منفتح على العالم.

 ففي حال أزدهر العالم وتطور، فإن التأثير سيكون ضئيل جداً على السودان، وإن إختفى العالم برمته بإن التأثير كذلك سيكون ضئيل جداً على السودان)

وأتبع قائلاً (لقد حدثت أزمات مالية في العالم؛ لم يكن لها التأثير على السودان. فنحن ما زالنا في مرحلة العزلة التي عانينها منها طيلة السنوات الماضية.

وعلاقات الدول بالسودان هي علاقات مِنح ومساعدات مقابل لا شيء، والفرق بين الماضي والحاضر؛ أن الدول التي كانت من المفترض أن تمنح السودان بعض المساعدات.

 الآن هي مشغولة بمواجهة الوباء، والحكومة الإنتقالية ما زالت متعثرة في تنفيذ الوعود التي تم اشتراطها للحصول على هذه المساعدات.

 وفي رأيي أن مشكلة السودان تتعلق بنظامه الداخلي وإصلاحاته الداخلية؛ والتي تحتاج لفترة ما بين 3 إلى 5 سنوات، ووقتها من الممكن أن نتحدث عن الإنفتاح على العالم الخارجي).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons