بدأت السلطات في الجزائر الإفراج عن معتقلين من الحراك الاحتجاجي الجمعة غداة إعلان الرئيس عبد المجيد تبون إصدار عفو عن عشرات منهم وقبل أيام من الذكرى الثانية لانطلاق التعبئة الشعبيّة الواسعة.
وأفرج عن 12 معتقلا منذ صباح الجمعة، وفق نشطاء حقوقيين.
وتجمّع منذ صباح الجمعة أمام سجن القليعة غرب البلاد نشطاء وصحافيون وعائلات في انتظار الإفراج عن معتقلين.
ولم تعرف بعد هوية من أفرج عنهم حتى الآن، لكن يوجد بين سجناء القليعة الصحافي خالد درارني الذي صار رمزا للنضال من أجل حرية الصحافة في الجزائر بعدما حكم عليه بالسجن لعامين في أيلول/سبتمبر.
ونشر الصحافي محمد سيدمو على فيسبوك صورة من أمام السجن وتعليقا مرافقا قال فيه “خلف هذا السياج ننتظر خالد وكلنا أمل”.
لكن أفاد محامون أنه من غير المؤكد أن العفو الرئاسي يشمل خالد درارني، مراسل تلفزيون “تي في 5 موند” الناطق بالفرنسية ومنظمة مراسلون بلا حدود.
وينتظر درارني قرار المحكمة العليا الذي يفترض أن يصدر في 25 شباط/فبراير حول مطلب نقض في الحكم الصادر بحقه.
في تصريح لفرانس برس، قال المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي إن “العفو لا يشمل إلا المحكومين نهائيا” في حين أنه “في كثير من القضايا، مثل قضية درارني و(المعارض) رشيد نكاز، لم يصدر بعد قرار نهائي”.
لكن من الممكن أن يفرج قاضي التحقيق أو دائرة الاتهام مؤقتا عن بعض المحتجزين غير المدانين بأحكام نهائية.
– “تغيير النظام” –
يشير الكاتب والإعلامي عابد شارف في مقال منشور على موقع “ميدل إيست آي” إلى أن “الإفراج عن غير المحكومين نهائيا يطرح مشكلة على المستوى القانوني بالنسبة للسلطة، إلا في حال الإقرار بوجود خلل في القضاء أو أن احتجازهم الاحترازي لم يكن قانونيا”.
وقال الرئيس عبد المجيد تبون في خطاب الخميس إن “بين 55 و60 فرداً، إن شاء الله سيلتحقون بعائلاتهم ابتداءً من هذه الليلة أو غداً”، في إشارة إلى المعتقلين الذين يشملهم العفو، دون ذكر اسم أي منهم.
ويوجد حالياً نحو 70 معتقلاً في الجزائر بتهم تتعلق باحتجاجات الحراك و/أو الحريات الفردية، وفقاً للجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.
وتأتي مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون بعيد عودته من رحلة استشفائية في ألمانيا وقبل أيام من الذكرى الثانية للحراك الذي انطلق في 22 شباط/فبراير 2019 وقاد لإزاحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من السلطة في نيسان/ابريل من العام نفسه.
تعطلت أغلب تظاهرات الحراك منذ آذار/مارس بسبب الأزمة الصحيّة، لكن نشطاءه يواصلون المطالبة بتفكيك “النظام” الحاكم منذ استقلال الجزائر عام 1962.
وتوجد على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتظاهر في أنحاء البلاد الاثنين.
– “تسليط ضغط” –
نُشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن الجمعة، يوم خروج تظاهرات الحراك في العادة، وسط العاصمة وخاصة في محيط “ساحة البريد المركزي” حيث يتجمّع المتظاهرون.
ويعتبر بوشاشي أن “الجزائريين سيواصلون التظاهر سلميا لتسليط ضغط على النظام لإحلال تغيير حقيقي”.
وتجمع آلاف الجزائريين الثلاثاء في خراطة (شرق) التي تعتبر مهد الحراك الاحتجاجي، ونادوا بشعارات تدعو إلى “إسقاط النظام” و”الإفراج عن معتقلي الرأي”.
من جهته، أسف نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي لأنه “باستثناء الإفراج عن المعتقلين (…)، يواصل تبون تطبيق خريطة الطريق التي وضعها والالتزام ببرنامجه للتوجه إلى تنظيم انتخابات تشريعية لإنهاء الحراك”.
وأعلن تبون في خطابه نيته حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة بحلول نهاية العام، لكنه لم يحدد موعدا لها.
وشدد صالحي أن “الديموقراطية لا تتلخص في الانتخابات، بل تشمل ممارسة الحريات الديموقراطية”، وأضاف أن “الحراك يطالب بتغيير النظام عبر مسار ديموقراطي حقيقي ومفتوح”.
كما صرح الرئيس الجزائري أنه سيجري تعديلا وزاريا “في غضون 48 ساعة كحدّ أقصى”، لمواجهة الأزمة السياسية والاقتصادية والصحية.
ويعتبر عابد شارف أنه “عبر فتح آفاق الانتخابات والمشاركة في الحياة السياسية، يأمل الرئيس في تغيير الوضع وإعادة الحياة السياسية إلى المؤسسات لإخراجها بشكل دائم من الشارع”.