السودان يتخلي عن تطبيق الشريعة الأسلامية ويتحول إلى دولة علمانية

وقعت الحكومة السودانية، وثيقة يعدها البعض بمثابة التخلى عن تطبيق الشريعة الأسلامية وتمهد الطريق أمام إبرام اتفاق نهائي للسلام من خلال ضمان حرية العبادة للجميع وفصل الدين عن الدولة، مع جماعة متمردة رئيسية.

ويعد هذا التوقيع خطوة مهمة في الجهود التي تبذلها حكومة تقاسم السلطة برئاسة عبد الفتاح البرهان، للتوصل لاتفاقات مع الجماعات المتمردة في أنحاء البلاد، وإنهاء صراعات مستمرة منذ عشرات السنين أدت إلى تشريد الملايين وسقوط مئات الآلاف من القتلى، بحسب “رويتر

ونص الإعلان الموقع على التوصل إلى حل سياسي وإقرار الحكم الفيدرالي وتأسيس دولة مدنية تضمن الهوية الدينية عن الدولة وتكوين جيش واحد بنهاية فترة الانتقال.

الشريعة والحركة الشعبية شمال:

ووقعت الحكومة السودانية العام الماضي اتفاق سلام مع جماعات كثيرة من بينها جماعات من إقليم دارفور غرب البلاد، لكن جماعة تمرد رئيسية، وهي الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، لم تنضم لاتفاق العام الماضي.

وطالبت الجماعة بتخلى السودان عن تطبيق الشريعة في السياسة وأن تصبح دولة علمانية ديمقراطية. ويعني توقيع “إعلان المبادئ” اليوم، في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، بين الخرطوم والحركة أن محادثات التوصل لاتفاق نهائي يمكن أن تبدأ الآن.

تصريحات البرهان والحلو:

ووقع البرهان وقائد الحركة الشعبية -شمال عبد العزيز الحلو، على اعلان المبادئ المكون من 7 بنود لينخرطا على أساسه في مفاوضات بوساطة جنوب السودان.

وأكد رئيس مجلس السيادة على ان توقيع اعلان المبادئ يمثل بداية حقيقية لحكومة الفترة الانتقالية للوصول الى تغيير حقيقي يقود الى سلام عادل ومنصف ويصنع دولة المواطنة والحرية والعدالة وهي الشعارات التي رفعها الثوار ولا تنفصل عن تلك التي نادت بها.

وشدد البرهان على أن حكومة الفترة الانتقالية مصممة على انجاز التغيير الذي يرتضيه الجميع وضحي من أجله الشعب السوداني وحتي الذين حملوا السلاح والذين يحلمون بالحياة الكريمة. وتعهد بتأسيس سودان العدالة والمساواة للشعب السوداني والأجيال القادمة، موضحا بأن السودان الذي سيتم بناءه يجب أن يفخر به كل السودانيين بوطن لا تمييز فيه بين شمال أو جنوب أو دين أو عرق.

بدوره قال عبد العزيز الحلو في كلمته عقب الاتفاق ان التوقيع من شأنه التمهيد لمفاوضات أوسع ترمي لترجمة المبادئ المتفق عليها الى نصوص وببنود تضمن دوران عجلة التغيير في البلاد واستمرار جهود الإصلاح للانتقال من الشمولية الى رحاب الديموقراطية والحريات واحترام حقوق الانسان في البلاد.

وابدى الحلو املا في ان يضع المفاوضون مصلحة الوطن نصب اعينهم بدلا عن التنافس والتبارز فيما لا طائل منه.

وأثنى زعيم الحركة على ما قال إنها “خطوة جريئة” من البرهان بتوقيعه على الإعلان الذي يعد اختراقاً هاماً في مسيرة العملية التفاوضية قد تؤدي الى تحقيق سلام دائم ووحدة عادلة.

ردود أفعال سودانية:

وجد توقيع إعلان المبادئ بين السودان والحركة الشعبية -شمال، تأييداً واسعاً في الأوساط السياسية السودانية والحركات المسلحة، بينما اثنى زعيم الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو على شجاعة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لتوقيعه الإعلان.

وعدَ مجلس وزراء الحكومة السودانية توقيع الإعلان بادرة شجاعة و”دليل على توفر الإرادة الصلة لدي السودانيين – مدنيين وعسكريين – لاستكمال السلام”.

وأعلن مجلس الوزراء عن حرصه لـ”تتصل الجهود وتستمر وصولا لاتفاق سلام شامل عادل لا يستثني أحدًا، ويكون أساسًا للتوافق على مشروع وطني”.

وفي السياق نفسه، وصف عضو مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الهادي إدريس، اتفاق جوبا لسلام السودان بأنه “اتفاق قومي عالج التهميش والتخلف” في بلاده، وجاء هذا أمس السبت، في كلمته أمام لقاء الإدارة الأهلية وقوى الحرية والتغيير بمدينة شندي.

وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير إن توقيع إعلان المبادئ خطوة كبيرة، مبديًا أمله في بداية فورية لعملية التفاوض.

ورحب نائب رئيس الحركة الشعبية – الجبهة الثورية، ياسر عرمان، بتوقيع إعلان المبادئ، معتبرًا الخطوة بمثابة تعزيز لعملية السلام.

واعتبر حزب الامة بقيادة مبارك الفاضل التوقيع على اعلان المبادئ ” خطوة في الاتجاه الصحيح لطي صفحة الحرب والاقتتال”.

ورحب المتحدث باسم حركة العدل والمساواة قيادة بخيت دبجو، باعلان المبادئ بين الحلو والحكومة السودانية. وقال محمد جابر عبد الله في تصريح صحفي إن التوقيع يمثل خطوة شجاعة في الاتجاه الصحيح لتعزيز السلام والاستقرار المستدام. وحث الحكومة على بذل الجهود لإلحاق حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد النور بطاولة التفاوض.